Thursday, November 25, 2010

عن الفنان


انا فنان

ببساطة

في عروقي دم

زي كل انسان

كتير بيوصل لنقطة الغيان

و في ثانية يتلج

و يصير بردان

*

انا فنان

ببساطة

صباعي سلاحي

فلاحي

جندي و مش نايم

بل صاحي

عنده اهتمامات

في باله حاجات

يمكن تسعده او تصدع

انما الوتر بس

اللي يوضح

*

انا فنان

ببساطة

احضن جيتاري

بسعادة

و اعزف الحان

*

انا فنان

ببساطة

في وتر الحنان

انا شوكولاتة

لو دقتني

مش حتنساني

امضغني و ابلعني

و حتعيش في امتناني

*

انا فنان

ببساطة

في وتر الاهداف

انا الألاطة

مغرور و حالم و رومانسي

و طبعي غتيت

و مش انا اللي امشي

*

انا فنان

ببساطة

و ف وتر الجمال

انا زياطة

اقدره

و الزقله

و عينيا تدمع

بانبساطة

*

انا فنان

ببساطة

و وتر الرضا

ده حبيبي

راحة سعادة هنا

في نصيبي

سلام و جنة و دفا

في نصيبي

و رغم اني ملول

انما هذا الوتر

عمري كله معاه

ما يكفيني

*

انا فنان

ببساطة

و وتر المعرفة

ده جناحي

من قال ابن آدم

ما بيطرشي

و لا بالوان الدنيا

مابيتلونشي

و ان البهجة و الدهشة

وقت محدود

و مابيتكررشي

ابدا ابدا

كل الحكاية انك

مابتعرفشي

*

انا فنان

ببساطة

وتر المعيلة

دا كيف و مزاج

انا مهما كبرت

طفل كله عناد

و بحب اتنطط و ارفس

و اعمل وشوش

و اتمرجح

و اصاحب عيال

و أتأنزح

*

انا فنان

ببساطة

و وتر الروح

ده اساسي

ابص لفوق

انا يوماتي

و اسأل

هو انا حشوفك

و اقرا كلامه يوماتي

و بجد بحاول

انفذ

منايا تكون بتحبني

و ابقي ليك قريب

و تخصني

بمكانة مش لحد

*

انا فنان

ببساطة

عندي صوابع بتعزف

و عندي جيتار في قلبي

و دماغي كلها الحان

نفسي في ودان

تسمع

و حبة جمهور

يخشع

و الاهم اني

نفسي

افضل فنان

ببساطة

و مفقدش الرغبة

في عزف الالحان

Monday, October 4, 2010

قالوا


I Cant Get To Sleep

I Think About The Implications

Of Diving In Too Deep

And Possibly The Complications

Especially At Night

I Worry Over Situations

I Know I'll Be Alright

Perhaps It's Just Imagination

Day After Day It Reappears

Night After Night My Heart Beat Shows The Fear

Ghosts Appear And Fade Away

Come Back Another Day

*

ترجمتي

لا أستطيع النوم

أفكر في التأثيرات

عن الغوص بعمق شديد

و في التعقيدات المحتملة

و خاصة في الليل

أقلق حول المواقف

أعلم أني سأكون على ما يرام

و ربما كانت تخيلات

يوم بعد يوم تعاود الظهور

ليلة بعد ليلة قلبي يعرب عن الخوف

أشباح تظهر ثم تتلاشي

عد في يوم آخر

*

Artist: Colin Hay

Track: Overkill

Album: OST - Scrubs

Sunday, October 3, 2010

عن هاني الهوائي


تنبيه: كتبت هذه القصة في ظروف حزن خاصة

*

لم أعرف لأبيه اسما .. هو هاني فحسب .. وجدته حينما وجدني وعيي .. كنت صغيرا .. غلاما ملئ بكل شئ ماعدا الاستكانة الي غرفته .. و الكف عن الحركة .. و كان دائما حولنا .. كنا نلهو عند أطراف الشارع فوق الرصيف .. و على جوانبه حيث الشجر .. و في مدخل عمارتنا الفسيح الذي كان يسمح بالركض .. كنا نتخذ من أي شئ مصدر للعب .. السيارات نختبئ تحتها .. المارة نقذفهم بالحصي و نختفي .. الشارع نسقطه بأكياس المياه .. الأسانسيرات نتقافز بداخله وهو يتحرك .. ملابسنا نجذب بعضنا منها حتي تستطيل .. أجسادنا نمرغها في تلال الرمال .. أقدامنا نغوص بها في الطين .. لم نعدم وسيلة لتحويل كل لحظة الي مرح .. و كان هاني حولنا .. كان في عمرنا .. تتوسط وجهه ابتسامة بلهاء .. هي مزيج من خبله الذي ينعكس على سمته المنغولي و براءة مشوبة بحسرة لعلمه أنه لن يشاركنا .. كنا نلهو حوله .. اعتدنا وجوده .. و لكننا كنا نعامله كالهواء .. نجري فنتفاداه و لا ننبس بشئ كأنه غير موجود .. اذا اعترض طريق لهونا بالصدفة أشحنا وجوهنا و أمسكنا قهقهاتنا حتي يبتعد .. لماذا .. لم نكن ندري .. ربما لأن الشارع بأكمله يعامله مثلنا .. فلم نعلم وسيلة أخري .. و لكنه كان دائما هناك .. حولنا .. بابتسامته البلهاء

و كانت أكثر الأوقات سعادة عندما كنا نتلاقي و نذهب جماعة الي حديقة قريبة في شارع جانبي هادئ نتضاحك و معنا كرة .. نصل الي المساحة الخضراء التي أفلتت من اهتمام المحيطين بها و نتراكل بالكرة .. منا من كان يخلع حذاءه و يلعب حافيا .. و منا من كان يرتدي الحذاء المخلوع بدلا من حذاءه .. و منا من كان يروق له أن يرتدي جوربه فوق الحذاء .. و منا من لم يكترث بما في قدميه طالما أن الكرة تحسن النط .. كنا ننقسم لفريقين في عجل .. و حارس مرمي مشترك يتبرم من وقفته .. يولينا ظهره و يرمي الكرة في الهواء خلفه .. نهرع اليها .. نتصادم .. نسقط .. ننهض .. نجري .. نسدد .. نهنأ .. و هكذا دواليك حتي تنسحب الشمس و لا نعود نستطيع رؤية الكرة .. نزحف عائدين الي منازلنا و قد تلطخنا بالأتربة و الأوساخ و العرق .. و ربما حظي أحدنا بمزقة في ملابسه .. أو احمرار في جوارحه .. أو بقع دم على ساقه .. كنا نحتفل بأكثرنا تهديفا و نحن عودي .. و نسخر ممن لم يحرز هدفا .. كنا أحيانا نتلاكم و أحيانا أخري نتخاصم فيسير كل منا في طريق .. رغم أننا نقصد نفس الشارع و العمارة .. و اذا كان متوفرا معنا سيولة مالية من القروش كنا نعرج على الكشك القريب و نتلذذ بلحس الآيس كريم أو مضغ رقائق معلبة .. كنا نقوم بكل هذا بصفة دورية .. و في كل هذه الأثناء كان هاني من حولنا .. كان يتبعنا اذا سرنا .. يشاهدنا اذا لعبنا .. يضحك اذا هدفنا .. يحزن اذا تخاصمنا .. يبتهج اذا أكلنا .. ثم يعود لبيته قرير و كأنه استنفد طاقته في اللهو معنا .. و ظللنا نتجاهله عمدا .. دون سبب مقنع .. و كان دائما هاني حولنا .. بابتسامته البلهاء

و في يوم كنا في غاية الحبور .. ربما كان عطلة من المدرسة اذ كنا نلهو طيلة اليوم .. منذ اللحظة التي تلحفت السماء فيها بنور الصباح الخابي .. و كان ختام اليوم قبيل الغروب بسويعة عند الحديقة الخضراء .. معنا الكرة و مازلنا نريد اللهو .. و كان هاني حولنا .. لسبب لم أفهمه حتي الآن أخبرت أصدقائي أن يشاركوه معنا في اللعب .. رفضوا مندهشين من طلبي .. فرحت ألح عليهم أن يشاركنا ولو مباراة واحدة .. بدأوا ينزعجوا مني .. و كأني أتيت باقتراح يضرهم .. بحثت عن سبب يقنعهم .. فاستدللت بأمهاتهم اللواتي دوما يحذرونهم من الاقتراب من هاني .. فقلت باستهانة أني سأجعله في فريقي .. و لتصنع أمي ما شاءت .. فلان اعتراضهم .. شرعت في الاقتراب منه .. كان يحدق فينا كعادته .. داخلني شعور غريب و أنا أسير ناحيته .. لم أستطيع تفسيره .. و لكنه كان بلا شك يناسب هذه البداية العابرة التي لن تنتهي .. بدأ يدرك أني أخطو ناحيته .. لم يبدي قلقا او اعتراضا او حتي ترحاب .. نفس الابتسامة البلهاء .. و لكني عندما اقتربت و رأيت عينيه عن قرب .. اجتاحتني راحة قوية .. راحة كتلك التي أشعر بها عندما أتوعك و تحاصرني الحمي و أستسلم لصدر أمي .. راحة كتلك التي أختبرها عندما يفرح بي أبي و ينزل ليكافئني بهدية .. راحة كتلك التي تأتيني عندما يضمنا أنا و أختي الصغيرة و أخي الأكبر سرير واحد و ننهال على بعض زغزغة .. و وجدت هذه الراحة مغلفة ببراءة نقية تزيد من الراحة .. اقتربت منه حتي وقفت أمامه و دعوته للعب معنا .. وافق على الفور كأنه يزاملنا يوميا .. وددت لو أمسكت بيديه و نحن نعود الي أصدقائي .. و لكني خشيت من سخرية أصدقائي .. وصلنا اليهم .. أدخلته فريقي .. شملنا صمت في بادئ الأمر .. حتي مر الوقت و اعتدنا وجوده و ربما أدركوا أنه لا يعوي و غير مخيف كما كانوا يوقنون من قبل .. و عادت ضجتنا تعلو و اندمجنا في ركل الكرة و الركض وراءها .. لم يبلي بلاء حسنا في اللعب و لكن ما الضرر .. لسنا محترفين على أية حال

