Friday, November 28, 2008

عن الأصول


الموضوع مضحك و مبكي .. الموضوع استحوذ على اهتمام البعض و سخرية الآخرين .. الموضوع ببساطة هو طرح السيد الوزير محمود محي الدين وزير الاستثمار المصري استجابة لنداء الرئيس و الهام داخلي بخصوص بمشاركة الشعب في أصول ممتلكاته .. قبل أن أعلق على الموضوع .. هذا تعريف بسيط بالأمر .. السيد الوزير طرح الفكرة الآتية: بيع قطاع الأعمال الحكومي المصري عن طريق توزيع صكوك ملكية للمواطنين المصريين يصبحوا بها الملاك الحقيقيون للشركات .. أما الحكومة فقسمت الشركات الي أربع فئات .. الأولي ستمتلك نسبة من الأسهم فوق 65% و هذا بالنسبة للمنتجات الاستراتيجية كالأسمنت و الحديد و الدواء .. الفئة الثانية ستمتلك الدولة منها نسبة لا تقل عن 51% و هي المنتجات الأقل استراتيجية مثل الصناعات التحويلية .. و الثالثة ستمتلك الدولة منها نسبة لا تقل عن 31% و هي القطاعات العادية الغير حساسة .. أما باقي النسبة فتذهب لنا نحن المواطنون .. قبل أن نصيح هأو و سلامات يا حكومة و نستدعي من الذاكرة فيلم هاني رمزي "عايز حقي" دعونا ندرك تفاصيل الموضوع .. الدولة منذ عام 1992 نهجت فكرة الخصخصة .. و حتي العام الماضي جنت حوالي خمسة مليارات من البيع .. السيد الوزير بدأت الفكرة تخبط رأسه منذ 2005 و هو يعمل بسرية و كتمان في دراسة الأمر مع لجنة مختصة .. الموضوع ده حصل في دول أخري فنجحت كسنغافورة و أخري ففشلت كروسيا .. الصكوك هي ما يطلق عليه أيضا محفظة مالية فيها أسهم متساوية لكل مواطن يحق له التجارة بها فيبيع منها ما أراد انشالله كلها أو يتاجر بها في البورصة .. و ملحوظة أخري .. القطاع العام تم تحويله الي لفظ قطاع الأعمال حتي يخفف من حدة الصدمة .. أما الأرقام فتتحدث هكذا : الصك قيمته تتراوح بين الربعمائة و الألفين جنيه .. عدد المواطنون المؤهل حصولهم على الصك هم فقط من تجاوز الواحد و العشرين عاما و تعدادهم 41 مليون بني آدم أما 10% من الأرباح فسيحتفظ بها في صندوق الأجيال القادمة و ذلك لمن لم يولد بعد أو لمن لم يتجاوز السن المقرر .. عدد الشركات في قطاع الأعمال حوالي 150 شركة .. عدد الشركات التي سوف تشارك في هذه الخطة حوالي 80 شركة .. الأسئلة كالآتي : هل ستكفي أصول 80 شركة لتوزع بالقسطاس على 41 مليون مواطن .. الأرقام تعود فتكشف عن أمر مريب : يقول الخبراء أن دخول 41 مليون مواطن الي سوق البورصة سيضخ سيولة بقدر عشرة مليارات جنيه و هو ضعف ما جنته الدولة منذ عام 92 حتي الآن .. أي انها خطة عبقرية لتعويض اللي فات .. نعود للأسئلة .. هل الحكومة تريد فعلا للمواطن أن يزيد انتماءه و حبه لوطنه فعكفت على طرح ما طرحت .. هأو .. دعونا نستعرض القطاعات الحكومية و مكاسبها .. أعلي شركة حكومية تحقق ربح هي شركات الألمنيوم حيث تحقق صافي 800 مليون سنويا و الثاني شركة الشرقية للدخان و تحقق 600 مليون سنويا ثم السكر و الكيماويات و تحقق 400 مليون جنيه .. المفاجأة : هذه الشركات لن تشارك في الفكرة .. اذا