Friday, December 9, 2011

قالوا


لماذا الجزع يا قلبي
أما ودعت الاحباب من قبل
أنسيت أن الموت أقرب اليك من حبل الوريد يجيئك من حيث لا تحتسب
كأنكتمنيت ان يبقي بعدك
يرثيك و يترحم عليك
كان اوثق صلة بربه
و اصفي روحا
و ابلغ دعاء
فيا ليته ظل ، و أنت ذهبت
و لو كان الموت يقبل المفاداة
لكانت تلك قسمة عادلة
انما الله قاهر فوق عباده
و مشيئته لا ترد
فالحمد لله
جاءك الخبر الفادح على غفلة
فزعزع اركانك
واحسرتاه
من لي بعدك بتلك الابتسامة المضيئة
و ذلك الوجه الرضي
كأنه مرآة مجلوة تعكس دخيلة قلب يفيض بالخير و المحبة و تقوي الله
كان تاج السر محمد نور أخي و صديقي
ابن عمتي و صهري من بقية النفر الابرار الذين مشوا على الارض هونا
و نادتهم الحياة و نادوها بلسان المحبة
الاصفياء الذين صابروا و رابطوا في الحميو ظلت نيرانهم موقدة
ولد في السراء فلم تبطره السراء
و حين تحول الزمان لم يأس على تحول الزمان
مثل الجبل الأشم
يمر به السحاب و تهب الأعاصير
ما اوسع الحزن و ما اضيق الكلمات
و هذا عدل نفسي بالحق
ألا يعزيك ان تعلم انه رحل عن الدنيا قرير العين راضي النفس
اما كان دائما كأنه على اهبة السفر
لم يتريث للوداع
لم يلوح بيده
لم يتلفت وراءه
كان ذاهبا الي لقاء ربه في صلاة الجمعة
مقبلا اليه بكليته
على اهبة الاستعداد للسفر
في الطريق ثمة
ناداه الصوت الذي تبعه منذ البدء
استجاب له ببساطة
بلا جلبة ولا ضوضاء
كان مقدرا ان يتم الامر على هذه الصورة
فقد عبد الله في خفية
عبد الله بخشية و خفية
فلا تكاد تعرف طول عبادته
ولكن سره كانت تفضحه الانوار التي تلمع على وجهه
نشأنا معا منذ طفولتنا
فقد كنا من سن واحدة
يصغرني بعام
كان الزمن جميلا
فتقاسمنا حلاوة الزمان
و حين تغير الزمان
كان بعضنا يشد أزر بعض فلم نكترث لتغير الزمان
أولئك اخوتي في العهد الاول
هو و علوب و سيد اراهيم عباس مد الله في اعمارهم
و كان هو اسرعنا بذلا
و أصدقنا قوله
و أمضانا عزيمة
و أرجحنا عقلا و أكثر مرحا
و أصبرنا على الشدائد
كانت فيه غبطة و فرح داخلي
كأنه يتكتم نبأ سار
و تلك السكينة لأنه أبدا و لم يجرب الاحساس بالذنب
و من أين يجيئه الاحساس بالذنب
نشأ في طاعة الله
أطاع الله ببساطة
و كأنه لا يبذل جهدا
و كأن سبل الحياة المحيرة قد سدت كلها عليه
و انفتح امامه طريق واحد
هو طريق الخير و الصلاح
فسلكه
و ظل يسير فيه الي لقائه الموعود بربه يوم الجمعة
من اين يجيئه الاحساس بالذنب
لقد اوفي بالعهود كلها و اكثر
بر بأبويه و وصل أرحامه
ورضي عن الناس و رضوا عنه
استقبل القادمين و ودع المسافرين
و عاد المرضي و دفن الموتي
وفي بنصيبه و نصيبي ايضا
يسد كل ثغرة اغفلتها
و ينهض بكل واجب تركته
يقبلني على علاتي
و يغض الطرف عن هفواتي
رجل ثابت في زمان متقلب
كنت اغيب العام و العامين
و حين اعود اجده كما عهدته دائما
داره تتسع قليلا
و أثاث بيته يتحسن قليلا
انما ابدا لا تجد عنده آثار نعمة طارئة او ثروة مفاجئة
و الدار ابدا عامرة بالناس
عشيرته و اصدقاءه
لا يكادون يتغيرون على مرور السنين
عمل في مصلحة الجمارك و هو دون العشرين من عمره
