Friday, July 30, 2010

عن شعبان



شعبان هو الشهر الثامن هجريا .. وهو شهر ينطوي على أفضال كثيرة و مميز في الدين .. و يليه أعظم الشهور


هناك قصة في شهر شعبان في السيرة النبوية تؤثر في جدا .. قصة تحمل معاني كثيرة .. و فيها دروس جميلة .. و أفضل ما أحبه فيها هو مبدأ التحول .. لا بأس من التحول في أي وقت .. طالما للأفضل .. و لنا في السيرة قصة جليلة عن التحول و كيف استقبل هذا التحول


*


كانت قبلة المسلمين في الصلاة في بداية الوحي المسجد الأقصي .. و كان أمر اذا جاز الوصف غير محبب للنبي .. فقد كان النبي يحب مكة .. و ود لو كانت الكعبة هي القبلة .. و شكي لجبريل و حدثه عن رغبته تلك .. و ظلت القبلة حوالي ستة عشر شهرا موجهة لبيت المقدس بعد الهجرة للمدينة .. ستة عشر شهرا .. يعني أكثر من سنة بحبة .. و الوحي المحمدي مازال وليدا و الكفار مازالوا في حالة رفض شديدة و الدولة الاسلامية في مرحلة النواة .. و كل حرف يتفوه به الرسول المزعوم يؤخذ على محمل النقد الشديد و تصرفاته تحت المجهر الظالم .. و أساس الديانة الجديدة الصلاة و أساس الصلاة قبلتها .. و لكل رأي في القبلة .. و الاختلاف شديد .. و الفتن عاصفة .. و في خضم كل ذلك كان محممد صلي الله عليه و سلم يتمني أن يأتي الزمن الذي تكون فيه القبلة للكعبة .. و جبر الله بخاطره و حولها في شعبان


"قد نري تقلب وجهك في السماء "


"فلنولينك قبلة ترضاها"


تحكي سورة البقرة الحكاية بحنان .. كيف استجاب الرب لرغبة حبيبه .. و تحولت القبلة بأمر الهي


"فلنولينك شطر المسجد الحرام"


" و أينما كنتم فولوا وجوهكم شطره"


و هاج الناس .. كانوا على قول المؤرخين ثلاثة صنوف .. العرب المشركين و سفهاء اليهود و المنافقون الذين أسلموا بالظاهر فقط .. أما العرب المشركون فقالوا أنه توجه الي قبلتهم و يكاد يتحول الي ديانتهم الوثنية .. و أما سفهاء اليهود فاتهموه أنه ترك قبلة الأنبياء من قبله .. أما المنافقون فقالوا أنه اذا كانت قبلته الأولي حق فقد تركها و ان كانت الثانية هي الحق فقد كان على الباطل .. و شاع جو من الاعتراض و عدم التسليم .. و قال الله


"و ما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه"


و انتشر على الألسن كلام كثير من قبيل : ما بال محمد يحولنا مرة الي ههنا و مرة الي ههنا


و أما الصادقين المتبعين بحق الحريصين على كلام الرسول و وحيه فلقد خافوا على عبادتهم السابقة ألا تكون مقبولة و كان هناك أيضا أفراد دخلوا في رحاب الاسلام و ماتوا قبل تحويل القبلة .. فخشوا ألا يكونوا قد قبلوا عند الله .. فرد الله الرؤوف الرحيم


"و ما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرؤوف رحيم"


و أمام صلف المعترضين و هجومهم المحبط قال الله


"فلا تخشوهم و اخشوني و لأتم نعمتي عليكم و لعلكم تهتدون"


ان التحويل صدمة قوية فاجأت المؤمن قبل المنافق .. المسلم قبل الكافر .. و لكن الاختبار ينقي الناس و يفرزهم و يكشف المعادن و يبرز الحقائق .. و الله يتكفل بهداية من يريد .. اللهم اجعلنا منهم


"قل لله المشرق و المغرب يهدي من يشاء الي صراط مستقيم"


و بذلك اتسقت رسالة محمد مع أبيه الكبير ابراهيم عليه السلام و توحدت مع مركز الكون .. الكعبة المشرفة .. التي و ان لم يكن حولها طائف من البشر .. فتري الطيور تحلق حولها .. و انه لأول بيت وضع للعبادة في الأرض و يقال أن كل الأنبياء قاموا بالحج الي مكة على الأقل مرة في حياتهم .. كانت بركة شعبان .. و كان تحدي التحويل .. و كان النبي و رغبته المستجابة


لا بأس أبدا .. من أي انسان .. أن يقرر التحويل .. رغبة .. يدعو الله .. كما فعل النبي محمد صلي الله عليه و سلم .. فالله يغير ناموسه له .. كما بدل القبلة للمسلمين بناء على دعوة النبي و صدقه في الطلب .. التحويل محمود .. و المواجهات الرافضة لها مكانها .. و التأييدات المثبتة لها مكانها .. و بالدعاء يغير الله المكتوب في أم الكتاب .. هو الله .. وهو حر .. هو كتب .. هو شطب .. هو كتب حاجة تانية .. ما علي العبد الا التوسل لسيده


*


حاجة تانية بقه معلش


فاجأتني رغبة غريبة في فتح أول بوست في هذا البلوج مش عارف ليه .. و لما لقيته .. اندهشت


أهو


ياااااه .. انا بقالي ثلاث سنين بدون .. و الله ولا حاسس .. ثلاث سنوات بالظبط .. الهي يكرمك يا بلوجر


كنت خارج من تجربة نشر فاشلة محبطة .. و شئ داخلي قالي استثمر الفشل و اتوجه للكتابة الالكترونية .. و قد كان .. و كتبت كما يحلو لي .. أول قرار كان اني حنفض كومبليتلي للمجموعة القصصية اللي محدش رضي ينشرها و حبتدي أكتب حاجات تانية .. و رغم انه كان قرار تقيييييل مووووت .. لأني كنت متشبث بالقصص بتاعتي تشبث العيل اللي بيرضع بصدر أمه .. الا أنني واحدة واحدة قعدت أكتب .. و على فكرة الكتابة شئ مريح آخر خمستاشر حاجة .. و قلت انا حكتب مرة كل اسبوع .. و محصلش .. و قلت انا حكتب في السياسة .. و مكملتش .. و قلت انا حكتب نقد أدبي و عن الأدباء .. و مفيش نصيب .. و قلت طب حكتب قصص قصيرة جديدة .. و لكن الهامي كان كثيرا ما يستعصي عليا انا شخصيا .. حتي قلت لنفسي .. طب بص البلوج موجود و انا موجود .. شوف اللي نفسك تكتبه من غير ما تزنق نفسك و اكتبه .. و اذا بأسلوب جديد نثري قصير قائم على كلمات بسيطة قي السطر و احساس عميق يخرج مني بشكل لم أكن أتصور أبدا ان انا ممكن أميل لهذه النوعية من الكتابة .. و بعد كده جت السياسة و الأدب و القصص .. لأ و بقي عندي كام قارئ ابن حلال بيتابع .. و اتحط بلوجي عند ناس .. و بقيت استمتع بقراية التعليق و الرد عليه .. حتي أصبح الآن البلوج عادتي اليومية .. و سجلته على الموبايل لسهولة الدخول .. أنا الحمد لله استفدت .. حتي اني قررت اني استفيد من الكتب اللي بقراها بشكل جديد مختلف هو اني اثبت ما بين كل تدوينتين جملة حلوة أخبط فيها في أي كتاب بقراه .. و أعتز جدا اني حافظت على هذه العادة على قد ما اقدر و بلوجي مزين بقالوا و هي أجمل ما كتب لكل من قرأت .. كما أعتقد ان أسلوبي في القص تطور عن زمان .. اهتمامي بمواضيع معينة خلاني أخش أدور أكثر على النت لأستطيع الكتابة عنه .. كما أنني فخور بشدة بكل قارئ كريم عزيز ينفق من وقته و يمرر عينيه على كلماتي .. و أشعر بالسعادة الحقيقية عندما أري رأي فيما كتبت .. ده معناه ان اللي كتبه اتقرا كويس و طلعت منه مناقشة صغننة مفيدة .. و أفتتن بشدة لما حد يعجبه قصة انا كاتبها .. و فرحت كثيرا بهجوم أحد الناس على ما كتبت .. هي ذكري سعيدة .. و انا فعلا دلوقتي محتاج لشئ سعيد عملته يفرحني .. أنا بقالي ثلاث سنوات مدون مصري .. عندي كام قارئ أنا ممتن ليهم جدا .. و عندي كيبورد لونه فضي ممتع في الكتابة .. و عندي بلوج بلوني المفضل و بدماغي .. و فيه كلامي .. أحمدك يا رب

