Thursday, June 2, 2011

عن العلاقات الزوجية : لغات الحب الخمس .. الجزء الرابع



اللغة الرابعة في كتاب لغات الحب الخمس الرائع هي لغة الأفعال الخدمية





*





الأفعال الخدمية معناها الاقدام على أفعال -و فعلها- تعرف أن شريكك يحب أن تفعلها من أجله بالخصوص .. و تعرف أيضا أنه يحب أن تفعل من أجله في العموم .. هو السعي لاسعادهم عن طريق خدمتهم .. هو التعبير عن الحب لهم بفعل الأشياء لهم .. أسياء تعد بسيطة و صغيرة .. كاعداد الطعام .. تجهيز طاولة الطعام .. غسل المواعين .. الكنس .. ازالة الشعيرات من المصارف .. اخراج القمامة .. العناية بمتطلبات الرضيع .. و غيرها كثير هي أفعال خدمية .. و كل هذا يحتاج من فاعله تفكير و تخطيط و وقت و مجهود و طاقة .. و لو تم فعلهم بروح ايجابية فهي تصل للشريك صاحب هذه اللغة على أنها تعبير عن الحب





يشرح الكاتب كيف توصل الي هذه اللغة .. يحكي كيف التقي بأصدقاء له قدماي متزوجان .. قابلهم ذات مرة و اشتكي له الرجل عن حقيقة استمرار الحب و بقاء الزواج .. و سأل الصديق "هل من الممكن أن يستمر الزواج حتي لو لم تكون هناك قواسم مشتركة" يقول الكاتب .. فعرفت أنه يعاني مشكلة في زواجه و عمدت الي تغيير مجري الأسئلة من العام الي الخاص .. فقلت له .. منذ متي و أنتما متزوجين .. قال الصديق " عامين .. و نحن غير متفقين في أي شئ " .. قلت أعطني مثالا .. قال الصديق أنه يحب الصيد فيذهب بصفة دورية و هي لا تحب ذهابه للصيد .. هو يذهب للكنيسة صباحا و لا يحضر الأمسيات .. هو لا يشترط عليها الذهاب في وقت معين و يترك لها حرية اختيار الوقت .. و هي تقول أنها تحب أن تذهب في الأمسيات و يكون هو غير موجود و هذا مزعج لها .. و أضافت أنها بالفعل مخيرة في توقيت الذهاب و لكنها كلما ذهبت لا ينفك يشتكي من تغيبها عن البيت .. هو دائما يشتكي و يتذمر كلما خرجت من البيت لأفعل أي شئ .. يستاء كثيرا عندما أزور أهلي أو أذهب للتسوق .. يحتج الزوج قائلا أنه لا يمانع في ذهابها لزيارة أهلها أو للتسوق .. كل ما في الأمر أنني أود كلما أعود للمنزل بعد العمل أن أجد المنزل نظيف و مرتب .. أري أنها تهمل في الحفاظ على البيت .. و أحيانا عندما أصل البيت لا أجد الطعام جاهز و هذا يسيئني كثيرا .. أنا أعمل بكد و تعب و أحب أن أعود لبيتي و آكل .. الي جانب أني أراها غير مرتبة .. تنتشر الأشياء على الأرض بكثرة في اهمال .. أنا آسف أنا لا أحب ذلك .. قد يكون المنزل ليس بالقصر الفخم و لكن العناية به ستوحي بذلك .. ترد الزوجة أن و ماذا عنه .. انه لا يساعد في اي شئ .. انه يعتقد ان الزوج يجب ان يجلس بلا عناء ليجد كل شئ على ما يرام .. انه يتوقع مني فعل كل شئ .. كل شئ .. عند هذه النقطة قرر الكاتب أثناء الحديث البحث عن حلول بدل من التنقيب عن المشاكل .. فسأل ماذا عن الوقت الذي كنتما فيه تتواعدا قبل الزواج .. قال الزوج أنه كان يذهب للصيد في الصباح كما يحلو له و لكن دائما يراعي الحفاظ على الليل من أجلها .. يلتقيا .. في الخارج أو في بيت أهلها .. و اذا أكل عند أهلها كان يقضي معها الوقت كله حتي أثناء غسل المواعين .. كانا يغسلانها سويا .. و في هذا الوقت كانت طالبة و كان هو يساعدها في مذاكرتها و ينجزان سويا ما هو مطلوب منها .. أصبحت تفتقد كل ذلك .. سألها الكاتب ما الذي جعلها تعتقد في هذا الأوان أنه يصلح ليكون شريك حياتها .. قالت الطريقة التي كان يساعدني بها .. كانت لديه رغبة