و ظل يرقي الدرجات بفضل اخلاصه و جده
و ذكائه الخارق
و تلك العناية الالهية التي كان تقود خطاه
حتي وصل الي ارفع المناصب
و اصبح من قلة يضرب بهم المثل في الكفاءة و عفة اليد
كان يقول انه قطع عهدا على نفسه
ألا يطعم عائلته من المال الحرام
و ما كان اكثر المال الحرام
ظل من الصابرين المرابطين في الحمي
مرة سافر الي بعثة دراسية في معهد الجمارك في الاسكندرية
و مرة ذهب معارا من حكومة السودان الي اليمن
و خرج مرتين لأداء فريضة الحج
غير ذلك لميبرح السودان ابدا
و انا و امثالي نضرب في البلاد و نجوب الآفاق
شجرة وارفة تتفيأ ظلالها و تأكل من ثمارها
تجلس اليه فتغرف من نبع لا ينضب
كان قوي الذاكرة بشكل عجيب
يحفظ القرآن و الحديث و الشعر الفصيح و شعر الدويت و التاريخ و الأنساب و الملح و الطرائف
يغمرك بروحانيته
و ينسيك عنت الحياة
يجعلك تحس انك افضل مما انت في الحقيقة
تحس ان مجرد وجوده في الدنيا يجعلها اكثر خيرا و اقل عدوانا
رجل مصباح
يكون قدوة و يضرب به المثل
جاد به الزمن في لحظة من لحظات أريحيته النادرة
فرف مثل طيف جميل
مثل الغيث في الربيع
ثم مضي على عجل و يا للحسرة
و لما استرد الخالق وديعته
فكأن الزمان عاد بخيلا كعهده
رحيله و رحيل الصالحين من امثاله
علامة كما جاء في الاثر
مضي الي حياة افضل ان شاء الله
مع الصديقين و الابرار
و انا لي الله
لأنه أغني حياتي بحياته
و أفاض على من بركاته
فانه برحيله قد أفقرني جدا
و تركني أقل مما كنت
و أنا قليل أصلا في ميزان الحق
أف للدنيا
تعطيك هباء يحسبه الناس هبات
و الذي تحبه يذهب و لا يعود
و لا عزاء
رحم الله تاج السر محمد نور
و صبر جميل و الله المستعان
*
الطيب صالح

Thursday, December 8, 2011

عن العلاقات الزوجية : لغات الحب الخمس .. الجزء الخامس


نتناول في هذه التدوينة اللغة الخامسة و الأخيرة في كتاب لغات الحب الخمسة و هي اللمسة الجسدية
*
نعلم ان التلامس الجسدي بعيدا عن ممارسة الجنس هي احدي التعابير عن الحب .. و تتجلي فوائد التلامس الجسدي بشدة من نتائج الأبحاث العديدة التي أجريت على الاطفال .. فالطفل الذي يداوم أبويه على لمسه .. سواء بالحضن أو الطبطبة .. ينمو أكثر صحة من نظيره الغير ملموس .. كما يتميز عاطفيا و نفسيا على مستوي السلامة مقارنة بنظيره .. لذلك فالتلامس بين المحبين له نفس القوة مقدارا و تأثيرا .. كتشابك الأيادي و القبلات الحانية و الضم بحنان الي جانب ممارسة الجنس .. و للبعض .. التلامس الجسدي يمثل لغة الحب الأساسية .. أي بدونها لا يشعرون بأن شريكهم يحبهم .. أما بتطبيقها فيشعرون بالحب .. و يمتلئون بالأمان في هذه العلاقة