و استمر الحال على هذا الوضع الحديث .. نلعب كيفما شئنا .. و عندما نهم بالكرة الي الحديقة الفسيحة .. أدعوه للمشاركة .. و بات وجوده أثناء لعب الكرة غير مريب .. كان وديعا على أي حال .. دائم الابتسام .. و يقهقه أحيانا .. و لحظت أن معظم قهقهاته كانت تنبعث عندما أمرر له أنا بالذات الكرة .. لم أشأ أن أقف عند هذه الملحوظة كثيرا .. هل كان يدرك دوره القادم في حياتي و أنا لا .. ربما .. و حل يوما .. لم يكن كسابقه .. الأحري .. أنه منذ هذا اليوم تبدل كل شئ في حياتي .. كنت على مشارف التخرج من المدرسة .. شببنا و أصدقائي .. و شب معنا هاني .. و الحق يقال أن بعض من الاصدقاء ازدادوا احترافا .. و منهم من ازذاد ازدراءه من قليلي المهارة منا أيضا .. و كان منهم أحمد .. في هذا اليوم .. نزلت كعادتي قبيل الغروب و في قدمي حذائي المخصص للكرة مرتديا الشورت المخصص أيضا .. و هبط الي شارعنا .. و رأيت قطة صغيرة تتحرك بمهل .. و تموء في صوت رفيع بلا انقطاع .. كانت تسير وراء كل مار قليلا .. حتي أبصرتني .. فاذا بها تتبعني .. و تموء و كأني أخفي عنها ثدي أمها .. قصدت الحديقة بلا اكتراث لها .. و كنت أعبر طريقا عموميا أثناء سيري .. فاذا بالقطة تتبعني أيضا .. و فجأة انقطع موائها .. فضولا نظرت خلفي .. فاذا بها مدهوسة .. جزء من رأسها و جسدها مهشم اثر عجلة لم تلتفت لوجودها .. انقبض صدري شدة .. و كانت أول مرة أري فيها دماء .. كان خيط رفيع يسيل من رقبتها .. ارتبكت و انقبض صدري أكثر .. قررت الابتعاد و بداخليالقسوة شعور بالذنب فظيع .. و ركضت الي حيث الحديقة لأسرع بتناسي ما حدث .. كانوا ينتظروني و كان هاني معهم و كانت كرة أحمد يومها .. أعرضت عن سرد ما حدث .. رغم أنها ستكون لهم حكاية مشوقة .. لم أدري لما .. قررت الانخراط في اللعب .. و نسيان هذه الوفاة .. انقسمنا فريقين و كنا أنا و أحمد و هاني في فريق واحد .. و بدأنا اللعب .. و سحب انتباهي بالكامل في اللهو .. و في احدي الهجمات لفريقنا مرر أحمد الكرة لهاني ليسددها في المرمي و كانت فرصة سانحة .. و لكن عندما وصلت الكرة لهاني و عندما تهيأ لها هاني برفع ساقه .. هوت على لا شئ .. أخطأ تقدير سرعتها .. فركل الهواء بعزم قوته حتي سقط على ظهره .. و مع ذلك سقط يضحك .. و ضحكنا عليه .. كلنا ما عدا أحمد .. الذي كان يضمر لهاني غيظ شديد .. نهض هاني و هو يبادلنا الضحك .. ثم أشرف عليه أحمد بمنتهي البرود .. و فجأة بصق أحمد على وجه هاني بصقة رأيناها جميعا .. وقف لعاب أحمد ثانية على جبين هاني .. ثم انزلق بلزوجة على حاجبه الأيسر .. لأول مرة نري الحنق على وجه هاني .. يبدو أنه غضب بشدة .. أعطي أحمد نظرة شديدة القسوة .. حتي أن أحمد ندم على فعلته و خشينا جميعا أن يتحول هاني الي المسخ المفترس الذي حذرتنا أمهاتنا منه .. و لكنه في حركة أسد هائج استدار منصرفا .. و كأنه ليملك غضبته عليه أن يمضي و الا كشر عن أنيابه .. خافوا جميعا من السير وراءه .. و بعضهم قرر ألا يعود لبيته خشية أن ينال منهم هاني بغتة .. و لكني لسبب مبهم .. ألفيت نفسي ألحق به .. لأعتذر له ربما .. لأجعله يعود .. ربما .. و لكن أبدا لم أتوقع ما شاهدت .. عندما جذبته من ذراعه ناحيتي .. وجدته يبكي بحرقة بصوت خافت .. و أفلت يده من يدي بقوة بنظرة ترجوني أن أدعه يمضي لينتحب .. أعدت امساكه .. و نظرت له بعطف كبير .. كان يبكي بدموع منهمرة .. ربما كان أمامنا أسد هائج .. ربما كان للشارع بمثابة المسخ .. و لكنه حتما بالغ البراءة و الطيبة .. تعمدت أن أشده بكل ما أوتيت من قوة حتي عدت به الي الاصدقاء .. و هذه المرة لم أمنع نفسي بامساك يديه و انا عائد اليهم .. وصلنا لهم و قد جفت دموعه و تلاشي بكاءه الا من احمرار خفيف في وجنتيه .. و عادت الابتسامة لتستقر على وجهه كما كانت .. و كان ينظر الي بين الحين و الآخر بامتنان .. وصلنا اليهم و أنا أصيح "خلاص هاني الهوائي سامحكو" .. أطلقت عليه الاسم الذي لم ينمحي من وعيي أبدا .. و تم تداوله في المنطقة لفترة حتي أطلق عليه اسم آخر .. لم يفهم أحد ماذا جري بيننا .. و لم يعلم أحد أن هاني بكي بحرقة بين يدي و أني أنا الذي كفكفت دمعه سوايا و هاني و الله في علياءه .. استكملنا اللعب بعد ذلك بلا أدني مشكلة .. الا أنه منذ هذا اليوم كف عن المشاركة معنا و بات يشاهدنا فحسب .. و كلما دعوته رفض شاكرا و اكتفي بالفرجة و التهليل كلما قمت بحركة جيدة .. و أخبرني أصدقائي أنه منذ ذلك اليوم أيضا اذا لم أكن معهم في اللعب لا يجدوا هاني واقفا للمشاهدة .. لم أعلق .. و لم أفهم .. و تجاهلت الأمر

تخرجت من المدرسة .. و بدأ القدر في ازاحة السلام عن أفقي .. قضي على أبي كبده .. و دفناه بالأسي .. توفيت أمي و أختي في حادث مروري مروع على طريق الدائري بلا أي جريرة .. دفناهم بالمرارة .. و عندما مال قلبي الي فتاة في الجامعة و احتفلنا بخطبتنا في سويعات وردية سلبت مني بحادث آخر على الأوتوستراد .. دفناها .. اشتد الحزن على أخي الأكبر حتي عقد عزمه على ترك البلد .. و راح يبحث وراء الهجرة .. و لضيق الموارد المالية توجه الي وكلاء مجهولين .. و عندما تسنت فرصة للهجرة الي أوروبا .. ودعني بعناق حار و وعدني بأن يسارع بتوفير فرصة لي لألحق به .. و عندما خرج .. سمعت خبر وفاته من كافة وسائل الاعلام .. غرق بصحبة سباب فار .. و لم أتمكن من دفنه .. ثقلت على الأيام .. و جثم على هما لا ينقطع .. كلما نسيت واحدا تذكرت الآخر .. و كلما تخللت أيامي بصيص سعادة وافي يوم وفاة أحدهم .. بدأت طفلا متعبا .. و انتهيت الي شاب يتيم لقيط وحيد بلا ونيس و متعب .. العجيب أن هاني كان دائما هناك .. كان دائما موجود كلما نزلت .. كنت أذهب للمدرسة في الصباح .. فأجده لابث تحت بيتي و كأنه ينتظرني .. في عينيه احمرار و رغبة شديدة في النوم .. و لكنه كان دائما هناك .. بابتسامته البلهاء .. يصافحني و يقبلني .. ثم يربت على صدري في عنف لا يدركه .. اعتدت الألم .. كبر هاني أيضا .. و انقلب بنيانه الي الصلابة و القوة .. عندما كنت أذهب للجامعة .. كنت أراه عند ناصية الشارع .. يلوح لأي ميكروباص ليركبه .. و لكن بالطبع لم يكن أحد يعيره انتباها .. و اذا ما توقف أحد له عن طريق الخطأ غير مدرك لمنغوليته .. نهره بشدة و سبه ثم انصرف عنه .. المواعيد في الجامعة غير منتظمة .. و لكني كنت كلما نزلت وجدته .. يصافحني و يقبلني و يبرت على كتفي بقوته التي لا يدركها .. كانت لحظات هانئة عندما كنا نتحدث .. و كنا نتحدث كل صباح .. أنهي عامين في دبلوم و راح يعمل في مجال الرخام .. شكا لي عن البياض الذي يغمرهم عند العمل و قسوة مديره عليه .. أروح عنه و أداعبه باسمه المفضل .. يبتسم أكثر .. ثم نفترق كل الي طريقه .. تفرقت و أصدقائي كل في جامعة أو في كليات مختلفة .. و انفتحت أمامنا صداقات جديدة أكثر اثارة من الوجوه القديمة .. هكذا لم أعد أري أحد من الرفقاء القدامي .. أما الأهل و الأقارب فلهم همومهم و مشاكلهم التي لا تنتهي و لا تهدأ واذا تذكرني أحدهم في رمضان اعتبر نفسي محظوظا .. و هكذا أصبحت أعيش في شقة وحيدا .. كنت كلما حل الليل و دلفت الي فراشي أفكر في الهجرة .. و أخذت أخطط لسبل جني المال الذي ييسر لي سفر آمن .. كل ليلة .. الا أن أنني دائما أتراجع .. لماذا لم أعرف .. و كنت أتعجل النوم .. لماذا أيضا .. لم أعرف .. و لكني دائما كنت أستيقظ و يقيني أن هاني ينتظرني لأتواصل مع الانسان الوحيد الذي مازال يذكر اسمي و يردده فرحا .. لقد كان موجودا أيضا في كل الأيام التي دفنت فيها أهلي .. كيف لم أدري .. و عندما رحل أخي بلا دفنه عانقني بحنان .. و لم أعلم كيف عرف .. هل هاني متابع لنشرات الأخبار .. ربما

