Monday, December 22, 2008
عن المنتظر
Friday, November 28, 2008
عن الأصول
Tuesday, November 18, 2008
عن حسينهم
قالوا
Wednesday, October 29, 2008
عن الواطي
تحذير: هذه القصة الصغننة كتبتها في أجواء انتظاري لنتيجة سبتمبر بالكلية .. يعني قصة مش لطيفة
*
قبل أن التقط أنفاسي و أستعيد مجال بصري الذي انحشر في أديم الأسفلت .. تملكتني رغبة شديدة في النهوض و نهر الرجل و رميه بكل الشتائم التي حصلتها من طيلة مكوثي على نواصي الشوارع و كراسي المقاهي .. توجت عزيمتي بحركة من يدي أدفع بها الأرض لأقوم .. لم أتأثر بالخبطة على ما يبدو .. لا أشعر بألم و لم يتخلل رأسي أي صداع أو ما دون ذلك .. و لكني تمهلت في القيام للحذر ..
الشارع بدأ مروره يتعطل .. كلاكسات السيارات لا ترحم أذني الشاكية .. لا يري أي من السائقين المسجي على الأرض .. سأقوم .. و سأغلظ الرجل و أعنفه .. و لا أستبعد لطمه أو ضربه أو صفعه .. سأبدد كرامته .. و أنهي احترامه على يد قيضتي .. سيندم على أنه اصطدم بي .. سأضع حدا للكوسة التي سمحت له بنيل رخصة مرور .. قد اتصل بصديق له قريب يعمل وكيل نيابة .. سأذيقه بأسي بما فعل بي ..
الرجل ترجل من سيارته و ملامح الفزع تمرح في وجهه .. نعم نعم .. افزع و خاف .. قد يخفف هذا من تصرفاتي .. حاول أن تتفوه بكلمة لتدافع عن نفسك بها .. سأتذكرها و أندد بها .. الشارع بالفعل توقف .. و سيشاهد الكل صوتي الصادح عندما يعلو..
اقترب سائق الميكروباص الذي أثاره الانتظار في شارع رئيسي فهبط و سار يستطلع سبب توقف الطريق الذي يشتهي القيادة فيه بسرعة عالية و ظهر من خلفي شاب بيديه سيجارة في أولها أشعلها لعلمه بالأحداث التي ستطول .. و دنا منا بواب عمارة قريبة يتفحص السيارات و الناس الملمومة خشية أن يكون أحدهم من ساكني عمارته و ربض عند أول سيارتي طفلان يلوكون بأسنانهم ما غنموه من كشك قريب .. و بالصدفة توقفت بجانبنا شابة مظهرها مريب كانت تتابعها سيارة و آثرت الفرجة على الاستجابة لرزقها .. و من كافيه على ناصية الشارع التالي حضر رجل بملابس براقة تشي بدوره الاداري في الكافيه و لعله يتخوف على المشيشين تعكير صفو دخانهم ازاء الضوضاء التي استحدثتها .. و الكلاكسات لا ترحم أذني الشاكية ..
بدأت أستوضح مظهر الرجل الذي تسبب في القائي على الأرض ذات الزلط .. رجل أنيق .. بنطلون جبردين بيج .. و قميص أزرق مقلم أبيض بياقة مكوية بعناية .. و نظارة سميكة قليلا .. شعر لم تزايله الحناء .. بدين بغير افراط .. تبرز من جيب قميصه أقلام متعددة .. مازال مرتاعا .. ترتعش أصابعه فوق موبايله يحاول العثور على نمرة ما .. بدأت الكلاكسات تسكن .. و بدأت أذني تهدأ .. و حاولت استجماع توازني لأنهض من هذه الرقدة البغيضة .. لن تنسي خدوده الممتلئة شكل أصابعي..
دراجة انبرت من شارع جانبي قريب .. فتي يحمل ملابس داخل كيس و يمسك بشماعة تحمل فستانا أسودا مكيسا هو الآخر .. أجل الفتي مشاريع تسليم الملابس و استقر مع المتفرجين و سارع بسؤال عما حدث ..