قديما قالوا .. أقصر طريق لقلب الرجل .. معدته .. و على اثر هذه المقولة يطعم الرجال حتي تفشي ظاهرة الكرش .. و سبب هذه المقولة الاعتقاد بأن معدة الرجل هي مركز اهتمامه العاطفي .. و تدعم هذه المقولة و ممارستها أن في عائلاتنا القديمة يقوم الرجال باستحسان طبيخ زوجاتهم و اعلان حبهم المفرط لهم عند أكله و كثرة مديح نكهات زوجاتهم و نفسهم .. في البيت و في العلن .. فتقع بعض المحبات في هذا الفخ و يتقن الطبخ .. و لكن الزمان تغير بالاضافة الي انهم لم يتزوجوا من آباءهم ! .. المحبين من الذكور الآن اختلفوا .. ما أسهل طلب الطعام .. ولكن ما أشق الحصول على متعة الجنس .. فعندما تكون الزوجة بالغة الاهتمام بالمطبخ و بعيدة الاهتمام عن المعاشرة .. فيؤثر هذا سلبا على حب الزوج .. الزوج لا يكره وجبة زوجته الشهية و لا يستصغر مجهودها .. و لكن كل هذا لا يعوض احتياجه لاستجابتها للمعاشرة .. و ربما لا يشعر الزوج بأنه محبوب
المعاشرة الجنسية لهجة من احدي لهجات لغة التلامس الجسدي
فحس اللمس .. احدي أهم الحواس الخمس .. لا يقتصر على ممارسة الجنس .. الجلد في البشر هو أكبر عضو لدي الانسان لأنه ببساطة هو الجسد الخارجي كله .. عندما يتم لمس هذا الجلد او الضغط عليه بأي صورة أو كيفية .. ترسل على الفور تنبيهات عصبية الي المخ .. و المخ يقوم بتبيان الملموس .. دافئ أم بارد .. صلب أم ناعم .. يسبب ألم أم متعة .. و من ضمن التفسيرات في المخ .. اللمسة محبة أم كارهة .. الي درجة أن لمسة قد تصلح علاقة اثنين متزوجين أو تفسدها .. يمكن للمسة أن ترسل الحب أو الكراهية .. و خاصة اذا كان الشخص لغته التلامس الجسدي .. فاللمس له تأثير أقوي بكثير من أية ألفاظ متاحة .. فمثلا الصفع لا شك مضر نفسيا و عاطفيا و جسديا .. و لكنه كذلك لمن لغته الاولي في الحب التلامس الجسدي .. كارثية و مدمرة .. و على الجانب الآخر .. الحضن الحنون مفيد نفسيا و عاطفيا و جسديا .. و لكنه لمن لغته الاولي في الحب التلامس الجسدي بناءة و موصلة أكثر من أي لفظ في الدنيا
و بين المتزوجين .. التلامس الجسدي يمكنه اتخاذ أكثر من هيئة .. نظرا لوجود الجلد في كل مكان .. فلمس المحبوب في اي مكان على جسده هو له الحب .. و لكن هذا ليس معناه أن التلامس في اي مكان يتساوى .. فبعض اللمسات في بعض الاماكن يجلب الاحساس بالحب اكثر من اماكن اخري .. أفضل مرشد لأفضل نتيجة هو شريكك .. و مفتاح النجاح في التلامس .. لا تلمس في المكان الذي تعتقد أنه لمحبوبك جيد و لا تنتقي انت الوقت حسبما تعتقد .. لأنه بعض التلامس في بعض المناطق قد يكون له تأثير سلبي .. و اصرارك على لمس هذه المناطق قد ترسل عكس ما تريد ارساله .. كما انه يرسل أنك لست مهتم بما يرضيها .. و لاتقع في الخطأ المنتشر الذي يفترض أنك عندما ترتضي لمس مكان معين يرضيك أنه يرضيها طالما انت مرضي .. بل اسأل و تأكد و اسعي
و اللمس قد يكون خارجي و يتطلب تركيز .. كالمساج و دعابات ما قبل الجنس .. أو داخلي .. لا يتطلب وقت و تركيز .. كوضع اليد على الكتف و تشابك الايدي و احتكاك الاجساد اثناء السير .. بالطبع اللمس الخارجي يتطلب مجهود و وقت .. ليس في اللمس فحسب .. بل ولا تنحصر قيمة اللمس الخارجي في آلية اللمس فحسب .. انما تكمن قيمته في الوقت المبذول منك و الفهم الذي تجتهد فيه بأن تلمس شريكك بأسلوب ليس من الضروري هدفه الجنس و لكن هدفه الأكبر ايصال الحب اليه ماديا .. و مع ذلك ان كان شريكك كانت لغته التلامس الجسدي و لهجته المعاشرة الجنسية .. فبالتأكيد القراءة عن المعاشرة