وشكر خاص جدا ممتزج بالامتنان الشديد لكل من عبر بهذا البلوج و قرأ فيه سطرا و كتب فيه حرفا

بجد جزاكم الله خيرا

:)



*


رزقنا الله و اياكم


راحة البال

Wednesday, July 28, 2010

تهنئة واجبة


احم احم

لكل عشاق

اضطراب القلق الاجتماعي

و محبيه و معجبيه

ابسطوا

اتعملكوا بلوج

أهو

Monday, July 26, 2010

قالوا


حيث يجري نهر النيل .. الذي كان أهل قريتي يعتقدون أنه ينبع من بين أصابع الآلهة و يهبط ماؤه من السماء .. و كنت في صغري أعتقد ذلك الوهم مثلهم .. حتي تعلمت ما تعلمته في نجع حمادي و أخميم ثم في الاسكندرية .. فأدركت أنه نهر كبقية الأنهار .. و أن بقية الأشياء مثل بقية الأشياء .. لا يمتاز منها الا ما نميزه نحن بما نكسوه من وهم و ظن و اعتقاد

*

يوسف زيدان

Friday, July 23, 2010

عن حضن الراهب


نظر الي خادم الكنيسة غير مصدق .. غير مصدق ما يسمع .. الراهب يعلم جيدا ان خادم الكنيسة عندما يتبرم وجهه لا يتلفظ الا بالحق الجارح .. و الخادم غير بارع في اختيار آونة تبرمه .. و لقد وطن الراهب نفسه على حسن الاستماع اليه حتي في احلك اللحظات لأن ما يتفوه به الخادم يندر الحصول عليه من غيره


مر صباح الأحد في هدوء معتاد حتي حل ميعاد القداس المنتظر .. اكتظت الكنيسة بأتباع المسيح .. القاعة الرئيسية و كراسيها المصفوفة .. الجوانب الرحبة و المساحات الخالية .. حظيت كل النقوش و الرسوم و التماثيل التي تحكي حياة المسيح و البتول بأعين مرهفة متأملة .. كما حظي قداسه بآذان خاشعة خاشية .. و رفع الحاضرون جميعا الي السماء بحات نشيجهم و عذوبة دعاءهم .. و دنا من الراهب كل مخطئ يسكب اعترافه او ينهل من الماء المقدس .. كما دنا من الراهب كل محب للمسيح يسأل كيف يرضيه و كل مغرمة بالبتول تسأل كيف تحاكيها .. و أفاض الراهب على الجميع غير باخل و لا ممتعض .. و كان يلمح الخادم يمسح التراب هنا او يعاون عجوز في السير هناك .. و لكنه ما اطمئن ابدا لتبسمه المصطنع .. و عزم على التوجه اليه فور انفضاض الوقت الروحي الأسبوعي .. ليفتش عما وراء وجهه



" هل تعرف هؤلاء .. ما تعرفهم .. انت تتجمع و اياهم في يوم .. تلقي العظة .. تمنح الغفران .. توزع البسمة .. تربت على الكبير و الصغير .. انت طيلة الاسبوع منشغل في التنقيب داخل الكتاب المقدس .. و الشرود مع صور البتول و تماثيل المسيح .. عندما تمل تخرج الي الساحة تملي عينيك بصفاء السماء .. و قبل النوم تتفقد انوار النجوم و هالة القمر المضئ .. لتنتصب على المنصة في يوم داخل الزي الكهنوتي تحيط بك المباخر و تسرد ما عصر فؤادك طيلة الاسبوع في حديث مؤثر .. انت راهب طيب .. أتيت من صلب عائلة طيبة .. و حظيت بتوجيه من البابا و هو رجل طيب ايضا .. ولكنكما تنظران للعالم بعين حمراء دامعة نادمة على خطايا البشر طامعة في ملكوت الرب .. و أجسادكم محاصرة في دير مغلف بالخشوع .. يقربه المجرم فاذا دخله انتحب نادما و استحال ملاكا بجناحين .. ماذا تعرفه انت عن هؤلاء .. اقول لك انا .. فانا منهم .. ان الرجل منهم يجلس بين يديك في حزن و ينكس رأسه في ندم و يبدي الدموع من التقصير في حق الرب .. يديه بين جنبيه هادئتين و لسانه نائم بين فكيه و ما بين فخذيه مستور بعناية و اناقة و عقله يسترجع ما تطاير من المزامير و ما في جيبه يرضي به و يقنع و باله رابض في بساتين الامان و الوداعة .. و المرأة منهم تقعد ساهمة ترتسم على وجهها الحسرة من حياتها البعيدة عن مسلك البتول و توصد فمها باحتراف الخاشعين و تتعثر الكلمات اذا خرجت و اذا اتمت جملة تلون وجهها بالحمرة من شدة الخجل .. تسدل على صدرها مايخفي معالمه و تستر كل شبر من جلدها مرورا بما بين فخذيها حتي كعوب الاقدام .. أذنها تنصت و فكرها يرشد .. الطفل منهم تنطفأ أطرافه و تسكن تحركاته و يلزم مقعد واحد و يطيع الغريب قبل القريب و يقبل القدم قبل اليد و لا تسمع له صوت الا الهمهمة .. يكاد لا يفرق بينه و بين صور الكنيسة الا ان يرتفع عن الارض طائرا .. و العجائز يتشحون بالمسكنة و يبدون الضعف و يلفوا على وجوههم تعابير الاسي .. يربتوا على الرائح و الغادي و يتكلفوا الدموع و يقوصوا ظهورهم عمدا و يتفننوا في اظهار تراكم حكمهم .. و الشباب منهم اذا حضر ينتبه للسانه و يحرص على اتجاه نظراته و يخفي ما يقيم في جيبه و لا يجد حرجا في تقبيل يد والديه جهرا و يتذلل الي العجائز و يهب من وقته لعونهم عن طيب خاطر .. أرأيت ملائكتك .. أرأيتهم كل سبت و هم ملتحفون بعظات المسيح و طهارة البتول .. أما انك لوعتبت خارج هذا الدير لوجدت اختلافا عظيما .. لست اتهمهم .. و لكن راقب بنفسك .. انت تقريبا تعرفهم كلهم .. اما انك لو رأيتهم في يومهم العادي بعيدا عن الدير و بعيدا عن عظتك .. لألفيت بشر غير البشر .. و حقائق غير الظاهرة .. و حياة تحت سماء لا علاقة لها بيوم تحت الصليب .. انت رجل طيب .. تلقفك رجل طيب .. و هو قد أفلح فيما صنع .. الان انا انصحك ان تفلح فيما آل اليك .. أيها الراهب .. الورق و حبره و صمغه و حروفه و صفحاته شئ .. و النهار و الليل و تعاقبهما شئ آخر .. أيها الراهب الطيب .. انت ملئ بحب المسيح و أمه .. الناس لا تذكر المسيح و أمه الا ساعات قلائل في يوم واحد بالاسبوع .. أيها الراهب الطيب .. هل فهمتني "