طارق في الجيم .. سامي في المقهي .. عادل يعود من عمله الآن .. كريم منكب على شاشته المزودة بالنت فائق السرعة يبحر في صفحات النت .. محمود يشرب بيبسي عند كشكه المفضل مع سيجارة .. محمد ينتظرني عند مؤمن .. أحمد و رامي يشغلان فراغهما بالكروزة في سيارة أحمد .. أيمن منخرط في بولة استميشن .. أدهم يداعب ظهر فتاة ما في كافيه رخيص رغم أنف العاملين .. علاء يحرز أهدافا بتهديد جسمه المفتول في ملعب ما .. مصطفي يبتز صاحب عربة كبدة و يلتهم ما شاء عنوة .. أمير يعبق رئتيه بجوان حشيش .. صابر يجهد عقله في كورس أوفيس في سنتر قريب .. رضا يرطن الألمانية في سنتر قريب أيضا .. الجميع على أهبة الاستعداد للترخيم على خلق الله ..
توازني مفقود .. و يدي التي ظننت أنها كل ما أحتاج لأنهض تعبت .. وبدأ ألم من بعيد يزحف على فخذي ..
علاء ابن عمه وكيل نيابة .. رامي ابن خاله صديق حميم لأمين شرطة .. كريم أخوه وكيل نيابة مرورية .. أدهم أخوه الأكبر بلطجي عتيد .. رضا ينحد من عائلة كلها تملك سيارات ذات ألواح خضراء .. صابر معه جنسية أمريكية .. أيمن شاب لين لن يقدم أو يؤخر ..
الواطي الذي أرداني أرضا عليه أن يتحلل من أي ارتباط اليوم .. حتي نستقر على طريقة لاهانته كما ينبغي ..
أصحاب المحلات القريبة انسلوا من فاتريناتهم و خلفوا زبائن سرعان ما شاركوهم الوقفة الي جانبنا .. محل كاوتش سيارات و معرض سيراميك و محل بقالة و فرع لاحدي البنوك و فطاطري ..
يدي بدأت تسخن و الزلط بدأ يدفع الجلد .. حررت قبضتي من الأرض .. و استندت بذراعي .. فانخفضت أكثر .. و الرجل الأنيق بدأ يلهث صوته في موبايله مستغيثا .. الصداع نزل برأسي .. و النمل بدأ يذرع قدمي جيئة و ذهابا .. تحسست جيبي الأيمن بساعدي الكليل .. اتصلت بمحمود .. وجدت صعوبة بالغة في اخراج صوتي .. انقطع أول اتصال دون أن أنطق حرفا .. ثقلت رأسي .. و الغضب بداخلي يشتد و الحنق يتصاعد تجاه الواطي الذي تسبب في هذا كله ..
اتصل محمود ليستفهم عن سكوتي الغامض .. أغمضت عيني و ركزت كل ما أملك من طاقة لأخبره عن مكاني و موقفي .. شتم و توعد و حلف ليأتي بكل من يقابله في الطريق .. هو الأسرع لأنه يملك موتوسيكل ..
أول خيوط الحكاية سأل عنها البواب المعمم .. توجه الي الرجل الأنيق و
"ايه اللي حصل"
"فتح الباب فجأة و نزل .. ملحقتش أفرمل .. ده شارع عمومي"
لا تحاول التبرير يا واطي .. تمنيت لو جهرت بها و شق صوتي العمائر السكنية المحيطة لتخرج من النوافذ الرؤوس لتشهد على ما سيحل على الواطي
ازداد المارة و معهم لغطهم و همساتهم .. أذني صارت تنجرح من أقل صوت .. بدلت ذراعي بساعدي لأن الزلط انغرز فيهم .. قمت مجددا بمحاولة للنهوض .. أخفقت مجددا .. اندفع الشاب المدخن ليعاونني على القيام .. بصقت ناحيته .. فتراجع مستهزئا .. البواب الآن ينثر ما سمعه لأذن بجانبه للتولي الألسن مداولة الحكاية .. سائق الميكروباص اقترب مني و سأل عما يؤلمني .. تمتمت بعبارات غير مفهومة قصدت بها شتمه و الواطي .. شعرت بأنسجة رجلي و كأنها تحترق .. و كون المارة المزدحمين من حولي غمامة ظل أرقد بداخلها .. و أفواههم التي تتنبأ و تخمن تؤلم أذني الشاكية ..
حضر من بعيد رجل آخر أنيق وقف بمحاذاة الواطي .. تبادلا كلمتان قصيرتان ثم هم بمساعدتي على الوقوف .. رميته بنظرة غضبي .. و لساني الذي ارتخي داخل فمي خذلني في شتمه .. رأسي يدور .. و أذناي تصفران و رجلي تدور فيها معركة بالسيوف ..