توالت الأيام .. بطعم العلقم .. جدران صامتة .. و نفس عازفة .. و رأس تعتصره ذكريات .. أطعم نفسي عندما تنبح معدتي .. أنظف الشقة كلما رأيت جماعات النمل تمرح في أكثر من غرفة .. أحيانا أشاهد التلفزيون .. و أحيانا أخري لا أهتم أصلا بدفع فاتورة الكهرباء و أقضي الليل من أوله في سبات متقطع .. كنت أحيانا أتضرع الي الله أن يخفف عني .. و أحيانا أخري كنت أشتري زجاجات بيرة و أنسلخ عن نفسي في نشوة السكر .. لم أعد أتابع الدنيا من حولي .. نشبت حروب و اغتيل سياسيون و أنا في فراشي أعرق و أنانم نوم متقطع .. تركت لحيتي و أهملت هندامي .. نحفت و اكتسي وجهي بحزن مقيم .. لم أعد أنتظم في الصلاة الا عندما دألح على هاني أن نصلي سويا كل يوم .. و كنا يوم الجمعة بعد الصلاة نذهب الي الكشك القديم و نشرب ما يحلو لنا و نتسامر .. ثم نفترق .. تلخصت حياتي في الدراسة صباحا و مقابلة هاني دقائق قبلها .. كانت هذه حياتي

و في آخر عام من دراستي الجامعية .. كنت أنزل مبكرا و لكني لم أكن أجد هاني كعادته .. مر يوم و اثنان و ثلاثة و أسابيع .. ولم يظهر .. انتابني ضيق شديد .. حتي أنني في يوم ألفيت نفسي أستيقظ منذ الفجر و أربض تحت عمارتي منذ سطوع أولي خيوط الشروق حتي الغروب .. لعله يأتي في ميعاد مختلف .. لعله يعبر الطريق .. لعله أي شئ .. و لكنه أبي أن يظهر .. نما بداخلي جنون .. في اليوم التالي لم أذهب للجامعة أيضا و لكني جعلت أطوف في المنطقة بحثا عنه .. عند المساجد القريبة .. ناحية الحدائق .. في الميادين .. بين الشجر .. تحت السيارات .. لم أعثر له على أية أثر .. في اليوم التالي ذهبت للجامعة و أقسمت ألا أعود بيتي الا و قد وجدته .. لم أستغرق الكثير .. عدت يومها و بوابي المنطقة يتداولون خبر وفاة الشاب المجنون .. رحل هاني الهوائي .. و دفنته

عدت الي بيتي و قدماي تستغيثان من حملي .. هويت على أقرب مقعد .. شعرت بظلمة كثيفة تحيطني .. ظلمة لم أشعر بها من قبل .. و استحالت أفكاري كلها سوداء .. و كنت أبلع ريقي بصعوبة فأجده مر .. و أفكر في الغد فلا أجد في بالي بارقة أمل .. يا ربي .. أهذا هو اليأس .. ربما .. حاولت أن أقوم .. و أستجمع قوتي .. غدا محاضرات مبكرة .. نمت كعادتي نوما متقطعا .. و ملأت الوسادة بالعرق .. و نزلت .. و عندما هبطت الي الطريق .. هالني الادراك المفاجئ أن هاني قد مات .. سقط على وهن كبير .. و سارعت بالصعود مرة أخري .. كنت على شفير البكاء .. و قدرتي على التماسك تتفتت .. خشيت أن أبكي قبل أن أصل الي الشقة .. صعدت بسرعة .. و أول ما فتحت الباب اندفعت أبكي بكل جسدي .. أغلقب الباب من ورائي و بكيت .. بكيت عند الباب .. و بكيت عند الصالون و بكيت عند غرفة المعيشة و بكيت عند كل غرفة و بكيت في الحمام و بكيت في المطبخ حتي استقر بي المقام عند فراشي .. رحت أبكي بصوت مرتفع .. و بدموع ساخنة .. تقلص وجهي .. و اهتصر فؤادي .. ما عدت قادرا على الوقوف .. تمددت على السرير و أنا أبكي .. و انسللت الي النوم رغم عني و حلمت أني أبكي .. ثم استيقظت و أنا أبكي .. لم أبكي بهذه القوة من قبل .. و لا في وفاة أحد من قبله .. و لا حتي بكائي في ليالي القدر عند القنوت .. كنت أبكي حتي أنني لم أعرف متي سأنتهي .. كان الألم عنيف .. لم يهجرني لحظة .. كأني كنت أنكر كل ما حل بي .. و صدقته في لحظة واحدة .. نعم .. كان لدي أب رؤوف انتزعه مني المرض .. و كان عندي ينبوع لا ينقطع من الحنان و أخت ورثت هذا الحنان دهمتهم العربات .. و كان عندي خطيبة تدخل على قلبي البهجة اذا رأيتها دهمتها هي الأخري عربة .. و كان لدي سند في هذه الدنيا و لكن مياه المحيط استأثرت بي .. و أخيرا كان لدي صديق يثلج صدري على الدوام .. منذ أول مرة رأيته فيها .. صديق هون علي كل الغوائل .. صديق .. و لكنه رحل .. سأرحل

لم يعد للبقاء مبررا ألبتة .. دبرت المبلغ المطلوب لسفر آمن .. حجزت لسفر على الجانب الآخر من العالم .. أناس ليسو مثلنا و لا يشبهونا .. هذا هو ما أريد .. أنهيت دراستي الجامعية و أريد أن أنهي صلتي بهذا البلد الملئ بالألم .. طيلة فترة التخطيط و التدبير كان النوم قد خاصمني .. أيام غير هينة لا أنام بالمرة .. كنت أخشي أن أنام و أستيقظ فلا أجد هاني ينتظرني .. حتي أن هالة سوداء ذيلت عيناي .. سكنني ارهاق ملازم .. و لكن الأيام انقضت و حان وقت السفر .. و ذهبت الي المطار قبل الموعد بساعتين كما تم تنبيهي .. و المطار فيه خلق كثير .. رائحون و غادون .. من شتي الألوان .. و تسمع في مكبرات الصوت أسامي مدن لم تعلمها من قبل .. و هناك لهفة في الوجوه .. المسافرين متلهفون للوصول .. و المستقبلون متلهفون لرؤية العائدون .. أنهيت اجراءات سفري .. و سلمت حقيبتي اليهم .. أمسكت بالتذكرة و توجهت الي مقعد قريب لأرتاح .. سأترك كل هذا بعد قليل .. سأرحل أنا الآخر .. ستشغلني عوالم جديدة .. و أحداث جديدة .. و وجوه جديدة .. ستتبخر الذكريات .. ستنقطع صلتي بكل ما هو ماضي .. المستقبل ينتظرني هناك .. كهاني الذي كان

لم أجد غضاضة في أن أستغل فراغ الوقت في سنة .. فأرحت ظهري على المقعد و افترشت ساقي على مقعد أمامي .. و أغمضت عيناي .. خطفني النوم .. و رأيت فيما يري النائم .. حلم عجيب .. أبي و أمي و أختي و أخي و خطيبتي عند الحديقة الخضراء .. يشاهدون أطفالا يلعبون الكرة و يصفقون لهم .. اقتربت كالسراب .. فرأيتني .. رأيتني طفل صغير كعمري في المدرسة .. مأخوذ مشدوه باللعب .. كنت ماهر فوق مستواي الذي أعرفه .. و مررت الكرة لطفل آخر .. كان هاني .. لا ببنيانه المفتول الذي أعرفه .. و كلن هاني الطفل .. مررت له الكرة .. و في حركة سريعة مهارية مثيرة رفع ساقه .. و سدد الكرة على المرمي .. و أحرز هدفا لم أري له مثيل في كل مباريات كأس العالم التي عرفتها .. ابتهجت بشدة .. وجدتني طفلا يركض ناحيته يعانقه بمنتهي السرور .. و أهلي و خطيبتي يصفقون في سرور مشابه .. ثم عندما أنهينا العناق وجدتني فجأة أفلت نفسي منه .. و أنصرف .. وجم أهلي و وجمت خطيبتي .. و بان عليهم حزن .. و وجدت هاني الطفل يسير ورائي طفلا .. جذبني من يدي .. فاذا بي أبكي بحرقة شديدة .. و أحاول الهروب منه .. لم يترك لي فرصة .. سحبني من يدي و أرجعني الي حيث يقف أهلي .. فرحوا بعودتي اليهم .. و التفوا حولي يعانقونني .. بادلتهم العناق باشتياق كبير .. و عندما التفت الي هاني وجدته يبتعد .. و يبتعد .. و على وجهه ابتسامة .. ليست بلهاء .. بل فيها امتنان .. شكرته و لوحت له حتي اختفي .. ثم صحوت .. قمت مرتبكا .. سألت عن طائرتي قالوا أنها رحلت .. اذا فاتتني رحلتي .. بمنتهي الهدوء انصرفت من المطار .. و ركبت تاكسي و توجهت الي الحديقة الخضراء .. و رغبة شديدة في النوم تفيض مني .. وصلت عند البقعة التي يعلمها هاني جيدا .. و بمنتهي الهناء تمددت على الأرض لأنام قليلا