شديدة في مساعدتي .. لم أجد هذه الصفة في أي رجل قبله .. و كنت أومن أنها تنبع من قلبه .. كان ساعتها أعظم رجل رأيته .. ولكن بعد الزواج كل هذا تغير .. لم يعد يساعدني في أي شئ .. فسأل الكاتب الزوج .. لماذا كنت تفعل ما تفعل قبل الزواج .. لا أدري .. لقد بدا الأمر طبيعيا لي في أوانها .. انها الأشياء التي كنت أتمني أن تحدث لي عندما يحبني أحد .. سأل الكاتب و لماذا توقفت بعد الزواج .. لا أدري .. ربما توقعت أن يصبح الحال كما كان في عائلتي .. أبي يعمل و أمي ترعي المنزل .. ثم قال ضاحكا .. لم أر أبي يكنس من قبل قط .. لا أتذكر أنه كان يشارك في أي شئ في الرعاية بالمنزل .. كان يعمل طيلة الصباح و أمي في البيت .. تغسل و تطبخ و تمسح هكذا .. أعتقد أني توقعت نفس المنوال بالنسبة لزواجي .. سأله الكاتب و ماذا تعتقد في الكلام التي قالته عما جعلها تختارك أنت .. أعتقد أنها اختارتني لأني كنت أساعدها و أشاطرها مسئولياتها .. سأل الكاتب .. أتري الآن المبرر في اختلاف معاملتها لك الآن .. هز الزوج رأسه موافقا .. قال الكاتب .. من السهل أن تتبع نفس منوال الزواج الذي رأيته في أبوك و أمك .. كلنا قد نقع في ذلك .. و لكن الاختلاف قبل الزواج عن بعد الزواج كان صادما لها .. الشئ الوحيد الذي ميزك في نظرها اختفي .. ثم سأل الزوجة .. ماذا تعتقدين في كلام زوجك .. ذكرت أنه قال أنه كان يبدو طبيعيا وقتها .. أضاف الكاتب و قال زوجك أيضا أنه ما يتوقعه أن يحدث له اذا ما أحبه أحد .. هو كان ينتظر منك أفعال لتعبري بها عن حبك له .. و عندما لم يري أي مما توقع هل تفهمين الآن الاختلاف الذي يشعر به ناحيتك .. هزت رأسها موافقة هي الأخري .. ثم قال الكاتب .. السبب الذي تعتقدون أنكما لا تستطيعا أن تستمرا في هذه الزيجة يكمن في أن كل منك لا يعبر عنه حبه للآخر باللغة المناسبة .. وافقا .. فطلب منهما الكاتب أن يذكر كل منهم للآخر ثلاثة طلبات لو حقق كل طرف طلبات الآخر سيشعر حينها بالحب .. كانت طلبات الزوج : ترتيب الفراش يوميا و الاعتناء بالرضيع جيدا و ترتيب أشياءها و منعها من البعثرة قبل أن يصل المنزل .. علق الكاتب قائلا .. اذا انت تعني أن زوجتك لو اختارت ان تقوم بهذه الطلبات سوف تصل لك على انها تعبير عن الحب .. قال الزوج نعم .. ثم كانت طلبات الزوجة : الاعتناء بالرضيع اذا كنت منشغلة في تجهيز الطعام و كنس البيت بأكمله مرة في الأسبوع و غسل المواعين .. فسألهما هل الطلبات تبدو لكما منطقية و قابلة للتطبيق .. وافقا .. ثم قال للزوج .. لا ينبغي عليك فعل طلباتها .. و لكن اذا اخترت أن تفعلهم ستكون وسيلة تعبير عن حبك لها .. ثم قال نفس الكلام للزوجة .. ثم اقترح عليهم أن يبدآ من باب التجربة في تطبيق هذه الطلبات لدة شهرين ثم يقيما النتائج





في هذا الموقف اكتشف الكاتب هذه اللغة .. و انبهر من حقيقة تواجد زوجين لهم نفس لغة الحب .. يقول الكاتب ان الافعال البسيطة الخدمية تنقل مشاعر كبيرة و عميقة لأهل هذه اللغة





ثم يسأل الكاتب اذا كان لدي هذين الزوجين نفس لغة الحب .. فلماذا اختلفا .. بعد التحليل يصل الكاتب الي نتيجة .. هي أنهما قد يكونا لديهما نفس اللغة و لكنهما يتحدثانها بلهجات مختلفة .. فشأن كل لغة حب هناك لهجات متنوعة .. مع التركيز و تحديد طلبات معينة وضحت اللهجات .. كالكنس و ترتيب المنزل .. وهذا يدل على أهمية معرفة اللهجة و ليس اللغة فحسب .. و هكذا يختتم الكاتب هذا الفصل