أيها الخادم الصادق .. لقد زرعت الغم بداخلي

اندهش الراهب ذو الوجه الرحب و السمت المريح و العينين الحمراوين .. ربما كان ما انتابه اكثر من الدهشة بقليل .. او ربما بكثير .. او ربما أسرته حالة من الدهشة لم تزايله ابدا .. ذرع الدير ذهابا و جيئة .. مشي في القاعة و السراديب و الغرف و الحديقة و على حدود السور و صعد الي الصليب و هبط الي المخزن و اعتلي المنصة و جلس على الكراسي و حدق في الصور و التماثيل و نظر الي الارض و دار بصره في الافق .. عزفت معدته عن اللقيمات و الشراب و سخنت رأسه و عمت بصيرته الفوضي و دهس ايمانه احباط وافد .. انثالت على رأسه ذكريات من سنون خلت .. كيف قابل البابا و أين .. كيف نظر اليه .. كيف ألان الحديث .. كيف ضمه الي صدره .. رغم انه ضبطه في حالة من الدنس .. كيف وصل صمته الي قلبه .. و كيف استقبله في الكنيسة .. و كيف رحب .. و كيف كان يباشره ببسمته الرائعة .. كيف اتخذ الراهب قراره بأن يكرس نفسه للرب .. ثم تذكر كيف كان ينشد الخطية بحرص .. و يدأب عليها في انتظام .. و يسول لنفسه انه على امتع درب .. و تذكر المعلم الاكبر .. كيف بعث .. و كيف التف حوله حواريوه .. و كيف خاطب الناس ببيت المقدس .. و كيف عبر عن شريعته .. و كيف تسامح مع الجميع حتي صالبوه .. تذكر و تذكر و تذكر


توقف امام المرآة .. و طالت وقفته .. و تتابعت الذكريات .. و لمحه الخادم .. و بعد ان انصرف لشئونه و عاد ليطمئن عليه ما كاد يصدق ما يري .. لقد كان الراهب يحلق لحيته الكثة و يهندم شعره الأشعث ليجرده من العمامة السوداء و يخلع الصليب من فوق صدره و يزيح عصاه القصيرة الي ركن قريب و كان يخرج من الزي الكهنوتي و يدخل في زي لا يختلف عن ملابس اي رجل في المدينة .. كان مشهد اسطوري للخادم .. لقد عكف الخادم على خدمة الكنيسة أمدا طويلا و منح جهده لراحة رهبانه و قساوسته منذ زمن بعيد .. و لقد رأي عن قرب كل راهب و قسيس نزل بهذا الدير و اقترب من حياتهم الشخصية و استوقفته عيوبهم المقززة و لمس مميزاتهم المبهرة .. و لقد ظن الخادم ان هذا الراهب هو أخلص من جاء و أكثرهم قربا من الرب و حفظا للاناجيل و فهما و أحسنهم صوتا و أشجعهم في قول الحق و أمهرهم في الحث عليه و أقلهم جبنا مع الحاكم و أعلاهم عزة مع العلية .. و ربما لم يري ما يسوئه اللهم الا طول الشرود و كثرة تحديقه للسماء دون هدف و في اوقات ينبغي فيها النوم و الراحة .. و قر في بال الخادم انه أكملهم و بعد طول ترصد يأس من التقاط تصرف نزق او طائش منه و تناسي انه سيخطأ .. حتي رآه أمرد الوجه في احقر الثياب .. ظل صامتا و هو يراقب الراهب من بعيد .. أتراه يمارس حياة أخري مع الرهبنة .. أم انه سيتخلي عن هذه الحياة و يرحل .. هل سيسرق شئ وهو راحل .. ام ربما سيقتله ثم يتفرغ لجمع المغانم من الكنيسة ثم يرحل .. فزع الخادم و هم باحضار خنجر قديم كان يحفظه في غرفته و عاد يراقب الراهب الذي جن او فسد .. عينا الخادم تراقب خطوات الراهب الواثقة باتجاه الباب .. يد الخادم متحفزة للدم .. و باله يلد كل الاحتمالات .. حتي حلت لحظة صمت جديدة .. أغلق الراهب فيها الباب بعد ان انصرف .. و بقايا ما خلع عند المرآة .. أكان رجل مخبول .. تفسير منطقي


*

الخادم يستيقظ مع زقزقة العصافير الاولي .. يستقوي الضياء على الظلام الذي ساد .. و يشيع في المدينة كلها هدوء محبب .. يعرض سطح الكنيسة كلها للماء البارد .. ثم يمرر الصابون على كامل السطح .. ثم يجفف السطح الذي بات لامعا بفتح كل النوافذ الصغيرة و العملاقة .. تتألق الكنيسة بالنسيم المنعش و تفوح فيها الروائح الذكية .. و في احدي الصباحات صدم اذن الخادم صوت الباب يفتح بقوة و خطوات تعرف عليها جيدا .. سارت في عجل و قصدت غرفة بعينها .. فتحتها و دخلتها ثم جلس صاحب الخطوات على السرير .. أنهي الخادم عمله الصباحي بكل تؤدة ثم توجه بارد الاعصاب الي الغرفة ليري الراهب المخبول الذي عاد بغتة كما تبخر بغتة .. أراد ان يسأله عن تفسير لصنيعه .. أو رغب في رؤيته ليطلع عليه و يحدد من وجهه هل هو مخبول فعلا فيطرده و يعنفه كما يفعل مع الصبية العابثون أم ان طارئا حل عليه و دفعه لما أقدم عليه


أحكم الخادم الوجه الصلد و فتت اي أمارات اهتمام على وجهه و أخرج صوته المبحوح الناهر و دخل على الراهب .. و لكن بصر الخادم وقع على رجل يلف يديه على وجهه و الدموع تفيض من خلالهما .. رجل منزوي على حافة السرير .. رجل أجهش في البكاء حتي ان صوته دفع الخادم الي ان يذهب حتي كتفيه ليربت عليه ثم انصرف تاركا الراهب لهمه الذي اختار ان يستفهم عن كنهه فيما بعد .. و تساءل الخادم .. هل كان لهذا الرجل علاقة بما حاق بالكنيسة في الأيام السالفة .. و لكنه اختار أن يفصح عن تساءله هذا أيضا فيما بعد


*


لن يسأل كيف .. لن يطاوعه قلبه ان ينطق السبب .. انهم يبادرون كل أحد بالامتثال امام الرب .. و يتسابقون باقي الايام في عصيانه .. و كأن الأيقونات سراب و التماثيل المحدقة و الرسوم و النقوش صنعت للتسلية و التسرية .. و كأن الكلام الذي يلقيه كل اسبوع ينساب الي الاآذان و سرعان ما يسقط من الاذن الأخري صريعا على ارض الكنيسة تدهسه اهون قدم .. انه لو كان اصابهم مثقال ذرة من حب المسيح ما كانوا ليتصرفوا كيفما رأي بأم عينيه .. هو الذي شاب تصديقه للخادم الكثير من الشك .. هو الذي تسلم الكلمات في رأسه و أعمل فيها بحثا وأمضي في عمقها وقتا ليستخلص الوسيلة التي يؤكد بها زعم الخادم او ينفي ..