Monday, September 6, 2010

قالوا


اعلم بأن الذوق السليم نتيجة للذكاء المفرط .. و الذكاء المفرط نتيجة للعقل الزائد .. و العقل الزائد سر أسكنه الله في أحب الخلق اليه .. و أحب الخلق اليه الأنبياء .. و خلاصة الأنبياء نبينا محمد .. صلي الله عليه و سلم

*

صاحب الذكاء المفرط

جوابه مسكت

يشارك العلماء من غير اشتغال

و لا يتكلم بمحال على كل حال

تخيله صحيح

و تكلمه مليح فصيح

لا يحتاج الي المنطق

ولا الي الألفية

و تلك معالم من نفسه سجية

يرتب الألغاز

يهندس و يفصل

و أياديه في كل صنعة ملاح

*

صاحب العقل الزائد

خيره متزايد

شره متباعد

رضي الخلق

حليم

عفيف النفس كريم

ليس بكذاب و لا لئيم

لا يفرح بالمصيبة لأعدائه

لا يقصد الا رضي الله

كثير الصمت و السكون

جعل الله لقلبه عيون

يبذل المجهود في رضي الأصحاب

هو من أولي الألباب

يفتح لكل خير باب

عارف بطريق الصواب

رجل همام و السلام

*

المنافق

زنديق مذبذب

صلاته عوجاء

ولا وضوء و لا استنجاء

ليس بأمين

يشهد الزور في كل الأمور

ان خوصم فجر

وان شهد قهر

و ان استؤمن خان

*

الأحمق

عقله ممزق

لا يهتدي لصواب

و لا يتأمل رد جواب

ان مدحته ازدراك

و ان تركته عاداك

الخير و الشر عنده سواء

لو فرشت خدك بالأرض

ظن ان ذلك عليك فرض

اذا لبس الشئ الجديد

يظن الناس كلهم له عبيد

رجل مطلاق

سئ الأخلاق

*

النذل

قليل الوفاء

قليل الأدب

كثير الضحك

كثير النوم

قليل الهمة

لا يقضي حاجة

كثير العيوب

و هو من الذوق مسلوب
*
جلال الدين السيوطي

عن نجيب محفوظ


و تحول الي أسطورة .. نجيب محفوظ عبد العزيز ابراهيم أحمد .. الذي كان يخطو على الأرض و يجوس الكورنيش و يمكث في المقاهي و يتحرش لفظيا برواد مقاهيه .. انتقل الي سماء الأسطورة و صار يسكن العظمة برحيله المختلف و أعماله العملاقة .. عاش انسانا أديبا مخلصا لقلمه و حصد في حياته ثمار عمله و خلف وراءه احترام كبير لقيمة الأدب المصري و لقيمة العمل .. من أرفع و أسمق القامات المصرية المعاصرة .. نجيب محفوظ .. الذي كانت ذكري وفاته الرابعة منذ عدة أيام حيث توفي 30 أغسطس 2006 .. جزاك الله خيرا و رحمك الرب

*

أكثر الكتاب تأثيرا في حياتي كان الدكتور مصطفي محمود و خاصة كتاباته المتصوفة ذات العبارات الحانية الرائقة التي تبث في القارئ حب شفيف للدين .. ثم احسان عبد القدوس الذي التهمت كتبه التهاما لسلاسة عباراته و انسياب كلماته و أثرها الجميل في النفس بغض النظر عن فكره .. ثم بعد أن حببني احسان في الأدب وجدت عوالم عدة من الأدب المصري كنت أخشي الولوج فيها .. فهناك عالم يوسف ادريس .. ذلك الكاتب المصري الشامخ .. عميد القصة القصيرة العربية .. و لكني عندما ولجته لم أجد صعوبة .. بل وجدت اثارة كبيرة و تحدي كبير في كلماته .. ثم عالم يحيي حقي .. ذلك المصري القصير المتفرنج .. و عندما دخلت عالمه فوجئت بموسيقي راقية في سطوره .. هو لا شك من أعذب الكتاب العرب بلا منافس .. ثم كان هناك عالم الطيب صالح .. ذلك الكاتب السوداني الغامض .. معظم صوره لا تعكس معالم وجهه فيها فيما يفكر .. و عندما غطست في عالمه خطفتني أمواجه .. فأقسم اني كنت أقرأ غير فاهم لكلمة من مواضيعه .. حتي الحوار عنده كان بالسودانية العامية .. و لكني آثرت أن أستمر لأن كتابته كانت آية في النعومة .. و عندما أتممت كل ما كتب انفتح لي عالمه و فهمت كل عبارة كتبها .. و استحق المكانة التي حازها في أفضل مائة كاتب على مستوي العالم في التاريخ .. رغم أن أشهر أعماله " موسم الهجرة للشمال " هي في اعتقادي أسوأ ما كتب .. ثم كان هناك عالم طه حسين .. الذي دائما ما أطالع الجفاف في صوره .. كلماته صعبة و سطوره منفرة .. الا انه لا شك قامة لا يستهان بها و أنا لازلت أخطو في عالمه .. ثم كان هناك عالم يوسف السباعي .. الكاتب المصري الوسيم الملقب بفارس الرومانسية .. كلماته رغم فصاحتها الشديدة الا انها في غاية الجمال و تتسم كل قصصه بالتناسق .. فكان لا شك رفيق لي في فترة كبيرة .. ثم كان هناك عالم توفيق الحكيم .. و كتبه الضخمة و أنا أخشي الكتب الضخمة .. لم أستسيغ كتاباته حتي الآن .. ثم كان هناك عالم نجيب محفوظ .. الاسم الرنان .. بعد أشهر كارثة على مستوي مصر الا و هي كتاب أولاد حارتنا .. حتي أنه صور لي في فترة أنه شيطان .. و أنه آثم .. و عندما طرقت باب عالمه .. اندهشت .. كان شديد الانتظام .. شديد البراعة .. متناسق لأقصي درجة .. واقعي الي أبعد صورة .. مصري الي حد عظيم .. تلهث وسط سطوره .. تتمني لو تنفصل عنه ثوان لتلتقط نفسك .. الصفحة الواحدة فيها من الأحداث ما يكفي كتب كاملة .. و فيها من اللغة ما يبهر أعتي الشعراء .. و فيها من الجمال ما يرضي احساسك .. تخرج من بين صفحاته بدهشة كبيرة .. فتنت به .. أبشر يكتب بهذا الأسلوب الصارم .. انه أشبه بمن طوع المياه فجعلها تقف و لا تنسكب .. انه عبقري .. انه دؤوب .. انه عملاق الأدب .. انه الراحل نجيب محفوظ

أسرني بكل معاني الكلمة .. فشرعت أقرأ عنه .. فجاءتني فترة من عمري كل ما كنت أقرأه كان أدب نجيب محفوظ مع سيرته الذاتية سواء بقلمه أو بقلم آخرين .. و الكل يكتب عن نجيب محفوظ .. و كنت ألتصق بالتلفزيون عندما يأتي فيه .. صوته هادئ و واضح .. فيه جد ولكنه لطيف تحب أن تستزيد منه .. كان لابد أن أقترب منه أكثر

نجيب محفوظ سمي باسم الطبيب الذي ولده .. الدكتور نجيب محفوظ القبطي .. سمي باسمه مركبا .. و كان الأخ الأصغر لمجموعة من الاخوة أقربهم اليه يفصل بينهم عشرة سنوات .. فعومل كالابن الوحيد .. كانت أمه مداومة على اصطحابه للمتحف المصري و زيارة قبور و آثار الفراعنة لسبب هو نفسه يجهله .. لذا لم يكن من العجيب أن تكون أول أعماله تخرج الي النور كتاب عن مصر القديمة مترجم .. ثم مجموعة من الروايات تدور أحداثها في زمن الفراعين .. تلك الروايات المقررة على المدارس .. كرادوبيس و كفاح طيبة .. نجيب محفوظ أمضي حياته كلها في مصر .. كان يسكن على النيل .. فوق مطعم نعمة بالدقي .. و تزوج متأخرا و أنجب فتاتين أطلق على احداهما ام كلثوم حبا في الفنانة .. بدأ نجيب محفوظ يكتب كتابات كثيرة على كراريسه و يمضي عليها بقلم الكاتب نجيب محفوظ .. و أنفق من وقته و ماله الكثير في قراءة القصص البوليسية في صغره .. التحق بعد ذلك بكلية الآداب .. و كان عميدها طه حسين .. و قرر محفوظ أن يدخل قسم الفلسفة .. و عندما ناقشه طه حسين في قراره .. رد محفوظ بأنه يريد أن يعرف سر الكون .. فسخر منه طه حسين و قال امثالك المفروض يدخلوا فلسفة .. و عندما تخرج كان على وشك أن يستكمل تعليمه العالي و شرع يحضر لرسالة الماجستير حول الجمال في الاسلام .. و لكنه و كما وصف وقع في حيرة كبيرة بين حبه الجارف للفلسفة و حبه الأجرف للأدب .. و يقول أنه ذات يوم حسم الأمر و قرر أن يكرس نفسه للأدب .. و منذ هذه اللحظة استقبل العالم الأديب نجيب محفوظ .. كان يكتب بيديه .. لعدد محدد من الساعات يوميا .. ليس كما يأتيه الالهام .. و لكنه يكتب ساعتين في اليوم و حسب .. و يقول حتي لو أراد أن يكمل في نفس اليوم و انتهت الساعتين فانه يتوقف و له تعليق أن جنون المبدعين يجب أن يكون تحت السيطرة .. و كان آية في السيطرة على نفسه .. و مع ذلك كان انتاجه موفق جدا .. و عندما توظف في المصالح الحكومية كان له جدول صارم جدا .. يستيقظ في الصباح .. يشتري جرائده و يقرأها على مقهي معين .. ثم يذهب لعمله .. ثم يعود لبيته .. ثم يكتب ثم يمضي شطر من الليل على مقهي آخر مع أصدقاءه .. ظل هذا النظام يلازمه طيلة حياته و حتي فترات قريبة من موته حتي أهلكته صحته .. حتي أن خبر فوزه بنوبل جاء في وقت قيلولته فلم يهتم و أكمل نومه و عندما استيقظ وجد حشد من الصحفيين يملأ شارع بيته