*





يحضرني بقوة شيئين قرأتهم من قبل تذكرتهم أثناء الكتابة عن هذه اللغة





أولا





النبي محمد صلي الله عليه و سلم الذي أري أنه القدوة في كل شئ من الخراجة بدئا من الشكل حتي الداخل وصولا الي القلب .. روي عنه أنه قال "خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم لأهلي " و هناك رواية أخري لنفس الحديث تقول "خيركم خيركم لنساءه" .. و أحاديث أخري .. مثلا .. وصفته زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها بأنه كان في مهنة أهله .. كان صلي الله عليه و سلم .. و هو الني الخاتم .. و الرسول المصطفي .. باني دولة الاسلام .. قائد أكير زعامة روحية في التاريخ .. صاحب أفضل الاخلاق .. المحارب في الغزوات .. الفقيه اذا ما سؤل .. الحنون الذي كان يطبطب على الشجر .. الرقيق الذي كان أحفاده يمتطوا ظهره أثناء الصلاة .. كان صلي الله عليه و سلم يصلح نعله و يكنس بيته و يحلب الشاة



ثانيا



صحابة الرسول الذين اهتدوا بهديه .. أسرد هنا حكاية في شدة الرقي و الطرافة



روي أن رجل جاء الي عمر بن الخطاب رضي الله عنه و كان في أوانها أمير المؤمنين .. و كان الرجل يريد أن يشكو زوجته لسيدنا عمر .. فسمع الرجل زوجة عمر تستطيل عليه بلسانها و تخاصمه و عمر ساكت لا يرد عليها .. فانصرف الرجل راجعا .. و قال لنفسه



ان كان هذا حال عمر مع شدته و صلابته و هو أمير المؤمنين فكيف حالي



و هم بالانصراف فرآه سيدنا عمر فناداه قائلا



ما حاجتك يا رجل



فقال الرجل



يا أمير المؤمنين .. جئت أشكو اليك سوء خلق امرأتي و استطالتها على .. فسمعت زوجتك كذلك فرجعت



قال سيدنا عمر



يا أخي .. اني أحتملها لحقوق لها على .. انها طباخة لطعامي .. خبازة لخبزي .. غسالة لثيابي .. مرضعة لولدي .. و ليس ذلك كله بواجب عليها .. و يسكن قلبي بها عن الحرام .. فانا أحتملها لذلك



فقال الرجل



يا أمير المؤمنين و كذلك زوجتي



قال سيدنا عمر



فاحتملها يا أخي فانما هي مدة يسيرة



طبعا أنا اول ما قريت القصة دي ماصدقتش نفسي



!!!!!!!!!!!!!!!!



أهذا هو سيدنا عمر الضخم الغليظ العنيف العاتي الذي كانت تخشاه قريش بأكملها .. أهذه هي الرجولة في نظره .. يالها من أخلاق .. لا أدري لماذا هذه القصة غير منتشرة .. انها آية في الرقي و سمو الاخلاق .. و من رجل عرف عنه في كل قصصه شدته و غلظته .. مع زوجته يكون كذلك .. أضف الي ذلك أنه لم يستحي أن رجل رآه و زوجته تستطيل عليه .. بل التمس لها العذر من وراء ظهرها .. و هذا حقا لآية عظيمة في كل معاني الرقي .. لم يعاملها برفق أمامها ثم ذهب يشنع عليها من خلفها .. حقا رضي الله عنه



أتذكر الآن حديث آخر للنبي صلي الله عليه و سلم و كان يقول للصحابة وهو يصفهم "لو تركتم عشر ما انتم عليه لهلكتم" و عندما وصف من سيأتي من بعده قال "لو تمسكوا بعشر ما انتم عليه لنجوا" أو كما قال صلي الله عليه و سلم

قالوا



هناك نوعان من السعادة كما أن هناك نوعان من الحب .. فان سعادة الغرائز هر سرور زائل .. كما نجد في لذة الأكل و الشرب .. و هو سرور عاطفي .. ما هو أن نشبع حتي ينطفئ .. ولكن السعادة المقيمة هي ثمرة الوجدان و التعقل .. و كذلك الشأن في الحب العاطفي الذي ينشأ من أول نظرة .. اذ هو سرور زائل .. و لكن الحب الوجداني .. الذي تعتمد فيه على التعقل و التبصر و وزن القيم البشرية .. هو أكثر من السرور .. هو سعادة مقيمة



*



سلامة موسي