هناك أخاديد داخل صدر المرء .. و الصدر غائر .. و الأخاديد صاعدة و هابطة و موحلة و رائقة .. و من العمق البعيد في وسط الصدر الذي تواريه طبقات من ركام الاجتماعيات و تراب التغيير الشخصي الطارئ تصنع كرة .. كرة محلقة .. من فوهة الروح .. مصنوعة من كل نسيج مجدول في الانسان و مسئولة عن كل همسة تند عنه .. كرة طافية على سطح القرارات و التفكيرات .. كرة تصنع داخل مركز الصدر .. تكتسب برودة مع الزمن و لقاء احداث باردة او تلتهب سخونة تبعا لطبيعتها المقاومة .. كرة تنبعث منها حرارة .. حرارة تشيع نفسها بالعنوة المرغوبة داخل الجسد خلية خلية .. عضو عضو .. او برودة تطمس الجسد كله خلية خلية او عضو عضو .. و الناتج فرد تعكس تقطيبته برودة الكرة الغائرة او فرد توحي بشاشته بلسعة الكرة التي فاضت وهجها على العالمين .. هو نزل بقدميه و باشر بعينيه و اختبر بعقله كل ما ينعكس من هؤلاء .. هؤلاء ينزفون برودة .. ان من يحاول ان يتوهج سرعان ما تغطيه برودة من حوله و هم كثر ..


*


ثم فوجئ الناس برجل أمرد مهيب البنيان طويله و عريضه يباغتهم ببسمة صافية .. و ينقض على صدورهم .. يحتضنهم .. يلبث الرجل واقفا و ذراعيه العملاقين تحوطان المرء .. يحاول المرء ان يزجر بادئ الامر .. يعكس جسد الرجل عدم الخوف من اي زجر .. فيحاول المرء ان يتفلت من ذراعيه .. ثم يتضح من حجم بدنه انه لا طائل .. فيستسلم المرء منتظرا الموت مخنوقا او منتظر اي شر آخر لم يكن في الحسبان .. تمر الدقائق .. يبدأ الرجل المهيب في التربيت .. بحنان عارم .. و كأنه أنثي مدربة .. و سرعان ما تند عنه همهمة .. خالية من الكلمات و لكن ملؤها شجن .. و تزداد ضمة الرجل المهيب .. و ازاء هذا كله يتلاشي الحذر و تهب نغمة داخلية من الاعماق تسري في الوجدان و امام دفء الرجل المهيب تنساب في ارجاء الجسد .. و يتحول المرء الي طفل مطيع و يتعلق هو بالرجل المهيب .. ثوان تنقضي و تظهر الدموع الخفية وهي تتدحرج على جوانب الوجه .. تمسح بسرعة سترا .. و لكن النشيج يعلو شيئا فشيئا .. حتي يضارع صياح الباعة و ضجيج المارة .. يستوقف الصوت البعض .. يرمق المشهد الفريد بمعالم غير واضحة .. أهو حقيقي ما يري .. ام ان العين تخلت عن بصرها و أسدل العقل خبله .. يربت المرء في النهاية على الرجل المهيب .. بمنتهي الانكسار .. و الرغبة الشديدة في الندم .. و يطفح الأسي من الصدر .. يفترق الرجل المهيب و يتناول اول رجل يجده قبالته .. و المرء الذي كان محتضن يتناول اول رجل امامه .. تتكرر القصة .. و لسبب جهله الناس .. تحول السوق و ممر المشاة و مداخل الحوانيت و مخارج البيوت و غرفها الجهرية و السرية و حدود المدينة الصغيرة الي ساحة عناق و نحيب


*

لم يصل يوم السبت بعد .. بل لم ينتهي الجمعة .. الراهب الهارب لم يعد بعد .. ولكن ما هذا الصوت الذي يقترب و كلما اقترب علا .. من الجائز ان جاء جثمانه ملفوف محمول على الاكتاف .. افتضح هاربا المسئ للكنيسة .. فضحه الرب مطهر بيته .. فسلط عليه من أجهز عليه و أنهاه .. اتري يعلم الجمع انه مذنب .. ام يحملونه و الحزن يكللهم .. و هم ظانون ان من فوق اذرعتهم رجل برئ السيرة نقي السريرة كل ما جناه كانت نزهة خارج اسوار الكنيسة .. الافضل ان ادفنه و سره الشنيع في تابوت بعيدا عن هنا .. و لن افشي هذا السر الا الي راهب آخر يأتي أراه قد حبب الناس في الكنيسة كما كنت أعتقد ان هذا الرجل الهارب قد يفعل .. الافضل ان اسارع للباب و ارحب بالجمع و أعزيه .. الافضل ان افتش عن تابوت مناسب .. الافضل ان اكفكف الدمع و اهدئ الروع لتمر ذكراه في هدوء لكيلا يتعلق به الناس .. الافضل ان اكون محايد مع الراهب القادم .. الافضل الا اتمني او انتظر منه خيرا كما توسمت فيه


*

صار الجسد معروفا .. هو يدنو اذا هو سيكرر ما يفعله يوميا .. نهارا و ليلا .. مع كل فرد يمر امامه .. او يعبر به جالسا .. او يسير امام بيته .. الجسد المفتول ذو وجه حاني شديد الهدوء .. ترتسم ابتسامة حقيقية لا اصطناع فيها و لا تكلف .. بسمته تنعكس على جسده كله .. يشع بهجة .. من بعيد و للقريب على حد سواء .. يقترب منك .. يسدد نظرة ودودة الي حدقتيك .. لا تستطيع ان تفلت منها .. تبادله النظر ثوان .. تتلقي منه البهجة .. ينتشر في صدرك سرور مباغت .. و كأن كل ما كنت فيه متردد حسم الآن و كل شكوي نويت الاعلان عنها تبددت الآن و كل ما لطخ صدرك بالحزن قد انجلي الآن .. بخطوات هادئة ثابتة متسرعة تنفتح الذراعين العظيمتين و تختفي الشمس خلف الوجه الحاني و تلفي الرجل يعانقك .. يضمك الي صدره .. يربت على ظهرك بكفه العريضة .. لا تتوقع ابدا ان وجود كف على ظهرك في مثل حركته سيتسبب في هذه الراحة التي تنبعث بصدق من داخلك .. ثوان و تجد رأسك تتوسد كتفه في منتهي الوداعة .. و هو لا يزعجك ابدا .. اينما مالت رأسك لا يتململ .. و كلما بدأت تزحف بعيدا و تشعر بأن الوضع الغريب هذا لابد له من نهاية تجده يزيد من الضم و التربيت .. تتأثر بحق .. تذوب في مكنونك أشياء .. تتبخر أشياء .. تتنزل عليك هدوء المحفوف بالملائكة .. و يبرد فؤادك كالمنسجم مع لحن عذب .. و تصفو نفسك كمن يسمع صوت اول صرخة مولوده .. تشيع فيك راحة كمن لمسته محبوبته بعد طول هجر .. و عندما تسترخي عضلات الوجه و تنفك عقدة الحاجبين و تسيل البسمة من الشفتين الي الاعضاء .. يبتعد الرجل الضخم بمنتهي الأريحية .. و ينسحب في سكون .. فتعود الشمس الي الافق .. و يداعب الهواء الرأس الذي تبدل .. و ينشرح البصر فتتلون الموجودات بلون الرضا