أزيز الموتوسيكل يعلو شيئا فشيئا .. حتي وصل الي جانبي .. تذكرت أن السيارة بابها مفتوح .. و أن نظري لا يصل اليها .. بداخلها اللاب توب .. هبط محمود و وضع يده على كتفي و سألني أين هو .. أشرت بعيني التي تكافح الاغماض .. هش بيده من حوله حتي مثل أمام الأنيق و استفتح بشخرة عقدت الألسن .. تلا على الأنيقين سيل من الشتائم الممتزجة بالوعيد و الهلاك .. لم ينطقا .. الأنيق الثاني سحب موبايله من جيبه و ابتعد متصلا .. محمود اتصل هو الآخر بكل الآخرين و فمه لا ينقطع عن السباب ..
رجلي استعارت من الجحيم اللهيب و أذني من الرياح صفيرها
تدخل البواب لتهدئة محمود .. شوح بيده مهددا و رماه بألفاظ أسكتته .. خرجت الرؤوس من النوافذ المحيطة .. و ازداد المارة .. و حاول سائق الميكروباص أن يلفت نظر محمود الي رقدتي و اعيائي .. دفعه محمود بقوة و تعامل صباعه الأوسط معه فسكت ..
محمود يهتف في موبايله .. الأنيق الثاني يتكلم في هدوء من موبايله .. المكوجي ينظر للساعة و ينصرف و دراجته .. رجلان يقفان مع البواب يحكي لهما عما حدث .. الفتاة تتابع في هدوء .. الرجل ذو الملابس البراقة يتوجه للأنيق و يتحادثان .. رجلي تشوي على نار غير مرئية .. و أذني تشيع في رأسي صفير لا متناهي ..
وصل الأصدقاء .. لم أتبين على وجه الدقة من جاء و من لم يأت .. و لكنهم وفرة .. عاد الأنيق الثاني الي دائرة الحادث و معه الرجل البراق .. على مسافة قريبة .. سنتر ثانوية عامة فرغ لتوه من درس ما .. فانسل من بابه عدد غفير من الشباب .. حثوا خطاهم الي دائرتنا .. جمع من الصبية و الصبايا .. مد أحد أصدقائي يده داخل سيارتي و جذب عصا الكوريك من أسفل و ركض الي الأنيق الأول .. حبس الكل أنفاسه .. على مبعدة شباب من عمارة سكنية هبطوا لينضموا الي دائرتنا .. رجلي سيطر عليها وهن .. و أذني احتلتها أصوات حادة .. عيني التي تحاول أن تستسلم لمحت العصا تهبط على رأس الأنيق الأول .. تشتت الجمع .. فوضي عارمة .. جري البعض فوقي .. و أنات الألم لا تصل الي حلقي .. البنات صرخن .. الفتاة تبسمت .. البواب ذهب يجلب عصا مقشة .. الرجل البراق هم باللوذ بالكافيه .. سائق الميكروباص يحاول ابعاد صديقي عن مرمي الأنيق .. الأنيق الآخر غرق في ذهوله .. يبدو أن المكوجي لم يبتعد اذ عاد ليقف على مقربة من الرأس الدامية .. شباب الثانوية العامة ألقوا سجائرهم أرضا و فروا عائدين الي السنتر .. كل من ترجل عن سيارته عاد اليها و اهتدي العقل الجمعي الي الرجوع و الانصراف عن الشارع برمته .. أسقط أحد اصدقائي الأنيقين .. نطوا فوقهما .. عملت الأيدي ذات الخواتم و العارية في الوجوه .. الصوات يتطاير من النوافذ .. البواب هوي بعصا المقشة فوق أحد اللاكمين .. باغته صديق آخر من الخلف .. رجلي تتداعي أنسجتها و رأسي باتت خلية نحل ..