نجيب محفوظ معروف بلسانه اللاذع .. كان في شبابه ممن لا يصمد أحد أمامه في القافية .. كان ضخم عظيم الجثة .. حتي قضي على هذه الضخامة أمراضه و للأسف التمثال المعمول له عند ميدان سفنكس يصوره قصيرا هزيلا .. كان معروف أن نجيب محفوظ وقت الكتابة لا يكلم أحد .. حتي أنه قال ذات مرة أن الضيوف عندما يحضرون بيته كانوا يسلموا عليه سريعا و ينصرف عنهم لشئون أدبه و أصبح هذا الأمر معروف عنه .. لن أتحدث عن أعماله .. فهي محط أنظار العالم و محل دراسة العديد من رسائل الدكتوراه في جامعات الأرض .. و لكن سأتكلم عن تأثيره .. فعلى سبيل المثال .. بلد مثل المكسيك تأثرت بأدبه و حولت بعض أعماله الي أفلام مكسيكية خالصة .. نجيب محفوظ هو ظاهرة .. قبله كان الأدب المصري سيد و نجم العالم العربي .. أما بعد عام 88 عام حصوله على نوبل أصبح الأدب المصري محط أنظار العالم .. ترجمت أعماله الي العديد و العديد من اللغات .. توسعت دائرة مريديه و عشاقه الي بلدان الدنيا .. و أصبح يوم ميلاده احتفالا في عواصم كثيرة في العالم .. و احتلت كتبه أرفف كاملة في مكتبات أكثر دول العالم تقدما .. معروف عنه أيضا دقته الشديدة .. حتي أن من يجلس معه يستطيع أن يضبط ساعته على ميعاد شربه للسجائر فقد كان يدخن سيجارة كل ساعة .. و كان بلا عون برؤية ساعة يخرج السيجارة ليشعلها كل ساعة بمنتهي الدقة .. ملتزم بملابس شتوية معينة يرتديها معظم العام لمرضه و كان يلتزم بربط كل الازرار حتي أن تلاميذه مثل جمال الغيطاني يقلدونه في هذا الأمر .. في حياته صممت الجامعة الأمريكية في القاهرة جائزة باسمه و ينالها صاحب أفضل رواية عربية

الكلام عن شخص نجيب محفوظ لا يمكن أن ينتهي .. فتأثيره غاية في العمق .. بغض النظر عن دينه الا أنه كان شخصية لها ملامح عجيبة و صفات رائعة .. أصدقاءه من الحرافيش كانوا دائما ما يضحكون وسطه .. و كان حتما مؤثرا على السينما المصرية و الأدب العربي .. كتبت بعض مما تذكرت .. ولكن يبقي الكثير .. كنت أتمني أن أذهب اليه و هو حي و أقبل يده من فرط اعجابي بكتاباته .. و لكن لم تتسني الفرصة .. أنا فحسب أحتفظ بصورة له دائما في جيبي .. ليس لانجازه النوبلي الضخم فحسب .. ولكن لأنه شخص أدرك امكانياته .. و حدد هدفه .. و أخلص له .. بمنتهي الدقة .. خلف تأثيرا و انجازا .. و علم مجانين الابداع احترام الوقت .. و كانت حياته درس في النجاح و الكفاح و الوعي و الانسانية .. جزاه الله خيرا .. و رحمه الرب

Friday, August 27, 2010

قالوا


So Close, No Matter How Far

Couldn't Be Much More From The Heart

Forever Trusting Who We Are

And Nothing Else Matters

I Never Opened Myself This Way

Life Is Ours, We Live It Our Way

All These Words I Dont Just Say

And Nothing Else Matters

Yeah, Trust I Seek And I Find In You

Everyday For Us Something New

Open Mind For A Different View

And Nothing Else Matters

Never Cared For What They Do

Never Cared For What They Know

And I Know, That's Right

Never Cared For Things They Say

Never Cared For Games They Play

I Never Cared For What They Do

I Never Cared For What They Know

And I Know, yeah yeah yeah.

*

Band: Metallica

Song: Nothing Else Matters

Album: S&M (Symphony & Music)

*

ترجمتي

قريب جدا .. مهما كان البعد

لا تستطيع أن تكون أقرب الي القلب

للأبد أثق فيمن نكون

و لا شئ آخر يهم

لم تنفتح نفسي هكذا من قبل

الحياة ملكنا .. نعيشها على طريقتنا

كل هذا ليس مجرد كلام

و لا شئ آخر يهم

نعم .. ثق أني أبحث و أجد فيك

كل يوم لنا شئ جديد

عقل متفتح لنظرة مغايرة

و لا شئ آخر يهم

أبدا لم أهتم بما يصنعون

أبدا لم أهتم بما يعرفون

و أنا أعرف .. أني على حق

أبدا لم أهتم بأشياء يقولونها

أبدا لم أهتم بألاعيب يلعبوها

أبدا لا أهتم بما يصنعون

أبدا لا أهتم بما يعرفون

و أنا أعرف .. حقا

*

الفريق: ميتاليكا

الأغنية: لا شئ آخر يهم

الألبوم: السيمفونية و الموسيقي

*


Thursday, August 26, 2010

عن الرجالة اللي بحق و حقيق : عبادة بن الصامت كمثال


يقول الله جل في علاه في العهد الأخير

( لأن التوراة كتاب موسي اسمه العهد القديم و الانجيل كتاب عيسي اسمه العهد الجديد أما كتاب محمد القرآن فمن أسماءه العهد الأخير )

" و تلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون "

و ذلك في الآية 21 من سورة الحشر

*

الله سبحانه و تعالي هو الأول بلا ابتداء و الآخر بلا انتهاء .. فلكل منا بداية معلومة و نهاية موقوتة .. أما الله فهو خالق الأسباب .. و هو خالق الخلق .. و الخلق لا يتحكم في الخالق .. فالزمان مخلوق و المكان مخلوق .. لذا الله ليس في الزمان و ليس في المكان .. الله لا يحيط به مخلوقاته .. لا يحيطه زمان و لا مكان .. الله مستوي على العرش .. الله في عليائه .. الله يراقب كل واحد منا .. و يهتم لأمره .. و يحنو عليه .. يسمع جميع الخلق في آن واحد .. يسمع ذو الصوت الجهوري مثلما يسمع دبة النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة السوداء .. لا صوت يتداخل على صوت .. يسمع كل صوت بوضوح .. سبحانه .. و يري كل الخلق في آن واحد .. يري الساجد و العاصي و المشرك و الملحد و الكافر في آن واحد .. لا تتداخل صورة فوق صورة .. سبحانه .. يستمع لنا جميعا في آن واحد .. ولو كنا جميعا نوشوش التراب في السجود فانه يسمع .. سبحانه .. بل يعلم خافية الأعين و ما تخفي الصدور و ما تضمر و ما تنوي وما كان وما يكون و ما سوف يكون .. هو المحيط .. العالم .. العليم .. الحكيم .. المدبر .. يدبر أمر السماوات و الارض بنظام منضبط .. فلا الشمس تتأخر لحظة ولا القمر يتكاسل ثانية .. سبحانه .. و كلمة سبحانه لا تقال الا له .. لأنه المنزه بصفاته و أسماءه .. سبحانه

لله خلق كثير .. نعلم منهم الجن و نعلم الملائكة .. الملائكة جنس من مخلوقات الله لا تعصي الله طرفة عين .. و يفعلون ما يؤمرون .. مخلوقين من نور .. بنيانهم يسد المشرق و المغرب .. و الجن جنس من مخلوقات الله عز و جل .. يبعث فيهم الأنبياء و فيهم العصاة و المؤمنين .. و كما بعث الرسول محمد صلي الله عليه و سلم لنا .. فقد بعث لهم .. سبحانه .. و ما علم الانسان الا قليل

الله أراد أن يكون الانس .. و الله قادر أن يقول كن فيكون .. و لكنه أراد أن يجعل لنا سنة حتي في طريقة خلقنا .. ألا وهي سنة التدريج .. فلقد قبض الله بملائكته قبضة من أديم الأرض ثم شكلها و سواها حتي تصلصلت و عندما حان موعد الخلق نفخ فيه من روحه سبحانه و تعالي فعطس آدم و كان آدم أول الخلق و أتت حواء من ضلعه