و مناقشة ما يمتعه و السعي لتنفيذه يوصل الحب له ماديا .. أما اللمس الداخلي .. فيتطلب وقت أقل ولكن فكر أكثر .. و بالأخص ان كانت لغتك بعيدة عن التلامس .. فعلي سبيل المثال .. الجلوس امام التلفزيون لمشاهدة برنامج ما يمكن ان يكون فرصة مواتية لتوصيل الحب لشريكك اذا احسنت التفكير فاستغلال الموقف .. او الحضن البسيط و القبلة الخاطقة قبل النزول الي العمل صباحا .. لا وقت متاح و لكن بالفكر فالاسلوب تستطيع ان تضبط مزاج اليوم كله
عندما تكتشف ان لغة حب شريكك هي التلامس الجسدي .. حدودك خيالك .. طبق كيفما يشاء فكرك .. و لا يخفي أن هناك ما يليق و ما لا يليق في اللمس .. و يرشدك فيما لا يليق شريكك .. و تتجلي قيمة التلامس عند الأزمات الطاحنة التي تملأ حياتنا .. كفقد عزيز .. فاللمسة الدافئة تغني عن عشرات الكلمات الحانية
*
باب التلامس الجسدي باب واسع و عريض يحضرني فيه ذكر الكثير .. أضيف مما أعرفه الآتي
اولا : على مستوي سيرة النبي محمد صلي الله عليه و سلم
في اعتقادي الشخصي .. النبي محمد صلي الله عليه و سلم هو النموذج الذي في اتباعه كل الفلاح .. و في سيرته كل كبيرة و صغيرة .. وجدت في سيرته تطبيقا للتلامس الجسدي .. فعلي سبيل المثال
مع الاطفال
روي عن البراء أن النبي صلي الله عليه و سلم أنه كان يأتي فاطمة و يطلب منها ان ترسل ولداها و هما الحسن و الحسين فيضمهما الي صدره .. و روي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه و سلم كان يضم الحسن و الحسين الي صدره و يقول عنهما أنهما ريحانتي في هذه الدنيا .. و روي عنه صلي الله عليه و سلم أنه اذا حضر في بيت فاطمة كان ينادي حفيده فيأتي مسرعا و يتعلق به فيقبله .. و من المعروف ان للنبي صلي الله عليه و سلم ولد و كان اسمه ابراهيم و لكنه توفي صغيرا .. و لقد روي عن النبي صلي الله عليه و سلم أنه عندما كان يزور ابنه ابراهيم في بيت مرضعته .. كان يهم بحمله في حضنه و يمسح على رأسه و يضمه و يقبله
أما مع زوجاته
فمن أشهر الحديث النبوي: انك لن تنفق نفقة الا اجرت عليها حتي اللقمة ترفعها الي في امرأتك (او كما قال) .. و بالطبع نجد التطبيق المستمر للتلامس الجسدي بين المتحابين : محمد بن عبد الله صلي الله عليه و سلم و عائشة بنت أبي بكر زوجته و حبيبته .. ثبت في صحيح البخاري أنها أحب زوجاته اليه .. و لقد سئل النبي محمد صلي الله عليه و سلم : أي الناس أحب اليك .. قال عائشة .. و كان المتعارف وقتئذ أن من أراد أن يهادي النبي فليختار اليوم الذي يكون فيه عند عائشة تقربا له لعلمهم بحبه لها .. هناك رواية شديدة التردد و هي أنه صلي الله عليه و سلم كان يقبل عائشة زوجته و اذا شربت عائشة من اناء أخذه و وضع فمه موضع فمها و شرب .. و كان يتكئ في حجرها و يقرأ القرآن و رأسه في حجرها .. و كان يقبلها وهو صائم .. و كانا يغتسلا في اناء واحد .. و في موقف .. نزل الدم من أنف عائشة فقام صلي الله عليه و سلم و غسل عنها الدم من وجهها و ثوبها .. و من أحاديثه أيضا : انك لن تنفق نفقة الا اجرت عليها حتي اللقمة ترفعها الي في امرأتك .. و كانت نتيجة هذا الحب الممتزج بالتلامس الجسدي أن النبي صلي الله عليه و سلم مضرب المثل فب الحب و الحنان .. رغم مسئولياته الجمة في تبليغ رسالة ربه الي العالمين .. عندما حان وقت وفاته استأذن زوجاته ان يموت عند عائشة .. و دونا عن أي عمل يختاره النبي في آخر لحظاته .. اختار النبي الرجل العظيم الأفضل على الاطلاق .. ان يموت -كما تقول كتب السيرة - مضطجعا على حجر عائشة