النية لادخال الشعب في ممتلكات الحكومة غير صادق .. سؤال آخر : بما أننا شعب يتمتع بنسبة بالغة الضخامة تحت خط الفقر أليس محتمل أن تهرع الفئات المعدمة من المصريين الي بيع صكوكها الي أول مشتري مصري كان أو اسرائيلي .. الاجابة وارد جدا .. اذا كيف نضمن أن النسب المتاحة للشعب لن تنتهي الي يد خبيثة تبيع و تشتري فينا .. يجيب الوزير بأن حدود الملكية تقف عند 5% و لكن جمال مبارك أعلن أن هناك رقابة و من سيمتلك نسبة أكثر من 10% من الاجمالي لابد أن يحصل على اذن .. ونحن نعلم جميعا كيف نعامل أي قانون خاصة لو صدر من جيمي .. سؤال آخر : هل الـ41 مليون هؤلاء يملكون أي ثقافة مالية تتيح لهم استخدام صحيح لما بين أيديهم .. أتت الاجابة في الحقيقة مقنعة .. اذ قيل أن مثال تكنولوجيا الاتصالات خير دليل على نجاح التوعية .. حيث يملك أكثر من عشرين مليون مواطن بين يديه و أصابعه تكنولجيا عالية جدا و مع ذلك يحسن استغلالها .. فلن يكون من الصعب أن نعلم أربعين مليون واحد كيف يتعاطون مع الأسواق المالية .. سؤال آخر : لما الراجل همه على الناس ألا يصح أن يعلن الأمر على الملأ ليناقشه الكل و يتداولوه .. هو مش يخصهم برضه؟ أم أن الحكومة تقرر ثم يعرض الأمر على المجلسين المحروقين على هيئة قانون من 17 مادة و طبعا الاستفتاء كلنا عارفين نتيجته .. ؟ .. سؤال : هل هذا معناه ان البلد حتتباع .. أكيد لأ .. البلد لا تتلخص في حاجة و تمانين شركة حتي لو حدث احتكار من قبل جهة واحدة .. ولكن الموضوع هو محض تلاعب بالعقول .. أشرح لك كيف : هذا القطاع العام هو أساسا ملك الناس .. و الدولة تديره بالنيابة عننا .. و عندما تحقق ربح فهو يعود على الموطنين على هيئة خدمات و ازدهار .. الموضوع الجديد يريد أن يمشي الأمور كما هي ولكن بورقة .. طب ايييه الفرق .. الفرق الجوهري هو ان امتلاك الشعب يسمح للقطاع أن يشتري .. اما في السابق فمن غير المعقول أن يشتري أحد قطاع الأعمال .. يعني في السابق الحكومة وحدها هي التي تقرر ان كان البيع مسموح و لا لأ .. أما الآن فنحن سنبيع بدافع الاحتياج و تيجي الحكومة تقول لنا ما انتو اللي بعتوا .. وهو أمر بالغ المكر .. سؤال أخير : هل من الأصول يا حكومة أن نفكر في بيع قطاع الأعمال بحجة زيادة انتماء المواطنين بينما أبسط الحقوق المدنية مصابة بالبيروقراطية و المواطن نفسه هذا يتمني مياه نظيفة و رغيف خبز سليم و متوفر و يريد صرف صحي آمن و هواء غير ملوث و خدمات طبية مستقرة و حقوق في الخارج ترعاه .. و اذا كان الرد : يا عم ده مجرد وزير استثمار و اللي انت بتقوله مالوش دخل بيه .. أسأل مجددا : هل الأصول يا وزير الاستثمار أن تهتم بهذا الأمر و واحد زي الوليد بن طلال يلتهم أراضي في توشكي معطلا الاستثمار فيها بدون أي سبب وجيه ولا هشام طلعت مصطفي الذي نهب أراضي مدينتي بما يعادل 400 مليون جنيه من الاستثمار و لم يدفع مليما ولا صفقة الغاز الاسرائيلي التي تخسر مصر يوميا 9 مليون جنيه من الاستثمار .. بقي دي أصول برضه؟