بسرعة خلا الشارع الا منا .. و بسرعة أيضا ظهر ميكروباص نزل منه شباب ما ان رأو الأنيقين ممدين تكال اليهم الضربات حتي لمعت أنصالهم متفاوتة الأحجام و امتلأ الأفق بالأحزمة .. سقط قلبي في صدري .. بعض الأصدقاء هربوا بسياراتهم أو هرولة .. الشباب تناولوا أصدقائي و لعبت الأنصال في وجوههم .. استحالت وجوههم خطوط حمراء قانية .. حاولت الكلام .. فتحت فمي .. راق لحمامة طائرة أن تشخ فسقطت شختها داخل فمي .. استنفر حلقي و لم يجد فكاكا من ابتلاع ما دهمها .. حاولت الصراخ .. لم أستطع .. شعرت بطعم مالح مقزز في معدتي .. تقيأت ما في بطني .. صوات نساء اختلط بصياح أصدقائي .. الزلط شقق ساعدي .. لم أعد أشعر برجلي و أذني بداخلها زفة مدوية .. الواطي سيشمت في ..
*
لمن قرأ و لم يستمع للتحذير .. أقول معلش .. حالتي النفسوية كانت مش ولا بد
بس على فكرة .. الحمد لله نجحت
اللهم دمها نعمة و احفظها من الزوال
قالوا
Friday, September 26, 2008
عن يوم
بدأ يومي الذي أروم حكيه لغرابته و امتلاءه بأحداث في تقديري متعبة من بعد صلاة المغرب بحوالي ربع ساعة .. الصحيان وخري ليس مشكلة في حد ذاته .. المشكلة لا تقع عندي .. بل تقع على بعد كيلو مترات من بيتي .. العزومة التي دعيت اليها .. العزوووومة .. المشكلة أن هذا الصديق العازم من أعز الأصحاب .. و له من الأعزاء كثر .. و لقد بارك الله في شهيتهم .. أنا أدري استعداد بطونهم .. و أوقن أن آداب الولائم تنقصهم .. متأكد من أن أحد منهم لن يتواني عن الفتك بالشوربة و التربص بصينية المحشي و أن الطيور التي قدر لها أن تنتهي على سفرة الصديق لن تنجو من براثنهم و أشواكهم .. رفعت رأسي فوجدت الدنيا شبه مظلمة .. تبرمت .. و طار فكري الي العزومة .. و عاد مسرعا عندما قرأت على الموبايل عدد ميسداته و وجدته مازال يتصل .. استندهشت .. ألا سحقا للنسيان الذي يلازمني .. الموبايل يهتز فقط .. و الله لو رج السرير رجا لما استيقظت .. انني أغيبب لا أنام .. و ما يفرض على مفارقة عالم الأحلام هو الضوضاء المتواصلة لمدة لا تقل عن ربع ساعة .. رددت على الصديق .. و قبل أي كلام صحت "ماليش دعوة أنا جي" .. صاح بدوره "طب انجز" .. طبعا لأنني شخص حالم ليس لي علاقة بأرض الواقع الا لماما .. ترقبت لرؤية مشهد وصولي لبيته و الأكل لم يمس و حلة الشوربة لم تتسرب من غطاها ذرة بخار واحدة و الكل يفتح ذراعه و يطمئنني أننا كدنا نوقف الساعة من أجلك .. ولكن هيهات .. مبدئيا عندما وصلت الي بيته .. كانت عمارته من أحد هذه العمائر التي يغلق بابها من الداخل و لايفتح الا من الداخل برضه .. أو بالانتركم .. و حالفني الحظ و كان الانتركم بااايظ .. فاتصلت بالصديق (والحمد لله أن الرصيد كان يتحمل) و أمرته أن يرسل لي شاب ابن حلال يفتح لي الباب .. فأغلق الخط و انتظرت .. و انتظرت .. البهوات كانوا يلقوب بالعبء من واحد لآخر .. حتي ترأف أحدهم بحالي و نزل ليفتح لي .. و عندما هممت بمصافحته مد لي معصمه لا كفه .. اللعنة شت .. انهم يلوكون الأطباق اذا .. و صعدنا بالأسانسير و قلبي يهبط .. دخلت وكان ما لا رسمته .. سفرة ممتلئة .. بالأطباق الخااالية .. و الضحايا من العظام و القشور متكومة أمام كل طبق .. و كل كوب يحمل قطرة أو اثنين .. جلست عند السفرة و الباقي كانوا في الصالة في انتظار الشاي لغرض الحبس .. و عيناي تذرع السفرة في حسرة عن أي ورك أو حتة دهن أو فص ليمون أو كوب نسي أحدهم أن يكرعه للنهاية .. و لكن .. حتي أتي الصديق من المطبخ حاملا صينية لازانيا بها ما يكفيني و ورك يكفيني و ما استطاع اقتناصه من محشي الفلفل من أمام الجمع الضاري .. شكرت له و انهلت آكلا على ما أمامي و الحمد لله لحقت الحلو من أوله