صلي الله عليه و سلم
ثانيا أضيف: على مستوي الكتابات الغربية العصرية و أبحاثهم
أما الكتاب الاول
تذكر احدي هذه الابحاث أنه قام الباحثون باجراء اختبار على 1000 يتيم في دار ايتام .. فتم تقسيم العدد الي قسمين .. النصف الاول لا يقوم المربين في الدار بالمداومة على لمسهم سواء في الاطعام او غيره .. و النصف الثاني تقوم المربيات بالمداومة على اللمس .. و استمر الاختبار لعامين متواصلين .. و كانت النتيجة المذهلة .. اذ وجد النصف الاول في حالة ضعف جسماني ملحوظ و النصف الثاني في حالة جسمانية افضل بكثير .. و في بحث آخر تم ممارسة المساج ثلاث مرات يوميا على رضع لمدة 10 ايام .. و تمت المقارنة بين هؤلاء الرضع و الرضع الآخرين .. وجد أن الرضع الذين خضعوا للمس بصفة مداومة .. أكثر انتباه و نشاط و استجابة و نومهم اعمق و ازداد وزنهم بشكل أسرع .. و في بحث آخر وجد ان الاطفال الذين ينشأون في بيت اللمس بين الآباء و أبناءهم متداول ينمون الي اشخاص اجتماعيين و اكثر سعادة و لديهم اصدقاء اكثر قربا و زيجات اكثر نجاحا .. و وصل الامر في بعض الابحاث على مستوي الشعوب ان الشعوب التي تحتوي على ثقافة اللمس عندها معدلات جريمة اقل من الشعوب الأخري .. يضاف الي ذلك أن اللمس هو أول حاسة تنشأ في الانسان و آخر حاسة في الزوال .. كما يصف هذا الكتاب حالة تصيب الازواج تدعي "الجوع الجلدي".. و هي حالة من انعدام التلامس الجسدي .. ليس المقصود المعاشرة الجنسية .. بل قد تكون المعاشرة الجسدية موجودة .. و لكن دونها لا يوجد تلامس .. انما التلامس مطلوب و له صور كثيرة مثل الحضن و الطبطبة و التدليك و ما الي ذلك .. بمعني آخر .. كل التلامس الجسدي الذي لا يهدف للجنس .. و يذكر هذا الكتاب ان الرغبة في هذا النوع من التلامس الجسدي لا يفني مع تقدم العمر .. بل هناك بحث اجري على من هم فوق الستون حيث تم منحهم لدمة ثلاث اسابيع مساج بصفة منتظمة و كانت النتيجة أنهم اصبحوا اقل اكتئابا و اجهادا و قللوا زياراتهم لأطبائهم و باتوا اكثر اجتماعيا
و على رأس كل وسائل التلامس الجسدي .. يجزم الكتاب أن الحضن هو القمة .. اذ انه في وقت السرور و الحزن و الفخر و التسامح و الألم فالحضن لغة عالمية للمشاركة .. أيا كان نوعك او ثقافتك او جنسيتك .. الحضن يعبر عن الاهتمام .. و للأسف .. يقول الكتاب ان المكان الذي يباح فيه الحضن دون قيود هي اماكن العزاء فحسب .. ان الحضن يزيد من قدرة الجلد على تنفس الاكسجين بنسبة خمسين بالمائة .. و حتي اللمسة الدافئة البسيطة تستطيع ان تخفض نبضات القلب و تهدئ من ضغط الدم .. و المساج يدعم جهاز المناعة و يحسن من القدرة على التركيز و يقلل من القلق .. و العلاقات الزوجية أمثل مكان للأحضان .. فحضن شريكك هو الملاذ الوحيد في العالم لك