قالوا



مصر هبة الصين


*


يوسف القعيد

Tuesday, November 18, 2008

عن حسينهم


باراك حسين أوباما .. الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الأمريكية .. ليلة الرؤيا بالنسبة للأمريكان كان ليلة 4 نوفمبر .. المفترض لكي ينجح المرشح أن يجتاز 270 صوت .. و نظام الانتخاب لديهم معقد جدا .. و يشارك فيه المواطنون بحق و حقيقي .. و بلا تزييف أو تزوير أو وضع علامات صح في الاستمارات الفاضية .. و بلا معاقبة المنافس لمرشح الحكومة بالسجن و لا حرق مقر حزبه .. أوباما و قبل الميعاد المحدد لنهاية التصويت فاز .. و عند تهاية التصويت تعدي المصوتون له الثلامائة مستريح .. و باء ماكين العجوز الماكر بمائة صوت و يزيد .. لفوز أوباما دلالات تاريخية عظيمة بحق .. فلم يكن في حسبان أي سياسي أو أسود أن يري عرش الرئاسة الأمريكية يؤول الي أسود .. حري بنا أن نذكر أن أول رئيس أسود كان في فيلم أمريكي و كان مورجان فريمان .. أما أن يحاكي الواقع خيال هوليوود .. فهذا كان مستبعد .. أي نعم كان الاختيار الحقيقي بين أسود و امرأة .. انما الأمر يتصف بالفانتازيا قبيل بدء الانتخابات .. و بعد انسحاب هيلاري .. تبقي أوباما و ماكين .. ماكين عجوز .. مواليد 36 .. و قد شارك في حرب فييتنام و أبدي فيها بطولة واضحة .. و لكنه دماغه بالدرجة الأولي حربية .. و قد توعد لايران بالويل و الثبور .. الي جانب استخفافه بالشعب الأمريكي عندما جلب سارة بايلين لأنها امراة ليكسب عواطف محبي هيلاري و يغنم أصواتهم .. و هو ما فقسه الأمريكان بل و مسخروها و هروها تريقة على البرامج لديهم .. أما أوباما .. فظهر كرجل أمريكي أفريقي و معه زوجته و بنتيه .. و على فكرة زوجته دي مش أي كلام .. دي درست الحقوق في هارفرد و ستانفورد أعرق و أعنف جامعتين في أمريكا .. و وده الظاهر لعائلته حبب فيه الشعب الأمريكي بطبيعة الحال .. أوباما نفسه قصة نجاح .. فأنا أحترم كل من يكتب كتاب ثم ينجح و يبرز .. فهذا يعكس درجة من النظام في التفكير و تخطيط للأهداف .. أنور السادات كان ممن كتبوا كتابا ثم تولي الحكم و قد فعل باسرائيل ما فعل .. و كذا حسن راتب رجل الأعمال المصري .. كتب أيضا كتاب ثم انطلق يعمر أرجاء سيناء بمصنع أسمنت و جامعة جميلة .. أوباما بقي كتب كتابين .. أي انه ليس غوغائي و لا انفعالي .. أوباما ليس أول رئيس أسود فحسب .. أوباما الذي ولد عام 61 هو أيضا أول سيناتور أسود يخش الكونجرس عام 2004 .. أي ان الرجل قصة نجاح جديرة بالاحترام .. و أبرز ما جعله يقتنص حب الناس هو أسلوبه الذي بهر الكل .. و استمساكه و استمواته على كلمة "التغيير" الذي سعي لأن تكون شعار حملته و كانت أول جملة ألقاها عندما فاز .. الأمريكان بالفعل كانوا ساخطين على وضعهم الحالي .. فهم مكروهون من تقريبا كل شعوب الأرض .. و البركة في بوش الصغير .. هذا السخط الذي دفع هؤلاء و أغلبيتهم من البيض أن يصوتوا لأوباما .. النفلة التاريخية في أمريكا تتمحور حول السود الذين وطأت أقدامهم أمريكا كعبيد و أيد عاملة بلا حقوق و بلا رغبة من الدولة في الاعتراف بأي حقوق آدمية لهم الي جانب الكراهية الشديدة من قبل البيض لهم و عدم منحهم أي حق آدمي في ركوب المواصلات على سبيل المثال .. هؤلاء هم من جاء أحفادهم ليصوتوا مقبلين و بكل الارادة الحرة لأوباما .. شاهدت برامجهم عشية فوز أوباما .. السود سكبوا من الدموع أنهارا .. خاصة الكبار .. أقرب الناس للزمن الذي غشيهم فيه الغبن .. كانت سعادة غامرة .. و أحضان غير مصدقة .. لقد دمعت عيناي من رؤية هذه المشاعر الجياشة .. أوباما حقا غير أمريكا .. و الرجل أقر بالفعل في احد خطبه بأن قصته لم تكن لتتم الا في أمريكا .. و هذا حقيقي .. لقد كتب ابراهيم عيسي مقال حول افتراض أن لأوباما أخ و يحيي في مصر و عقد مقارنة .. أوباما أبوه كيني و أمه أمريكية .. و أبوه هذا مسلم .. لو أن أخو أوباما في مصر لظل يكافح حتي الآن لينال جنسية مصرية على اعتبار أن أمه ليست مصرية .. أما هناك فهو يتجهز ليوم 20 يناير المقبل