الانسان قبضة من طين و نفخة من روح الله .. و أرض واسعة و حياة لها بداية و نهاية .. اختبارات و فرص .. ترقي و تدنس .. حسنة و معصية و توبة .. هذه مقدمة تحضرني كلما تفكرت في موضوع الاشخاص الربانيين البارزين .. فان كل فرد في كل زمان و مكان حر مسئول عن أن يستكمل ايمانه .. فلكل مرحلة في الحياة مقصد .. الجنين في رحم أمه مقصده استكمال أعضاء جسده .. فاذا ما استكملت .. لفظه الرحم .. و الدنيا مقصدها استكمال الايمان .. فاننا لا نلقي الله يوم القيامة لا بصورنا و لا باجسادنا .. انما نلقاه بقلوبنا .. فمن أتي بقلب سليم فقد فاز .. و القلب هذا يحتاج الي جهد كبير .. فلقد بين النبي صلي الله عليه و سلم أن في الجسد مضغة لو صلحت لصلح سائر الجسد و لو فسدت فسد سائر الجسد ألا وهي القلب .. و هذا كلام منطقي .. ففي حديث آخر يقول النبي صلي الله عليه و سلم الذي بعث فينا ليعلمنا الكتاب و الحكمة و يزكينا أن الايمان ما وقر في القلب و صدق عليه العمل .. فالايمان بالقلب فقط بلا انعكاس على العمل .. ليس ذا قيمة .. و أعمال الايمان بلا ايمان في القلب أصبح بلا احتساب أو أجر .. ففي الحالة الأولي يصير الايمان كلام و مثل و شعارات حبيسة الألسن .. و أما في الحالة الثانية فنصبح مثل غير المسلمين الذين يعملون بعمل و أخلاق المسلمين و لكن للدنيا فحسب .. المطلوب هو ايمان يملأ القلب و ينعكس على الأفعال .. الدين نظام حياة كامل متكامل .. و لا يوجد في أي دين في الدنيا نبي سجلت له كل همسة و لمسة الا النبي محمد صلي الله عليه و سلم .. و ذلك لأجل أن نقتدي بأفعاله و حركاته و كلامه و ذكره و عبادته و شخصيته و خلقه .. المطلوب ليس فقط الامتثال لكلام الله فترة قصيرة بل المداومة .. الاستمرار في العمل الصالح .. لذا القرآن مملوء بآية مكررة .. الذين آمنوا و عملوا الصالحات .. الذين آمنوا و عملوا الصالحات .. في شتي الصيغ و الصور و السور .. بهذا يفوز العبد و تفوز الأمة .. ليس فقط في نصيب الآخرة و لكن في الدنيا .. كانوا قديما يقولون اذا كانت عبادتك لا تنجيك من مصائب الدنيا فكيف ستنجيك من مصائب الآخرة .. اذا كان لك حاجة و ركعت لله اثنتين و لم تيسر عنك فكيف ستيسر عنك خطوب الآخرة .. هذا و الدين ليس العبادة فحسب .. بل الدين خلق و معاملة و معاشرة و عبادة و ذكر و دعوة .. و كما أن هناك فصول في كتب العلم عن الطهارة و الصلاة و فقهها .. هناك علم في التجارة و البيوع .. كما أن هناك ثواب للذكر و النوافل هناك ثواب لحسن معاملة الأهل و الجيران .. و للعلم فان الذين دخلوا في الاسلام على عهد النبي بأخلاقه أكثر مما دخلوا بمعجزاته .. الدين منهج قويم من لدن عليم خبير فيه القوام و الدليل لمن أراد الفلاح في الدنيا و في قبره و في الآخرة

و لأن هذا الكلام قد يبدو ثقيلا ملي بالأعباء .. فلقد أرسل الله الرسل و الأنبياء من الانس .. ليقول لهم أن هؤلاء بشر مثلكم .. هم القدوة .. هم الأخيار .. هم الدين كما يريد الله عز و جل .. لا فرق بينهم و بيننا سوي أنهم يتلقون الوحي من الله و يجري الله على أيديهم بعض المعجزات .. فالأنبياء هم أشرف الخلق .. و أفضلهم و أعلاهم و أحسنهم لمن أراد الاقتداء و الاتباع .. و لقد استقر هذا الامر في ذهني منذ فترة فأخذت أقرأ عنهم باستفاضة راغبا أن أكتب من سيرهم بفهمي المتواضع لكي أقتدي بهم .. فهم أهل الاقتداء و الاتباع .. و لكني وجدت أن الالمام بقصص الأنبياء يحتاج الي جهد كبير و قراءة متواصلة و الاستعانة بكتب كثيرة و فهم أكثر عمقا .. فتريثت .. انهم و حق آية في السمو و الرفعة .. انظر الي سيدنا موسي عليه السلام الذي أهلك امرء بقبضة يده كيف يلين من أجل تلقي العلم من النبي الصالح الخضر .. انظر الي عيسي عليه السلام الذي تحداه الشيطان فظهر له (في بعض روايات الاناجيل) و قرر أن يفتنه عن دعوة ربه فلما فشل توعد أنه سيفتن به العالمين و قد كان و الي هذه اللحظة يعبد سيدنا عيسي عليه السلام .. انظر الي عيسي عليه السلام و هو يغسل بيديه أقدام أصحابه من الحواريين و هو النبي الذي أتي بمعجزة و تكلم في المهد بمعجزة و رسالته معجزة .. انظر الي الكبير النبي ابراهيم عليه السلام .. كرمه الشديد عندما حضره ضيف ذبح لهم عجل سمين .. أي كرم في الدنيا .. انظر الي بذله للدين و طاعته لله بأن يترك زوجته في صحراء و وليده .. و لقد جازاه الله خير الجزاء .. نحن يا مسلمون نسعد عندما يحفظ أولادنا القرآن و نتباهي بذلك و نتفاخر .. أما ابراهيم عليه السلام فكرمه الله بأن جعل ولديه أنبياء مش مجرد حفظة و من نسله أتي كل الأنبياء حتي محمد صلي الله عليه و سلم .. انظر لمحمد صلي الله عليه و سلم الرجل الذي تجاوز عمره الأربعين يحارب كالشباب و يستشير أصحابه و يحنو على المؤمنين و يداعب زوجاته و يفصل في أمور الدين .. انها شخصيات لا حصر لمميزاتها .. و كل ما تم ذكره هو قطرة من فيض الأنبياء .. أما حياتهم فقصص خلابة آسرة

عندما قررت أن أتريث في الكتابة عن أنبياء الله .. اتجهت للصحابة .. لماذا .. لأن هؤلاء قال فيهم النبي محمد صلي الله عليه و سلم

(خير القرون قرني ثم الذي يليه )

و يقول

( لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم و لا نصيفه )

و يقول الله

( و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه )

فالرسول يدافع عن أصحابه و يحبهم و يحرص علي سيرتهم .. و يمدح في قرنه الذي امتلأ بصحابته .. و مثبوت في كل كتب المؤرخين أنهم خير خلق الله بعد الأنبياء .. أما اللآية فعجيييييييييييييبة .. و اسمع التالي لتدرك كم العجب و لتدرك حجم الصحابة عند الله سبحانه

يخلق الله الانس من العدم .. يستخلفهم في الأرض .. يعمل البشر في الأرض .. تكتب الأعمال في الصحف .. يموت العبد .. يمكث في قبره .. فيعذب ان كان طالحا أو ينعم ان كان صالحا .. ثم تقوم القيامة .. فيبعث الله الناس عرايا .. و تتطاير أشلاء الانس لتتجمع في الجسد .. يشتد الحر .. يهرع الناس .. و الناس هنا المقصود بهم من أول سيدنا آدم الي آخر مولود في الدنيا مش أمة محمد بس .. يهرع الناس لكل نبي .. يطلبون الشفاعة .. الشفاعة في أن يبدأ الحساب .. فالوقفة عصيبة .. و في هذه الأثناء يكون هناك قوم منعمون في الظل .. المهم يهرع الناس لكل الأنبياء و يتحايلوا عليهم .. و كل نبي يقول نفسي نفسي .. حتي يصل الناس الي محمد صلي الله عليه و سلم فيقول أنا لها أنا لها .. و يبدأ الحساب .. و الحساب هو عرض كل كبيرة و صغيرة تم عملها في الدنيا و وزنها و استقبال الكتاب .. طبعا في ناس مالهاش حساب و على الجنة حدف .. اللهم اجعلنا منهم .. و آخرون يحاسبون بالسنتوفة أمام الخلق كلهم .. فضيحة بجلاجل .. و لو حاول العبد أو الأمة أن يصيعوا .. تنطق الجوارح قائلة يا رب عصيتك يوم كذا الساعة كذا و كنت بعمل كذا .. و هكذا يستمر الحال من أول انسان الي آخر انسان .. ثم الصراط .. ثم يدخل بعض المسلمين النار .. و يشفع لهم الرسول حتي يخرج الله من النار كل من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان و يخلد في النار من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ( و المقصود بالايمان هنا أنه آمن ولو للحظة أن الله اله واحد أحد و الكبر هو بطر الحق أي رفضه و غمط الناس أي احتقارهم و الله أعلم ) ثم يأتي الله بكبش الموت و يذبحه و تنادي الملائكة يا أهل النار خلود فلا موت و يا أهل الجنة خلود فلا موت .. ثم ينعم أهل الجنة كل على حسب درجته .. منهم من يجاور الأنبياء و الصديقين و الشهداء في الفردوس الأعلي و على رأي عمرو خالد بيلعب ماتش كورة مع الصحابة (اللهم اجعلنا حراس مرمي حتي ساعتها) و هناك من استقر في عدن و هناك من هم أدني حتي أدني واحد في الجنة الذي له مثل الدنيا خمسين مرة له وحده .. ثم يستمتع أهل الجنة .. بالقصور و الراحة و سائر المتع و الملذات و الشهوات ثم ينادي الله يا عبادي هل رضيتم .. فيقول أهل الجنة و مالنا لا نرضي يا رب .. و حديث طويل كده .. في آخره .. يقول الله ولدي المزيد .. فيكشف عن الستار بين العبد و ربه و يري أهل الجنة وجه الله و هو النور و قمة الجمال الذي لا يتخيله عقل .. أهو قبل مشهد رفع الحجب ده على طول يقول الله رضيتم عني و رضيت عنكم .. أهو الصحابة بقه .. فاكر .. نالوا هذه المكانة و هم على كوكب الأرض .. رضي الله عنهم و رضوا عنه .. ايه رأيك بقه فيهم ؟