*


هل نزل المسيح ارضنا .. هل جالت البتول بينهم .. هل تمشت الملائكة في الارجاء .. الجمع كل الجمع يدنو من باب الكنيسة و على وجوههم السلام و الامان و الرغبة القوية الصادقة في الصلاة .. هل تضئ الشموع ليل ليس بليل الاحد .. هل تعلو التراتيل في يوم تسوده السكون .. ام حاقت بهم مأساة أطاحت بصلفهم و أسقط في وعيهم .. مالي أري الجمع في لهفة المارق الذي مسته البشارة فهرع للعبادة .. اي جديد حل .. بل اي جديد حل على كل فرد منهم .. ما الذي قاد القلوب الي الكنيسة .. ما الذي أرغم الناس على ترك شئونهم و امرهم بالتفرغ من اجل ملء الكنيسة .. أهي نهاية العالم فطن اليها أحدهم فأفاقوا الي ملاذهم .. ام ربما بداية غير مرتقبة جعلتهم يعيدوا التفكير .. طيلة مكوثي بين هذه الجدران و طيلة خدمتي للرهبان و طيلة عنايتي بعامري الكنيسة لم أشهد مثل هذا الاقبال المريب .. ايكون انصراف الراهب الضخم على صلة بما تبصر عيناي .. هل ولي و صحبته الشياطين .. هل رفع عن المكان الغضب و رفرفت الملائكة .. سؤال سيضنيني ابدا ما حييت .. و لكن الآن الواجب ينتظرني .. هم ضيوف الرب .. و انا الخادم الذي استقبل ضيوفه بالبشر و السعادة .. أينما كنت أيها الراهب الضخم .. لا تعود


*


انشغل الراهب باحاطة ذراعيه بالناس .. لم يفطن اليه العديد بعد ان حلق لحيته و تبدلت سيماءه الكهنوتية الي سيماء كمثل اي رجل منهم .. و لكن الناس انقلب حالها .. تلبستهم حالة من الهدوء .. التسامح حل محل عنف اللفظة في التجارة .. البشاشة احتلت الوجوه التي كانت في نفورها آية .. المصافحة صارت عادة بعد ان كان التجنب من شيمهم .. ما عاد ينقص هؤلاء القوم الا الرقص في السير و لولا الحياء لفعلوا .. أغلقت بيوت البغاء بلا عناء كبير .. و مقاعد الدخان و مواخير الخمور أصبحت كالصحراء و بارت تجارتها .. الألسن تلوك محاسن الرب يسوع و نقاء سيرة البتول .. ما ان تري رهط متجاورين و تقترب منهم لتتسمع حديثهم حتي تجدهم في أنس الكتاب المقدس .. استساغ الحياة من كان عنها معرضا .. و تفاءل من كان ساخطا .. و تعلقت الأرجل بالكنيسة يزورونها يوميا .. و كلما مر الرجل الضخم تهللوا .. و بات العناق سمة من السمات التي زايلتها الدهشة


*


و لما دخل عليه الخادم ليوبخه .. اهتز من بكاءه الصامت .. ربت عليه في صمت و خرج .. ان الاقبال الذي صار عادة من الناس لمسه شخصيا و جعله أكثر صبرا في احكامه .. شفع له الناس .. شفعت له الافاقة التي انشقت عنها السماء ذات ساعة .. لم يعد يسأل نفسه ما سر هذه الافاقة و توابعها من الاقبال و البذل للكنيسة .. حتي ان الناس من فرط اقبالهم على العبادة و الرغبة في الاعتراف باتوا يعترفوا للخادم بصبر نافد .. و لأول مرة في تاريخ الخادم صار له عمل آخر يضارع العناية بالكنيسة .. صار يعني برعيتها .. و كلما ألح على الكنيسة الأم بارسال قس جديد .. حدثت متغيرات شاء بها الرب أن يتعطل وصول أي قس جديد .. و صار لزاما على الخادم تلقاء هذا الخشوع العام الجديد أن ينصت للقلوب المرهفة النادمة .. أي خيبة يا راهب يا مصدر الشر الكبير .. لماذا لم ترحل منذ زمن بعيد و شياطينك


*



و لكن الوقت يمر .. مع مروره .. يسقط من الناس خشوعهم .. يكاد يراه طبقات تذيل الحشد الذي يجيئ و يوما بعد يوم يقل العدد .. يذيلهم ثم يفارقهم متهشما على أديم الأرض .. يأسي .. يحزن .. العدد يصير أقل بصورة ملحوظة .. و يشح الوافدون حتي يندروا .. و اذا ما حضر أحدهم .. أعرض عن الاعتراف و تأفف من التماثيل و يكاد يبصق على الطهارة المحيطة .. ماذا حدث


*


لقد ترسخ لديه اعتقاد .. لقد قلب الاعتقاد على جنبيه .. و عندما أعجبه و قر رأيه عليه .. نزل يمارسه .. لا مكان لك أيها الراهب الطيب بين أسوار الكنيسة .. انزل .. اهبط .. تخلي عن عليائك .. انبذ العزلة .. بأي حق تريد لصفوف الكنيسة أن تمتلأ .. لأي سبب تنتظر من الناس الاقبال .. هل نبل المسيح بينهم .. هل صدق البتول حواليهم .. هم تغشاهم الدنيا .. تغطيهم احتياجتهم .. أعمتهم الضرورات .. و أي مكان لملكوت الرب في قلوبهم أو عقولهم .. ولماذا يمر الأمر برمته ببالهم .. أنت غارق في الأناجيل .. تتمحص المفيد من التوراة .. تستحضر عظمة يسوع الرب في قلبك .. و تستجلب القدسية من الأم البتول .. و هم .. مسخرين من أجل لقمة العيش .. كيف دخلت أنت الكنيسة .. كيف انتشلك البابا من سوءات الدنس و عوالم الفجور .. بل كيف كسب المسيح أنصاره .. كيف تشعر من أمامك أنه الأهم .. أنه الأفضل .. أن الرب في ملكوته يريده و يراه و يرعاه و يسهر على راحته هو دون غيره .. ما اسم الشريعة التي أتيت تبشر بها .. أليست شريعة الحب .. ألم يقل معلمك البابا "لا شئ يساوي الحب .. انه يهبك نفسك السليمة" .. أيها الراهب .. لولا لمست حب البابا لك .. لما تركت شعرة مما أنت فيه .. بل ماذا قال معلمنا و مخلصنا يسوع .. تذكر يا مرابط على دفوف الكتب المقدسة