ليجلس على أهم كرسي في أمريكا .. على فكرة أوباما ليس مرتد .. لقد استقصيت حول هذا الأمر .. لأنه لو كان مرتد لكان أمرا بغيضا جدا .. كل الحكاية ان ابو أوباما هجر و ترك البلد كلها و عاد الي كينيا أو مطرح ما راح و خلف الوليد .. فلم تري أمه من بد سوي تعميده في الكنيسة كأي طفل مسيحي .. و بذلك هو ليس مرتد .. المرتد هو من بلغ مسلما و اختار بمحض ارادته ان يغير ديانته .. أوباما قصة نجاح مؤثرة و ظرف تاريخي سنتذكر في المستقبل أننا حضرناه .. بس كما يقول المثل المصري العتيد "الحلو ما يكملش" .. هل أوباما حقا مبشر بالخير .. هل هو حقا الأمل في تغيير أمريكا و الأمريكان و العالم بأسره .. الاجابة تأتي بداية من الشخصية التي اختار أن يظهر بها .. فهو لم يظهر على انه أسود تقليدي .. نيجر أمريكي .. هو ظهر على انه استثناء من الكل .. تماما كما ظهر صلاح الدين في الفيلم الأمريكي "مملكة الجنة" .. عندما جاءت جملة في الحوار يسأله فيها أحد قادة الغرب عن سر أفعاله المسالمة و العادلة التي لم يعتدوها من المسلمين القتلة صاح بعصبية " انا لست كأي أحد .. انا صلاح الدين".. و بذلك يتضح أن صانعو الفيلم لم يتجشموا كل عناء تصوير الفيلم علشان خاطر سواد عيوننا أو عيون المسلمين .. و لكن لأنهم يكنون احتراما لصلاح الدين الذي ربما كان مسلما من وجهة نظرهم و لكنه استثنائي .. عظمته تنبع من شخصه لا معتقده .. و بنفس الطريقة بزغ أوباما .. أسود آه .. انما حاجة تانية .. دليلي هو ما قيل في الصحف على انه هو نفسه لم يظهر في الكنائس السوداء و لا القنوات الفضائية السوداء و لم يعرف انغماسه في مجتمع أسود و لا عرفت ميوله كميول أي اسود كحبه للراب و الهيب هوب و ولعه بالماريجوانا .. كل ما بادر به من ايماءة معبرة للسود هو زيارة كينيا مسقط رأس أبيه .. أضف الي ذلك كارت اسلام أبيه الذي لم يستغل سواء بالسلب أو الايجاب .. كارت تواري نهائيا عن التحليلات و النقاشات .. كأن الاسلام لا يعني شيئا عند أمريكا و الأمريكان .. أمر مريب .. هل هذا الاستنكار سمة من سمات أوباما .. هل هو وصولي موهوب .. أم مجتهد محظوظ .. المستقبل هو الذي سيجلي هذا الأمر .. لكن خطواته الأولي مش ولا بد .. فلقد عين كبير موظفي البيت الأبيض "رام ايمانيول" واذا طالعت أي جريدة و قرأت عن هذا الرجل ستخبطك أول جملة : أنه صهيوني الهوية عنيف الرأي من أب يهودي .. مممممم .. ربنا يستر .. هو أي نعم مع سحب القوات الأمريكية من العراق و ضد حرب ايران و قد رمي الأمريكان بوعود رنانة .. انما الخبراء في الانتخابات الأمريكية يقولون أن كل مرشح يتشدق بوعود و لا يعير معظمها أهمية عند توليه الحكم .. أوباما قد يكون وش الخير لأمريكا .. ولكن علينا تذكر أن أمريكا ليست دولة يحكمها فرد متمثل في رئيس الجمهورية .. انما هي دولة فيها كونجرس و مجلس شيوخ و مؤسسات أخري و مصالحهم فوق الجميع .. انهم عندما رغبوا في الاستيلاء على نفط الدولة التي تملك أكبر احتياطي نفط في العالم لم تستح من العالم كله و هرعت الي العراق و أسقطت نظامه و نكلت برئيسه و دنست أرضه الطاهرة التي نشأ فيها أبو الأنبياء ابراهيم عليه السلام و دمروا حضارته التي كانت محفوظة في المتاحف .. اذا أنا غير متفاءل .. ليس قبل أن أقرأ كل من سيعينهم أوباما و خلفياتهم لأطمأن قليلا .. أوباما قد يكون خير على أمريكا .. لكن على نفسهم .. نحن العرب .. غلابة .. لا تفرق معانا أوباما من بوش من ماكين من لينكولن نفسه .. أقسم انهم لو لهم مصلحة في شوية غاز تحت رجل أبو الهول لعبئوا الرأي العام الدولي و لهموا بتدمير الأهرامات و أبوالهول بل و كباريهات شارع الهرم كلها حتي يمتصوا ما يريدون و ليمرح المارينز في أرضنا .. هنيئا لهم بحسينهم

قالوا


آخر النهار .. قبل أن تذهب في النوم العميق -وتلك نعمة- ستكتشف أن بعض هزائمك انتصار .. لأنها أضافت اليك ما كنت تجهله .. و ان بعض انتصاراتك هزائم .. لأنك دفعت فيها ثمنا غاليا من اهتمامك و أعصابك و ربما سقطت مريضا أو بكيت على ذراعي الحزن

*

مفيد فوزي