*
انتهيت من الافطار و توجهت مع بعض من الأصدقاء الي القهوة (المقهي يعني) لأطلب طلباتي المقدسة و نويت أن أنفض للتراويح لأن وقت العزومة التهم جزء كبير من الوقت .. و نويت أن أتهجد تعويضا .. صلاة الليل هي ما يميز رمضان مصرنا .. فتناولت طلباتي في راحة و هدوء محاطا بأصدقاء أعزاء في موود جيد .. و انقضي الوقت في مرح .. و قررت أن أكلم ابن عمي (يسكن في الدقي و أسكن في المعادي) لنصلي معا التهجد في جامع من اختياره .. و ألفيته مخنوقا جدا .. فألححت عليه حتو وافق على مضض و عشان خاطري و الكلام الحمضان ده .. و توجهت الي سيارتي الأكسنت التي آلت إلي بعد أن استخدمها أبي أول ما جاءت ثم قادتها أختي الكبيرة منذ سفر للمملكة حتي حصلت عليها بعد زواجها .. رجعت للبيت لأتجهز لليلة حامية من العبادة و الدعاء .. و عندما نزلت للسيارة مرة أخري موليا وجهي شطر الدقي تذكرت أن أصدقاء من الكلية كانوا قد ألحوا على بشدة أن ألتقي بهم اذ سيتجمعون في قهوة البورصة بوسط البلد .. و فيهم من لم آراهم منذ فترة (لم نكن كلنا من كلية واحدة .. بعضنا حول .. و آخرين في قسم مختلف في مكان مختلف عن كليتي) فرغبت أن أقابلهم و لو في السرييع .. أحتسي معهم قهواية واحدة و أنصرف .. فكلمت ابن عمي و أخبرته اني سأتأخر ربع ساعة و أن عليه أن يسبقني و أنا حاحصله .. فسخط و هرب منه صبره فنهرني حتي هداته و وعدته أني قادم لا محالة و أني لم ألح عليه لأبيعه في الآخر .. فصدق على مضض المضض و شعرت أني لو كنت أمامه لقذف بموبايله على نضارتي و لو لم تتهشم لقذفه مرة أخري .. ركبت سيارتي و انطلق الي الأوتوستراد .. السلوي أجدها في نجوم اف ام .. كريم الحميدي هذا مذيع جامد فشششخ .. أذاع أغنية "نسيني بيك" لأصالة و أنا أعشق هذه الأغنية ثم ختم برنامجه و ديدنه أن يختم بفيروز فكان أن ختم بـ"هدير البوسطة" .. و اذا تغاضينا عن حبي المنهمر لأغاني فيروز (التي تولاها زياد) فلن نستطيع أن نتغاضي عن حبي للبوسطة .. الطريق كان حلو .. القصر العيني لم يكن مزدحما .. الناس كانوا متعاونين .. أنا لا أفقه شيئا عن مقاهي وسط البلد .. فزنقت معظم المارة .. أسألهم عن وزارة الأوقاف تارة و عن قهوة البورصة تارة .. حتي عثرت عليها و صحبني صديق الي الطاولة التي تجمع حولها الناس .. و دار الحديث و تبادلنا الأخبار وشربت قهوتي في عجالة (و أحب أن أشيد بأن النادل على عكس ما توقعت أحضر لي كوب من المياه الساقعة عقب انتهائي من القهوة مباشرة و هو أمر لم أنتظره بتاتا .. بل قلت له عاوز كوباية مية و النبي و من داخلي أجزم أن الحلاقة هي مصيري) و انصرفت و وجهت سيارتي الي كوبري ستة أكتوبر المجيد و لزمت الحارة الشمال لأني قررت أنه لا فكاك من السرعة العالية اذا أردت ألا يستاء ابن العم و هو عزيز على .. حتي وصلت عند الوصلة المعلقة من الكوبري .. و انتهت السرعة