الحكمة أيضا من البحث في سيرة الصحابة أنهم نماذج عملية للدين .. و كمان مهماش أنبياء .. يعني ناس زينا زييهم .. ده يمكن احنا موصلناش للفجور بتاعهم .. فمثلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثاني المبشرين بالجنة .. قبل الاسلام وأد ابنته الوليدة بيديه و كان سكيرا تقطر لحيته من الخمر .. و بعد الاسلام أصبح بلطجي الايمان و أعظم صانع قرار في الأمة .. اذا الصحابة هم المثل العملية .. الناس اللي على حق ربنا .. الرجال و السيدات .. الرجالة اللي على حق ربنا و الستات اللي على حق ربنا

*

لذلك كله قررت الكتابة عن الصحابة في نطاق ضيق بمناسبة رمضان و لحين المامي بحياة الأنبياء كما يجب أن يكون

أنا اندمجت في المقدمة لدرجة اني كتبت كتير و مكتبتش عن الصحابي اللي في بالي أكتب عنه من الاول .. مش مشكلة

البوست القادم باذن الله .. الراجل اللي بحق و حقيق

الصحابي : عبادة بن الصامت

قالوا


هناك حقائق أزلية في تكوينه

أنه صدر عن ارادة الله (و اذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الأرض خليفة

و أن البشر جميعا من نفس واحدة (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة

و أن من هذه النفس - اي من جنسها - قد خلق الزوج الذي يكملها و يلتقي بها و يوائمها (خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها) و ( و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها و جعل بينكم مودة و رحمة

و أن من هذه النفس و زوجها انبثت الخلق كلهم و القبائل و الشعوب (خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء) و (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر و أنثي و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم

و أن الانسان قبضة من طين الارض و نفخة من روح الله .. قبضة من طين الارض تتمثل في عناصر الارض المادية من حديد و نحاس و كلسيوم و فوسفور و أكسجين و أيدروجين .. و تتمثل فيها شهوات الارض و دوافع الارض .. و نفخة من روح الله تتمثل فيها روح الانسان الشفيفة القادرة على السمو و الرفعة .. كما تتمثل فيها الارادة الضابطة (و لقد خلقنا الانسان من سلالة من طين

تلك عناصر ثابتة لا تتغير مهما تغيرت مظاهر الحياة

*

محمد قطب

Thursday, August 12, 2010

عن رمضان


مضي رجب و مضي شعبان و حضر رمضان .. شهر رمضان شهر عظيم .. أحب دائما أن أتذكر أن الكتب السماوية نزلت في رمضان .. كتاب ابراهيم و الانجيل و القرآن .. ها هو شهر رمضان .. التي يسجن فيه مردة الشياطين من الجن .. ها هو رمضان بمسلسلاته و خيمه و فوانيسه و العروض في المطاعم الي جانب أجواء صلة الرحم المحببة .. ها هو رمضان .. أحيانا الله فيه بكرمه .. ها هو رمضان الذي كتب الله فيه الصيام لنتحصل على التقوي و بشر فيه النبي محمد صلي الله عليه و سلم بأن من صامه و قامه ايمانا و احتسابا اختفت ذنوبه .. ها هو رمضان .. و ها هي عطايا الرب .. فما موقفك أيها العبد

*

رمضان هذا العام أستقبله بنفس متأرجحة الأحوال و عزيمة وليدة شديدة البأس .. أحاول أن أجمع ما يبهجني من الأخبار لكي يصفو صدري و أحسن معاشرة هذا الشهر الكريم .. خاصة و أن هذا الشهر تغلق محلات الكشري و هي عادة مصرية بغيضة مالهاش أي لزمة .. و لكن يكفيني خبرين أسعدوني جدا في رمضان

أولا: الصورة اللي فوق .. جاري تشغيل ساعة مكة تجريبيا في رمضان لكي تثبت فيما بعد .. و هي ساعة غرضها أن يكون للمسلمين ساعة تنافس ساعة جرينتش الدولية .. و يأتي تصميمها التنافسي لكي تكون أكبر من ساعة جرينتش بست مرات .. هي مرصعة بآلاف الفسيفساء و يراها كل من بالحرم .. و تعلوها لفظ الجلالة و بها من الأنوار ما يبهر .. و ستكون رمز اسلامي جميل .. رغم حسرتي بعلم أنها صناعة ألمانية خالصة لا دخل للعرب بها .. و أظن أن حتي العمال الذين سيقومون بالعمل عليها هنود

ثانيا: أثناء تصفحي في الأهرام .. وعدت الجريدة بنشر مقالات طيلة فترة رمضان لمصطفي محمود لم تنشر من قبل .. رغم اني أتحدي أن يكون أي كلمة لم أقرأها بعد .. الا أنني متشوق لقراءة كلمات هذا الرجل الذي كان له فضل كبير جدا جدا جدا في تشكيل تفكيري .. و سواء كنت قرأتها من قبل أو صدقوا بالاتيان بالجديد فسأكون سعيد

*

كل عام و أنتم بخير

رزقنا الله رمضان مقبول و تقوي و عتق

:)

Saturday, August 7, 2010

قالوا


لماذا أكتب .. لأصدر عفو عن معان محبوسة داخل ضلوعي

كيف تري الغضب .. أراه الجنون المؤقت

كيف تري الاصلاح السياسي .. بدون اصلاح اجتماعي كالحرث في البحر

كيف تري مشاوير الناجحين .. أراها سلسلة من الاخفاقات تحروا أسبابها جيدا

هل يحيا الانسان بالكفاءة وحدها .. لا لابد للكفاءة أن تتكحل بالفطنة الاجتماعية

كيف تقرأ التحرش في دواوين العمل .. مروق أزواج يختبرون قدراتهم الجنسية عشية فشل

هل انت مشاغب .. انا -فقط- استخدم عقلا تحت فروة رأسي

هل يعاني المجتمع المصري من الجوع .. نعم الجوع للحنان و الاحتواء و الاصغاء له

ماذا أفادك طول العمر .. ان لساني تحت سيطرتي الارادية

امرأة تأخذ منها مسافة .. تلك المذبذبة غير الناضجة التي تحكمها بورصة الهورمونات

رجل تأخذ منه مسافة .. رجل لا يؤتمن على سر

ما مفتاح صمودك في الحياة .. كلمة واحدة اسمها التكيف

ما اجمل منح السماء للانسان .. السلام الداخلي

هل مازلت تحاول الفهم لفوازير الحياة .. مازلت أقف على باب المعرفة و أطرق بابها

لأن من يعرف .. لا يحزن

و ربما يحزن أكثر

*

مفيد فوزي

Friday, July 30, 2010

عن شعبان



شعبان هو الشهر الثامن هجريا .. وهو شهر ينطوي على أفضال كثيرة و مميز في الدين .. و يليه أعظم الشهور


هناك قصة في شهر شعبان في السيرة النبوية تؤثر في جدا .. قصة تحمل معاني كثيرة .. و فيها دروس جميلة .. و أفضل ما أحبه فيها هو مبدأ التحول .. لا بأس من التحول في أي وقت .. طالما للأفضل .. و لنا في السيرة قصة جليلة عن التحول و كيف استقبل هذا التحول


*


كانت قبلة المسلمين في الصلاة في بداية الوحي المسجد الأقصي .. و كان أمر اذا جاز الوصف غير محبب للنبي .. فقد كان النبي يحب مكة .. و ود لو كانت الكعبة هي القبلة .. و شكي لجبريل و حدثه عن رغبته تلك .. و ظلت القبلة حوالي ستة عشر شهرا موجهة لبيت المقدس بعد الهجرة للمدينة .. ستة عشر شهرا .. يعني أكثر من سنة بحبة .. و الوحي المحمدي مازال وليدا و الكفار مازالوا في حالة رفض شديدة و الدولة الاسلامية في مرحلة النواة .. و كل حرف يتفوه به الرسول المزعوم يؤخذ على محمل النقد الشديد و تصرفاته تحت المجهر الظالم .. و أساس الديانة الجديدة الصلاة و أساس الصلاة قبلتها .. و لكل رأي في القبلة .. و الاختلاف شديد .. و الفتن عاصفة .. و في خضم كل ذلك كان محممد صلي الله عليه و سلم يتمني أن يأتي الزمن الذي تكون فيه القبلة للكعبة .. و جبر الله بخاطره و حولها في شعبان


"قد نري تقلب وجهك في السماء "


"فلنولينك قبلة ترضاها"


تحكي سورة البقرة الحكاية بحنان .. كيف استجاب الرب لرغبة حبيبه .. و تحولت القبلة بأمر الهي


"فلنولينك شطر المسجد الحرام"


" و أينما كنتم فولوا وجوهكم شطره"