ان الدين بما تعمل لا بما تعلم


ان تحب ربك بجماع قلبك و من كل نفسك و فكرك


من احب كثيرا غفر له الكثير من خطاياه


و أنت أيها الراهب .. كم تعلم .. ان نقوش الكتابة ما ان تمر على عينيك حتي تحفر في ذاكرتك و كأن كاهن مصري بمطرقة يدقها في رأسك .. و لكن بكم عملت .. أنت تعلم الرب و اليسوع و الأم البتول مريم .. كم أحببتهم بجماع نفسك حتي أخرجك حبهم من طينة نفسك .. أنت أيها الراهب .. في زيك الكهنوتي .. و يداك المباركة .. كم أذنبت .. هل تجرأ على حصر خطاياك .. هل تستطيع حملها بثقلها و جناها .. كم أحببت بصدق ليغفر لك ما اقترفت .. حتي الخادم الذي أفضي لك بالسر الذي قلب حياتك رأسا على عقب .. لم يكن ليفضي به اليك الا اذا لم يجببك .. أيها الخادم .. ان كان في العمر بقية .. و ان وسع اللسان الكلام بعد ما حدث و ان وجدت اجابة لسؤالي سأعترف لك بأغلي حكمة تعلمتها من كل ما مضي من عمري .. ان اردت الاصلاح .. فامنح الحب


*


وجد الخادم نفسه في حالة من الضيق .. انغمس في فرحة كبيرة عند الاقبال و سحقته حالة حزن مضنية عندما نفروا كعادتهم القديمة .. وجد نفسه ينزل الي الناس و يسأل ما جري .. ما جري .. جذبه أحدهم من ذراعه .. و حدثه صادقا .. حكي له عن رجل أمرد مهيب عظيم البنيان و الحنان .. منحهم شعور صادق بالحب كما لم يجربوه من قبل .. و ازاء ما فعله .. لم يجد الناس ما يفعلوه سوي حب الرب .. و عندما غاب الرجل غاب ما كان يعتمل في الصدور .. فغابت الرغبة في حب الرب .. اشتعل فضول الخادم .. سأل متي حضر الرجل و متي انصرف عنكم .. صدمته الاجابة .. و عندما سأل أي تغيير طرأ عليه جعله يعرض عن فعله .. قال محدثه .. موقف جليل .. كشر فيه الرجل عن أنيابه .. تحول .. من الحاني الي وحش ربما هو نفسه لم يكن يدرك أنه بداخله .. استمع للموقف .. و أعاد السؤال عن ظهور الرجل و اختفاءه .. فجري فجأة من أمام محدثه و ندم على كثير من الظنون .. و قرر أن يعانق هذا الرجل المبارك


*


أيها الرب .. فكرت كثيرا .. و احترت أكثر .. ماذا حدث .. ماذا جري لي .. أيها الرب .. أنت في علياءك تري كل شئ و تسمع كل شئ .. اسمحلي أن أقص عليك ما جري علي عبدك المخلص .. و تقبل ظني و وجهة نظري .. و أسألك الرشد و النصح و الراحة .. أيها الرب .. مارست ما اعتقدت أنه مرادك من الخلق .. و أخلصت .. و أنت الأدري و الأعلم بخفايا القلوب و بواطنها .. كنت أعانق الناس جميعا .. آمنت أن القبس النوراني الذي أودعته في بالرهبنة أولي أن يذوقه الناس حبا في صدورهم بدلا من ثرثرة أسبوعية .. سامحني ان اخطأت .. و لكني اعتقدت اني أخلصت .. حتي هممت بعناق رجل بدوي .. لم يستوقفني أنه من خارج المدينة .. و لكنه نظر الي و سألني عن ديانتي .. فقلت خادم اليسوع المخلص .. نظر الي في وعيد و صاح .. ألا تعلم أنك كافر .. ألم تسمع ببعثة النبي الخاتم في الجزيرة القريبة منكم .. صاح في الناس .. يا معشر القوم .. هذا رجل كافر .. يؤمن بأن عيسي اله و لقد بعث في الجزيرة القريبة رجل يفند ما يقول .. أيها الرب .. لم أتمالك نفسي .. اجتاحتني رغبة صارخة في قتله .. لم أشعر بالدنيا من حولي الا و قد صفعته على وجهه و الدماء تنتطلق ينبوعا صغيرا من شفتيه .. ركضت بكل ما أوتيت من قوة الي بيتك .. أيها الرب .. أنا أومن بك .. بل و قرأت عمن يقول في كتبك .. و لكن غضبي كان شديد .. لقد رفض ما وددت منحه .. أيها الرب .. لقد فكرت كثيرا .. الأمر ليس يمت بالدين بصلة .. و لكنه يمت لي بمرض قديم .. أيها الرب .. كيف أعانق نفسي .. كيف أمنح نفسي الحب الذي به أتقبل مرادك .. أيها الرب .. لم أجد اجابة .. كيف أعانق نفسي

Friday, July 16, 2010

قالوا


قلت انا مش قد قلمي

قلت انا يكفيني ألمي

قلت انا مالي : انا استرزق و اعيش

و الهرب في الاستذة زيه مافيش

و المراكز و الجوايز و الذي ما بينتهيش

قلت اخبي نفسي جوا كام كتاب

قلت اشغل روحي بالقول و الحساب

و المقابلات و المجالس

و الجماعة مخلصينلك كل حاجة

ايوه خالص

بس برضك و انت جالس

القلم صحصح و نط الحرف منه

لوحده بيخزق عينيا

و ابتدا قلمي يحرجني انا

قالي بالذمة

لو كنت صحيح بني آدم .. بتحس

و الناس قدامك في ألمهم و ف فرحتهم

و ف كسرتهم و ف ميلة البخت

مش ترسمهم للناس

الناس التانية

اللي مش قادرة تقول آه عند الدكتور

اصل الآه الموده غالية

لازم بالحجز

لازم بالدور

مش يمكن ناسنا الغلبانة اللي لسه ماصبهاش الدور

ينتبهوا قبل الدحديرة قبل ما يغرقوا في الطين

و لا السبوبة حاتتعطل لو ذعت السر

و لا انت جبان؟
*
يحيي الرخاوي

Tuesday, July 13, 2010

عن التمرد


تنبيه هام: كتبت هذه الكلمات في ظروف غضبي و مليئة بالنرفزة و السخط
رجاء: لأصحاب القلوب المرهفة .. لا تقرأ
اعتذار: لو قريت برضه و نفضت للسطرين اللي فوق .. فمعلش بقه .. كانت حالتي مش كويسة .. و البلوج ده بتاعي اكتب فيه على كيفي
*
ايه يعني
لما اتمرد انا
يعني هي جت عليا
ولا يعني الدنيا خلصت
‏*‏
ايه
عمرك ما شفت
شجرة خرمت الرصيف
و مهماش سير المرور
و حلفت لا تطلع وسط الطريق
‏*‏
ايه
عمرك ما شفت ست كبيرة
و كل حاجة فيها كبيرة
ماشية تدلع على شط مصيف
لابسة بمنتهي البرود
مايوه بكيني
‏*
ايه
ولا عمرك ما شفت
راجل سنانه بتقع و ضهره انحني
و شايل ورد و رايح من ورا احفاده
يتقدم لآنسة لسه جسمها فاير امبارح
‏*‏
ايه
عمرك ما شفت فنانة
بدأت مجدها
بفستان مبلول مبين حلمتها
بطول مسترش حتي فخدها
‏*
ايه
عمرك ما شفت خليجي
ضارب تي شيرت شبه كيس الزبالة