و استراحت دواسة البنزية من قدمي الضاغطة كالمحموم .. الكوبري واقف و على مد البصر نقط حمراء كثييييرة .. اذا انها لن تفرج في القريب العاجل .. فلنصير قليلا .. و صبرت .. كتيير .. و السيارات تتحرك سنتيمترا و تعود للسكون .. و في رأسي يدور مشهد ابن عمي و هو يستمع الي و أنا أحكي له هذا الموقف و أراه يضحك و يجلجل معلقا ايه النحس ده .. يبدو أن حادث عطل سيعطل السير لوقت كثير .. و لكن مهلا .. هناك "بووووم" صوت مدوي لانفجارة صغننة .. و لكن مهلا مهلا .. انها من سيارتي .. غريب .. لم أشعر بخبطة من الخلف و لا من الجنب .. و بيني و بين السيارة التي أمامي مسافة طيبة .. و لكن تلاتة مهلا .. هناك طبقة من البخار الكثيف زحفت من خلف السيارة و حامت حول السيارة و تمركزت في أفقي قليلا ثم انقشعت مخلفة زجاج يشكو السخونة .. سـ أ تـ فـ جـ ر .. السيارة سوف تنفجر و أصير شتات .. على فكرة ماخفتش .. أنا بس تنحت في بلادة .. و فتحت الباب مسرعا و نزلت لأن لا فرار من أن هذه الجلبة أنا سببها .. أحطت السيارة بنظري .. هناك سائل اندلق على الأرض و اتخذ لون بني و رائحة الأسفلت الساخنة .. الحق أني ارتعت .. سحقا تبا .. من الذي سيرزح تحت لوم الأب و زعيقه و استراتيجيات الحرمان .. السيارات العابرة من جانبي لأنها تسير ببطء أساسا تبرع كل منهم بتحليل للموقف .. و أعجبني من قال أن الفريون فرقع .. لأن هذه أهون مثلا من تحطم الموتور عن طريق انفجار زيته .. و تطوع كام واحد بمنتهي الصدق و عرضوا على المساعدة .. و لكني أبيت .. لا لأني على ما يرام .. و لكن لأني لا أدري حقا ما حدث .. و لا أعلم ما انفجر لأشرع في معاينته و تصليحه .. فركبتني اللهوجة .. و أنا أساسا من النوع الذي يتشتت من الزحام .. فـ :) .. مكثت دقائق أحدق في السائل الذي عجزت عن الانحناء و شمه أو لمسه للتعرف عن طريق لزوجته ما هو .. حتي هداني الهادي الي الاتصال بصديق عزيز صاحب سيارة 128 (غني عن الايضاح أن أي مالك لسيارة 128 = محترف في صيانة السيارات) فسردت له الوقائع كاملة .. و اتبعت معه (ربنا يخليلي فودافون) عبر أمواج الموبايل ما جعلنا نستنتج أنه حقا تسرب للفريون تحت ضغط ناتج من السخونة الغامضة .. الحادث الذي عطل السير يبدو أنه ضخم و مروع .. اذ وجدت أن السيارات التي كانت بجانبي مرت في تباطئها و لكن لم أري أي سيارة تقبل من الخلف .. كأنهم منعوا الناس عن الطريق .. فصرت أنا وحدي على كوبري 6 أكتوبر .. والله وحدي .. فأتيحت لي الفرصة اذا أن أهدأ و أتروي .. تأكدت من أن مؤشر الحرارة نائم على الجنب المريح و أن مؤشر البنزين ثابت و لا يشي بأي تسرب .. رمقت ساعتي .. و حدست أني لن ألحق بالمسجد الذي اقترحه على ابن عمي خاصة اني أتوه لفترة وجيزة قبل أن أبلغ مكان لم أعرج عليه من قبل .. فقررت أن أصلي على الكوبري .. أيون على أسفلت الكوبري .. بالتحديد على فرشة من السيارة فوق أسفلت الكوبري .. ألا ان صلاة الليل ليس بضروري أن تكون في جامع بمئذنة و جماعة و امام يرتل .. و كنت لحسن الحظ متوضأ .. فركعت اثنتان و سلمت و قمت لأمضي .. و الكوبري مازال فارغ و المؤشرات مطمئنة .. مشيت السيارة قليلا و عبرت الحادث .. وقد كان بالفعل مؤسف .. سيارة ربعها الأمامي غائب و سيارة اسعاف تتعاطي مع المصاب .. حتي