اما الكتاب الثاني
يستهل ببحث اجري على القرود الصغيرة .. الفرق بين فريق كان يمارس عليه التلامس بصفة منتظمة و أخري لم يمارس عليها .. و مجددا جاءت نتائج مذهلة .. فالمجموعة الذي لم يمارس عليها التلامس الجسدي اصيبت بالاحباط و المرض و وصل الامر الي حدوث نسبة وفاة لا يستهان بها .. كما اجري بحث آخر على الرضع بعد الولادة بعشرة أسابيع حتي الشهر السادس فوجد ان هؤلاء الرضع الذين لديهم امهات يداومن على التلامس لهم معدلات اصابة بالبرد و الزكام و القئ و الاسهال أقل بحدة من غيرهم .. و في دراسة أخري وجد أن السيدات اللاتي يتعرضن للاكتئاب يتعافين سريعا اذا ما تم ضمهم من قبل ازواجهم بصفة منتظمة .. و المفاجأة أن فترة التعافي اعتمدت على فترة الضمة الواحدة .. فكلما زادت مدة الضمة اصبح الشفاء أقرب .. و تم التوصل في دراسة في هذا الكتاب الي نفس النتيجة للدراسة في الكتاب السابق : المجتمع الذي ينشأ أطفاله بالتلامس الجسدي لديه معدل جرائم أقل .. و هناك دراسة أخري أثبتت أن المتحرشين جنسيا بالأطفال كانوا هم أنفسهم أطفال لم يتمتعوا بالجنان و بالأخص التلامس الجسدي
يسرد الكتاب بعض الحقائق قائلا أن الجلد هو أكبر عضو في جسم الانسان لأنه ببساطة هو الجسم الخارجي كله .. و يحتوي هذا العضو على مجسات عديدة .. فهناك 2،800،000 مجس للألم و 200،000 مجس للبرودة و 500،000 مجس للاستجابة للمس و الضغط .. جلد المرأة أكثر حساسية من جلد الرجل بعشرة أضعاف .. و تؤكد الأبحاث ان أكثر الذكور حساسية في الجلد أقل من أقل أنثي حساسية في الجلد .. أما خشونة جلد الرجل فترجع الي تواجد طبقات دهنية أكثر للتحمل .. أما الهورمون المسئول عن الاحساس باللمس فيسمي الأوكسي توسين .. و هناك بحث فريد أجري على الفئران .. فوجد أن الفئران الصغيرة الذين تلمسهم أمهاتهم بصورة منتظمة .. يزداد وزن أمخاخهم و ينموا أكثر ذكاء من غيرهم من الفئران
أما في الفروق بين النساء و الرجال .. فالرجال تحت ضغوط الحياة و عند التعرض للأزمات .. يفرون من اللمس و يلوذون بعوالمهم الداخلية في أذهانهم و يصمتوا .. أما النساء فيبدأون بالتودد الجسدي لأزواجهم .. ليس رغبة في المعاشرو الزوجية .. و لكن لرغبتهم في التلامس الجسدي .. و ذلك لأهمية التلامس بالأخص لدي النساء .. لذلك تجد الزوجة الغاضبة الساخطة على زوجها تعبر عن احساسها هاتفة : لا تلمسني .. أما الرجال فلديهم طبقات في جلدهم كثيرة .. لذلك تنمو تجاعيد وجههم أسرع من النساء .. و من باب السخرية يقول الكاتب ان الرجل لديه نفس حجم الحساسية الذي عند المرأة و لكن متركز في مكان واحد فقط .. بعكس المرأة الذي ينتشر مناطق احساسها في جسدها كله
*
في نهاية هذه التدوينة أقول ان التلامس الجسدي نعمة عظيمة تمنح للمتزوجين يمكنها صنع المعجزات .. يمكنها ان تزيد الحميمية بينهم .. فتصفو أذهانهم .. و تصير حياتهم أجمل في جميع الجوانب .. و من أبرزها كما عرضت الكتب السابقة .. الصحة
*