و زعطلون مجسم مخاصيه

و اللي فوقيه

*

ايه

عمرك ما شفت

بنت بواب مستغفلة اهلها

و نازلة تأجر نفسها

بخمسين حنيه في عربية او على الرصيف

و للبياتة أكلة و دش نضيف

*

ايه

عمرك ما شفت

واد عضلاته مفتولة

و اتقدم لبنت معقولة

لما نام معها و شبع

رملها الدبلة في وشها بصورة غير مقبولة

*

ايه

عمرك ما شفت

محجبة

لابزة بلوزة شفتشي

و بنطلون الواطية من لبسه تختشي

و بخصلة شعر مدلدلة

*

ايه

عمرك ما شفت

الملتحي

اللي من كتر الصلاة قورته اسودت

لما تتعامل معاه

تقول انا من السنة نفسي انسدت

*

ايه

عمرك ما شفت

واحدة لابسة اسدال

تشوفها تقول ده الاحتشام

تقف جنبها عربية

تركب في الحال

*

ايه

عمرك ما شفت

ولا

طول الوقت ليك مبتسم

و للود ليك بيرتسم

لحد ما ياخطف منك مصلحة

*

ايه

عمرك ما شفت

الخطيب بيحكي وصايا الحبيب

و خلص دعاه و اعلن الصلاة

و قصاد الجامع

قهوة عمرانة بالمشيشين

*

ايه

عمرك قبل كده

من أقرب الناس اتأذيت

و لما جيت

بعد ما هديت

توضح السبب

راجي بنبل ازالة الخلاف و بارادتك

كسر برضه بخاطرك

*

ايه

عمرك ما عشت

طول عمرك فاكر انك سليم

و عندك طموح عالي و اهداف في الصميم

و ذات فجأة تكتشف

انك عيان

انك مريض

و تعاني من الاكتشاف الأليم

*

ايه

عمرك ما قدرت

فلان

و اتعاملت معاه بمنتهي الصدق و الحنان

و لما مر الزمان

بدرت منه

حركات نقص و عدم امتنان

*

ايه

عمرك ما اتظلمت في الثانوية

و لا في درجات الكلية

و لا زقك التنسيق على مكان مهبب

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن مصلحة

في اي مصلحة ما بتمشيش

الا بحباية فياجرا

او تربة او فرشة حشيش

*

ايه

عمرك ما عملت

حادثة

وانت كنت مية في المية في السليم

و نزل الافندي سمعك كلمتين

*

ايه

عمرك ما جربت

لما تتقفش في لجنة

و عساكر و ظبابيط يزنقوك

ورقة بعشرين تنقذك

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن شاب انقتل

او ساح في دمه لمجرد هبل

او طفل بالصدفة اندبح

او حد آذي نفسه قدام كل البشر

*

ايه

عمرك ما شفت

اللي ما يسواش طالع فيها

و اللي يستاهل تقله دهب

مدفون و منسي في الحضيض

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن زين الشباب

لما فارقتهم المرحومة أمل

راحوا يدوروا في حلم الهروب

رجعوا جثث

و سيرتهم تتحدف بالطوب

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن اللي رسموا نبينا خنزير

ولا اللي بيقولو دينا دين حقير

ولا اللي بيقولو ان أمنا مريم زانية

ولا اللي كتبوا عن نبينا نوح انه شاذ

و لا اللي بيشتموا في الصحابة يوماتي بالمجاز

*

ايه

عمرك ما شفت

الحج للوجاهة

والزكاة اعلان دعاية

والصوم منعة أكل و شتايم مافيش مانع

والصلاة واجب روتيني

و الذكر و القرآن للشحاتة

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن فريق في لعبة

لما أراد يكسب

استشار حيوان

و لا كأننا بنشوف قريش

و أزلامهم قصاد الكعبة

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن كنيسة في ايطاليا

رهبانها ينادوا بالتسامح في الازمات

وهمه من جوه

نازلين تحرش في البنات

*

ايه

عمرك ما شفت

سفاح عايش في الامان

و حكومة مش لاقية مكانها ع الخريطة

و حكومة نجسة مدعومة م الامريكان

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن بلد

تجاور بلد عدوة

بينهم حروب و دم

بس المسئولين الود بينهم ممتاز

لأ و كمان تصدرلهم غاز

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن راجل شاطر

فوق العشرين سنة محافظ على شغله

رغم ان كتير من الناس مش طايقة صورته

و مع ذلك مشغل مراته معاه

و بيحاول يورث الشغلانه لابنه

*

ايه

بقه كل ده

عدا عادي

و انا بقه

لما اتمرد

تقول اصل و فصل

*

على فكرة

انا كان ممكن اكون

حد غيري

شخص تاني

بس ربنا

اختارلي أنا

ليه

هو اللي عارف

*

على فكرة

كان ممكن اكون

شغال في الفاعل

بتنفس تراب

و ايديا متشققة

بس كنت حبني للناس سكن

*

على فكرة

كان ممكن اكون

ضخم و شعري طويل

واقف على باب كازينو في شارع الهرم

أأمن لهو اللاهين

*

على فكرة

كان ممكن اكون

ويتر حرك في كافيه

انزل النسكافيه للهانم و البيه

يشربوا و يتمزجوا

و اطلع بتيبس انما ايه

*

على فكرة

كان ممكن اكون

سايس

احط طوبة هنا و قمع هناك

و اركن البنات المدلعة

و المس ايديهم بقلة أدب

و همه بيدوني الفكة

*

على فكرة

كان ممكن اكون

طيار

كل ليلة في بلد و كل نهار

اطلع بمهارة و لما آجي انزل

اسمع الركاب يسقفوا

*

على فكرة

كان ممكن اكون

كاتب شفيف

حسه نضيف

قلمه شريف

يقوم الدنيا بخط لطيف

*

على فكرة

كان ممكن اكون

من الاحرار

ظابط مناضل في مقدمة الثوار

يطلع حليم يغنيلي

و اطرد من بلدنا ملك حمار

*

على فكرة

كان ممكن اكون

صحابي

و اشيل سيفي في غزوة

و اطير رقاب

أعتي و أكبر الكفار

*

على فكرة

كان ممكن اكون

رائد فضاء

بشرب غدايا محلول محلول

و اتفرج بعينيا على السما الواسعة

و الكواكب و جمالها و النجوم

*

على فكرة

كان ممكن اكون

دكتور نفساوي

آخد بايد المهموم و المبتلي

اكلمه عنه وازيل بعون الله

اي جنون

*

على فكرة

كان ممكن اكون

رسام

في ايدا فرشة

و لوحة بيضا منورة و الوان

ارسم جمال الدنيا

و احط لمساتي

و ينشرح بسببها شخص

*

على فكرة

كان ممكن اكون

شيخ بجلابية

حافظ و صوتي يبكي

كل اللي يصلوا ورايا في الحرم

*

على فكرة

كان ممكن اكون

مخترع

بنسي الايام في المعمل

اطلع في آخر السنة

بدوا يشفي اللي فقد الامل

او جهاز

عشان احتياجات الناس تكتمل

*

على فكرة

كان ممكن اكون

مجرم خطير

اموت برصاصة

و اقطع الجثة و اطير

*

على فكرة

كان ممكن اكون

عازف جيتار