رأيت سيارة فولكس .. فتوقفت لأساعد و لأرد الجميل لايجيبت .. و تبينت أن أزمتهم سببها نفاد البنزين لديهم فعرضت عليهم أن يركب أحدهم - كانوا ثلاثة - معي و أنزله ليحضر بنزين و ليعود هو في تاكسي .. فوافقوا .. و دورت العربية يا معلم .. و اذا بمؤشر الحرارة يلمس الطرف الأخير الذي يخطر بأن السيارة كالقدر الذي يغلي .. فاعتذرت للشاب و تفهم و نزل .. و أصبحنا سيارتين وحيدتين على كوبري أكتوبر يقفون بجوار حادث أليم .. بيد أن مشكلتي كانت ميسورة نسبيا .. أنا معي زجاجتين ماء صغيرتين أحتفظ بهم في شنطة العربية (عيييييييب عليييييك) و بهدوئي الذي استعدته و مكالمة لصديقي المحترف اتفقنا على أن الرادياتير انخرم منفجرا مسربا كل الماء المسئول عن تبريد السيارة .. وأنني على الانتظار حتي تعود الحرارة الي الطبيعي ثم أملأ الرادياتير ماء و اتكل على الله أروح .. فانتظرت .. و في هذه الأثناء وقفت عربة الونش لتعزم على بأي خدمة ثم سيارة الاسعاف تحلف بالله مش عايز حاجة و أنا أشعر بالخزي كلما كررت أن الموضوع بسيط .. سخنت و مستنيها تبرد .. و جاءت سيارة حكومة تحمل رتبة ما و توقف أمامنا بعد لحظات و قال بكل العطف ايه اللي حصل .. فهمت أنه يظنني أنني الحادث المروع .. قلت له لا أنا مش الحادثة .. و يبدو أنا الناس اتصلوا بأكثر من جهة و أكثر من قسم .. المهم .. نزل شاب الفولكس معهم ليحضر بنزينا و أنا طمأنته و العار يملأني أن العربية سخنت و مستنيها تبرد ..
قلت بقه أكلم ابن عمي .. و تصورته مقهقها من الأحداث العجيبة متندرا بالمواقف التي أقع فيها و أفشل في علاجها .. فأخرجت الموبايل و طلبته و لم يرد .. طلبت شخص آخر يعرفه و يعرفني و يصلي مع ابن عمي .. حكيت له مختصرا و قال أن الصلاة خلصت .. و اعتذرت و انتهي الموضوع .. فوجئت بابن عمي يطلبني على موبايلي و هو متنرفز و دار حوار بيننا على شفا الخناق .. لامني على تغيير يومه من أجلي و عدم ظهوري .. لمته على فهمه الذي لم أقتنع به .. حتي أنهينا اللوم و استفسر عن مكاني و أغلق الخط وهو يقول أنا حجيبلك السحور و جي .. حاولت أن أثنيه .. التوتر بيننا مرتفع و اذا جاء و فتحت السيرة لن نهدأ و ستكون مشاجرة سخيفة العواقب .. و لكنه صمم .. و جاء بالفعل .. و قدم لي سندويتشين من جاد و زجاجة مياه و أعاد سؤاله على مطمئنا .. و اعتذرت له مجددا .. احنا في العشرة الأواخر برضه .. و الحمد لله هدأ هو الآخر .. لم تصفي الأنفس بالكامل ولكن على الأقل امتنع كلانا عن التمادي في الخناق .. هو وجعني لعدم تفهمه و اتهامي .. و أنا على ما يبدو وجعته لأنه كان يخطط لطرق أخري لقضاء ليله و قد بدله خصيصا من أجلي ثم لم أحضر .. ابتلاءات يا عزيزي .. ابتلاءات في العشر الأواخر خير
*
الرادياتير بالفعل انخرم .. أي انني سأقود لمسافة بسيطة .. ستسخن .. سأقف .. سأملأ .. سأركب .. سأقود لمسافة بسيطة .. ستسخن .. الخ و الخ و كمان الخ .. اذا أمامي رحلة جديدة .. و الفجر يؤذن .. سرت بالسيارة في الأوتوستراد .. و قفت عند جامع بجوار الامام الشافعي .. ملأت سبع زجاجات من ماء الميضة (الميه الساقعة مضرة) و وضعتهم في السيارة كمخزون للمسافة المتبقية .. أقام المؤذن .. توضأت (بعد أن أفرغت مثانتي من بول ساخن في راحة) و صليت .. انصرفت عائدا الي أرض المعادي العظيمة .. طلبت السلوي من الاف الام .. و السلوي وجدت .. "خليها على الله " أصالة .. "بيذكر بالخريف" فيروز