او عازف عود

صوابعي باللعب في الاوتار

تهز وجدان

مستمعين كتار

*

على فكرة

كان ممكن اكون

عصفور صغير

املا الصباح تغريد

فتفوتة تكفيني

و جناحاتي فين مانا عايز

توديني

*

على فكرة

كان ممكن اكون

قطة ملونة

عينيها تنور في الضلام

و كلها خوفها

م الكلب اللي متربص قدام

*

على فكرة

كان ممكن اكون

حصان أصيل

جسمه مبهر

و سرعته تشد العقول

في السبق رهانه مضمون

*

على فكرة

كان ممكن اكون

سمكة حلوة مزركشة

حوالي اعشاب كبيرة زاهية

و دايما دايما تلاقيني في الميه

و ماليش غير العوم غيه

*

على فكرة

كان ممكن اكون

صخرة كبيرة في الهرم

تقاوم تقلبات الزمان

و تكون من العجائب

*

على فكرة

كان ممكن اكون

نبات اخضر

فوق الغصون

اضلل ع البشر

و افرز ثمار

و اوهب لهم بقدرة ربي

هوا نضيف يتنفسوه

*

على فكرة

كان ممكن اكون

نجمة في قلب السما

بعيد بعيد مكاني

و يمكن يكون راح زماني

بس ضيي واضح للعيان

و بزين فوقيك المكان

و تعدني لما تكون عاشق ولهان

و تتونس بيا لما تكون في قلب البحر رسيان

و نوري الصغنن يديك أمل

و في ليلك و انت سرحان

اديك احساس بالجمال

و اشجعك على القتال

في دنيا ملغوصة

*

يبقي ايه يعني

لما اتمرد انا

و على فكرة

كان ممكن اكون

اي حاجة

في اي حتة

في اي زمن

بس ربنا اختارلي انا

ليه

هو الخبير

*

يا رب

انت الاله

واحنا العبيد

كلنا عبيد

عايشين من اكلك

و من شربك

و من هواك

ده حتي الفكر و الحركة و النصيب

من خزاينك

يا رب

يا اللي قدرتك مالهاش حدود

ياللي انت ومفيش غيرك

صاحب الخلود

يا خالق كل شئ عارفينه و منعرهوش

و ممسكش تعب أو لغوب

و معجزاتك يوماتي بتحصل

و كرمك ع الكافر مش منقطع

و سترك ع العاصي مستمر

و باب توبتك عمره ما انقفل

و حبك لينا و سر خلقنا

يا رب يا كبير

يا رب أمرك ما في قوة تمنعه

و عطفك ما في شئ يساويه

و قوتك ما في شئ يضاهيه

و حكمتك ما في حد يحيط بيه

اوعي تسيبني

او تتخلي عني

ده انا من غيرك ماسويش

Friday, July 9, 2010

قالوا


اذا أعدت صياغتك و أنت أعدت صياغتي

لأننا تداخلنا و توحدنا و انعجنا ببعضنا

نجحت تجربتنا كما لم تنجح تجارب الآخرين

فصرنا ملوكا على عرش الحب

حين بقي الآخرون هم عداد الرعايا

*

سعاد الصباح

Thursday, July 8, 2010

عن فريق البرازيل


لقد خرج فريق البرازيل من منافسات كأس العالم

*

لقد كانت صدمة .. لقد كان خبر سئ .. قضي على جدولي الجديد الذي خصص ثلاث ساعات لكل مباراة تلعبها البرازيل .. أنا لست من عشاق متابعة الدوري ولا كاس مصر .. أنا أي نعم زملكاوي .. انما لست مغرم بالمشاهدة الدقيقة و الاهتمام الزائد بكرة القدم بصفة عامة .. أما فريق البرازيل .. فله شأن آخر تماما معي

فريق البرازيل لا يلعب كرة قدم .. و لكنه يقدم عرضا راقصا من الفن الكروي العالي .. ربما كان هذا سر افتتاني بهذا الفريق .. الي درجة أن الزي الأصفر الغامق و الشورت الأزرق يضفي علي راحة نفسية غريبة .. و عندما أشجعهم و أنا أشاهد مباراة لهم أجدني متحمس متعصب أهتز على المقعد و أنفعل و أفقد تركيزي فيمن حولي كلما بدأت لهم هجمة و تفلت مني آهة احباط عندما تطير خارج الملعب و أصفق بيدي في قوة عندما يحرزوا هدفا .. و أستاء بشدة اذا أصيب أحدهم أو وقع و أسخط بشدة على لاعب الفريق الآخر الذي تسبب في وقوع اللاعب البرازيلي

فريق البرازيل كان يحمل أسماء ألمع و أشهر و أمهر اللاعبين على مستوي العالم .. أتابعهم منذ كأس العالم عام 1994 .. مرت أسماء كثيرة منذ هذا الوقت .. لا أنسي أبدا الماهر المنسي ريفالدو الذي لم يأخذ حقه من الشهرة كباقي أعضاء الفريق .. أذكر بيبيتو اللاعب القصير النحيف .. أذكر دينيلسون أكثر اللاعبين مهارة و أنانية .. أذكر الظاهرة رونالدو أول من بادر و حبب للعالم الدماغ القرعاء و لمساته التي تأتي بعد طول انتظار و مدي جمالها .. أذكر كافو لاعب خط الوسط أو الدفاع لم أعد أذكر الذي كان لديه وجه صارم و أداء مهاري جاد .. أذكر كذلك مباراة فرنسا و البرازيل في نهائي كأس العالم 98 فيما أظن .. و بتسديدة فرنسية قتلت تتويج البرازيل بطلة و كم عانيت شخصيا من خسارتهم

فريق البرازيل أيضا أكثر من حفنة لاعبين فنانين .. انهم سجل حافل بالانجازات البطولية .. لقد احتكرت البرازيل كرة القدم كبطلة و كلاعبين مهرة و كلعبة شعبية .. أكثر الفرق حيازة للكأس .. و لاعبيهم منتشرين في شتي فرق الدوري اللامعة .. و كنت قد بدأت أتابعهم بدقة منذ الكأس قبل الماضية .. الكأس قبل الماضية فازوا على ألمانيا و توجوا أبطالا للعالم .. ثم في الكأس الماضية هزموا و لم يصلوا للنهائي و لكنهم طيلة البطولة كانوا دوما فائزين و في آخر مباراة خرجوا منها هزموا بالظبط عشرة دقائق .. و بالمناسبة في هذه الكأس هزموا و لم يصلوا للنهائي و مدة هزيمتهم عشرين دقيقة فقط

فريق البرازيل رغم امكاناته الجبارة .. لا يهدف الي الفوز بأهداف كثيرة .. غير مهتم باذلال الفريق المنافس .. هو فريق أراه تقيل .. ينزل فيرقص .. وعندما تحين اللحظة المناسبة يحرز هدف واحد و لا يحرز غيره الا اذا تم استفزازه بهدف من الفريق المنافس

خرجت البرازيل من الكأس .. سوف أفتقد هذا الحدث المتلألئ و فرحتي الغامرة عندما يحرزوا هدف بمهارة العازفين .. و فرحتي الأشد عندما يحملوا الكأس .. كأس العالم الآن لن يعد له طعم بالنسبة لي .. أعتقد أني سوف أفكر جديا في متابعة كأس أمريكا الجنوبية لأعوض شغفي بأداء هذا الفريق المميز المتألق دائما .. انهم حتي لو طردوا من هذا الكأس سيظلون الفريق الوحيد في العالم الذي فاز بالكأس خمس مرات و هو انجاز لم يصل اليه أي فريق على وجه الأرض .. تحياتي و اجلالي و احترامي الي فريق البرازيل و مدربه و قائده دونجا المختلف

*

اللهم يسر

و لا تعسر