*
اللهم انك عفو تحب العفو
فاعف عنا
Saturday, September 20, 2008
عن الأفضل
Wednesday, September 17, 2008
قالوا
Friday, September 12, 2008
عن الدويقة
*
اللهم لا تؤاخذنا بما يفعل السفهاء منا بنا
Tuesday, September 2, 2008
قالوا
Friday, August 29, 2008
عن الحريق
Tuesday, August 26, 2008
قالوا
Friday, August 15, 2008
عن مصر
Monday, August 11, 2008
قالوا
Thursday, July 31, 2008
عن فيلم
Friday, July 25, 2008
قالوا
Sunday, July 20, 2008
عن الأزمات
Monday, June 23, 2008
قالوا
Friday, June 6, 2008
عن الورق
قالوا
Friday, May 23, 2008
عن المنظف
رغم ان السماء لم تتخلص بعد
من قطع العتمة
الصباح يعجب العصافير
فيه يطلقون أجنحتهم
و فيه يقابلون رزقهم
و شاكر أيضا يعجبه الصباح
فيه تتلألأ الأسطح
التي صارت ناعمة و لامعة
بفضله
*
ليست الأسطح وحدها
بل الأطباق التي لم تفقد لونها
و الملاعق و الشوك و السكاكين
التي أكسبها مستخدموها ثنيات ملحوظة
و الرخام الباهت في البلكونة
و السيراميك الزاهي في الحمام
و الباركيه المستولي على الأرضيات
و الحيطان المدهونة بالأزرق الخفيف
و أرجل المقاعد و الترابيزات
و حواف كل ما له حافة
ولا ينسي النبتة الصغيرة في حجرة الابن
ولا العرائس العملاقة في غرفة الابنة
و كان يتمني أن يقتحم الغرفة الكبيرة
الكائنة في نهاية الطرقة
الطرقة ذات السجادة السميكة
السجادة التي لم يعد التراب يجرأ على المكوث فوق سطحها
ولكن قيل له ابتعد عنها
و هي على العموم موصدة بقفل
من الداخل ان كان الاهل حاضرون
او من الخارج اذا كانوا غائبين
يعينوا له يوم وحيد كل شهر
فيه يطيح بالأوساخ و الأتربة
في عجلة و مهارة
*
الصباح ربما يفضح عمال آخرون
و ربما يختارون مواقيت لا تكون فيها
أعين النور مسلطة على اعمالهم
شاكر
على عكسهم
يشترط ان يتزامن عمله مع النور
*
شاكر لا يعتمد على المنظفات المتداولة في الأسواق
يرفضها ولكنه يشتريها
كميات محدودة و انواع معينة
يحضر دلو كبير و يعكف علي المزج
يزعم انه يصل الي تركيبات أنجع
و نتائجه تؤيده
*
شاكر لا يحب في عمله
الا الصباح
الذي يوضح منجزه اليومي لعينه
شاكر كاره لعمله
شاكر كان يتمني
لو أنه ماهر في النجارة
شارعه كله ورش للنجارة
أو لو كان بارع في الحدادة
أبوه كاحل الوجه غليظ الاصابع
حاول دفعه مرارا الي هجر منظفاته
أو لو ولد بأصابع تنحت في الحلي
ابن عمه يعمل لدي صائغ
و لم يره حزينا مرة
بدأ عمله يتحول الي استيطان
عمله هو الذي يحركه
اذا استيقظ
فعليه أن يهرع الي البائع
في الشارع الموازي له
يفتح أربعة و عشرون ساعة و بضاعته حاضرة
عليه أن يهرع .. عليه
ثم يركض عائدا
يصعد الي دلوه و غرفته
يمزج و يسكب و يقلب
يركض حتي لو كانت بقدميه الآم
حتي يحين موعد العمل
يحشر نفسه و أشياءه في الميكروباص
يمارس اللامبالاة و النظرات الجامدة على الجالسين
كما علمته أمه اذا ما قوبل باستياء نظرا لأشياءه
يقفز من الباب المتهالك
يتسلم المفتاح من البواب الصعيدي
مازال يخشي الأسانسير و أبوابه المخيفة
يطير على السلالم ستة أدوار كاملة
في لمح البصر يبدل ثيابه
و ينحني على مهامه
*
to be continued....