و هاج الناس .. كانوا على قول المؤرخين ثلاثة صنوف .. العرب المشركين و سفهاء اليهود و المنافقون الذين أسلموا بالظاهر فقط .. أما العرب المشركون فقالوا أنه توجه الي قبلتهم و يكاد يتحول الي ديانتهم الوثنية .. و أما سفهاء اليهود فاتهموه أنه ترك قبلة الأنبياء من قبله .. أما المنافقون فقالوا أنه اذا كانت قبلته الأولي حق فقد تركها و ان كانت الثانية هي الحق فقد كان على الباطل .. و شاع جو من الاعتراض و عدم التسليم .. و قال الله


"و ما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه"


و انتشر على الألسن كلام كثير من قبيل : ما بال محمد يحولنا مرة الي ههنا و مرة الي ههنا


و أما الصادقين المتبعين بحق الحريصين على كلام الرسول و وحيه فلقد خافوا على عبادتهم السابقة ألا تكون مقبولة و كان هناك أيضا أفراد دخلوا في رحاب الاسلام و ماتوا قبل تحويل القبلة .. فخشوا ألا يكونوا قد قبلوا عند الله .. فرد الله الرؤوف الرحيم


"و ما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرؤوف رحيم"


و أمام صلف المعترضين و هجومهم المحبط قال الله


"فلا تخشوهم و اخشوني و لأتم نعمتي عليكم و لعلكم تهتدون"


ان التحويل صدمة قوية فاجأت المؤمن قبل المنافق .. المسلم قبل الكافر .. و لكن الاختبار ينقي الناس و يفرزهم و يكشف المعادن و يبرز الحقائق .. و الله يتكفل بهداية من يريد .. اللهم اجعلنا منهم


"قل لله المشرق و المغرب يهدي من يشاء الي صراط مستقيم"


و بذلك اتسقت رسالة محمد مع أبيه الكبير ابراهيم عليه السلام و توحدت مع مركز الكون .. الكعبة المشرفة .. التي و ان لم يكن حولها طائف من البشر .. فتري الطيور تحلق حولها .. و انه لأول بيت وضع للعبادة في الأرض و يقال أن كل الأنبياء قاموا بالحج الي مكة على الأقل مرة في حياتهم .. كانت بركة شعبان .. و كان تحدي التحويل .. و كان النبي و رغبته المستجابة


لا بأس أبدا .. من أي انسان .. أن يقرر التحويل .. رغبة .. يدعو الله .. كما فعل النبي محمد صلي الله عليه و سلم .. فالله يغير ناموسه له .. كما بدل القبلة للمسلمين بناء على دعوة النبي و صدقه في الطلب .. التحويل محمود .. و المواجهات الرافضة لها مكانها .. و التأييدات المثبتة لها مكانها .. و بالدعاء يغير الله المكتوب في أم الكتاب .. هو الله .. وهو حر .. هو كتب .. هو شطب .. هو كتب حاجة تانية .. ما علي العبد الا التوسل لسيده


*


حاجة تانية بقه معلش


فاجأتني رغبة غريبة في فتح أول بوست في هذا البلوج مش عارف ليه .. و لما لقيته .. اندهشت


أهو


ياااااه .. انا بقالي ثلاث سنين بدون .. و الله ولا حاسس .. ثلاث سنوات بالظبط .. الهي يكرمك يا بلوجر


كنت خارج من تجربة نشر فاشلة محبطة .. و شئ داخلي قالي استثمر الفشل و اتوجه للكتابة الالكترونية .. و قد كان .. و كتبت كما يحلو لي .. أول قرار كان اني حنفض كومبليتلي للمجموعة القصصية اللي محدش رضي ينشرها و حبتدي أكتب حاجات تانية .. و رغم انه كان قرار تقيييييل مووووت .. لأني كنت متشبث بالقصص بتاعتي تشبث العيل اللي بيرضع بصدر أمه .. الا أنني واحدة واحدة قعدت أكتب .. و على فكرة الكتابة شئ مريح آخر خمستاشر حاجة .. و قلت انا حكتب مرة كل اسبوع .. و محصلش .. و قلت انا حكتب في السياسة .. و مكملتش .. و قلت انا حكتب نقد أدبي و عن الأدباء .. و مفيش نصيب .. و قلت طب حكتب قصص قصيرة جديدة .. و لكن الهامي كان كثيرا ما يستعصي عليا انا شخصيا .. حتي قلت لنفسي .. طب بص البلوج موجود و انا موجود .. شوف اللي نفسك تكتبه من غير ما تزنق نفسك و اكتبه .. و اذا بأسلوب جديد نثري قصير قائم على كلمات بسيطة قي السطر و احساس عميق يخرج مني بشكل لم أكن أتصور أبدا ان انا ممكن أميل لهذه النوعية من الكتابة .. و بعد كده جت السياسة و الأدب و القصص .. لأ و بقي عندي كام قارئ ابن حلال بيتابع .. و اتحط بلوجي عند ناس .. و بقيت استمتع بقراية التعليق و الرد عليه .. حتي أصبح الآن البلوج عادتي اليومية .. و سجلته على الموبايل لسهولة الدخول .. أنا الحمد لله استفدت .. حتي اني قررت اني استفيد من الكتب اللي بقراها بشكل جديد مختلف هو اني اثبت ما بين كل تدوينتين جملة حلوة أخبط فيها في أي كتاب بقراه .. و أعتز جدا اني حافظت على هذه العادة على قد ما اقدر و بلوجي مزين بقالوا و هي أجمل ما كتب لكل من قرأت .. كما أعتقد ان أسلوبي في القص تطور عن زمان .. اهتمامي بمواضيع معينة خلاني أخش أدور أكثر على النت لأستطيع الكتابة عنه .. كما أنني فخور بشدة بكل قارئ كريم عزيز ينفق من وقته و يمرر عينيه على كلماتي .. و أشعر بالسعادة الحقيقية عندما أري رأي فيما كتبت .. ده معناه ان اللي كتبه اتقرا كويس و طلعت منه مناقشة صغننة مفيدة .. و أفتتن بشدة لما حد يعجبه قصة انا كاتبها .. و فرحت كثيرا بهجوم أحد الناس على ما كتبت .. هي ذكري سعيدة .. و انا فعلا دلوقتي محتاج لشئ سعيد عملته يفرحني .. أنا بقالي ثلاث سنوات مدون مصري .. عندي كام قارئ أنا ممتن ليهم جدا .. و عندي كيبورد لونه فضي ممتع في الكتابة .. و عندي بلوج بلوني المفضل و بدماغي .. و فيه كلامي .. أحمدك يا رب

وشكر خاص جدا ممتزج بالامتنان الشديد لكل من عبر بهذا البلوج و قرأ فيه سطرا و كتب فيه حرفا

بجد جزاكم الله خيرا

:)



*


رزقنا الله و اياكم


راحة البال

Wednesday, July 28, 2010

تهنئة واجبة


احم احم

لكل عشاق

اضطراب القلق الاجتماعي

و محبيه و معجبيه

ابسطوا

اتعملكوا بلوج

أهو

Monday, July 26, 2010

قالوا


حيث يجري نهر النيل .. الذي كان أهل قريتي يعتقدون أنه ينبع من بين أصابع الآلهة و يهبط ماؤه من السماء .. و كنت في صغري أعتقد ذلك الوهم مثلهم .. حتي تعلمت ما تعلمته في نجع حمادي و أخميم ثم في الاسكندرية .. فأدركت أنه نهر كبقية الأنهار .. و أن بقية الأشياء مثل بقية الأشياء .. لا يمتاز منها الا ما نميزه نحن بما نكسوه من وهم و ظن و اعتقاد

*

يوسف زيدان

Friday, July 23, 2010

عن حضن الراهب


نظر الي خادم الكنيسة غير مصدق .. غير مصدق ما يسمع .. الراهب يعلم جيدا ان خادم الكنيسة عندما يتبرم وجهه لا يتلفظ الا بالحق الجارح .. و الخادم غير بارع في اختيار آونة تبرمه .. و لقد وطن الراهب نفسه على حسن الاستماع اليه حتي في احلك اللحظات لأن ما يتفوه به الخادم يندر الحصول عليه من غيره


مر صباح الأحد في هدوء معتاد حتي حل ميعاد القداس المنتظر .. اكتظت الكنيسة بأتباع المسيح .. القاعة الرئيسية و كراسيها المصفوفة .. الجوانب الرحبة و المساحات الخالية .. حظيت كل النقوش و الرسوم و التماثيل التي تحكي حياة المسيح و البتول بأعين مرهفة متأملة .. كما حظي قداسه بآذان خاشعة خاشية .. و رفع الحاضرون جميعا الي السماء بحات نشيجهم و عذوبة دعاءهم .. و دنا من الراهب كل مخطئ يسكب اعترافه او ينهل من الماء المقدس .. كما دنا من الراهب كل محب للمسيح يسأل كيف يرضيه و كل مغرمة بالبتول تسأل كيف تحاكيها .. و أفاض الراهب على الجميع غير باخل و لا ممتعض .. و كان يلمح الخادم يمسح التراب هنا او يعاون عجوز في السير هناك .. و لكنه ما اطمئن ابدا لتبسمه المصطنع .. و عزم على التوجه اليه فور انفضاض الوقت الروحي الأسبوعي .. ليفتش عما وراء وجهه



" هل تعرف هؤلاء .. ما تعرفهم .. انت تتجمع و اياهم في يوم .. تلقي العظة .. تمنح الغفران .. توزع البسمة .. تربت على الكبير و الصغير .. انت طيلة الاسبوع منشغل في التنقيب داخل الكتاب المقدس .. و الشرود مع صور البتول و تماثيل المسيح .. عندما تمل تخرج الي الساحة تملي عينيك بصفاء السماء .. و قبل النوم تتفقد انوار النجوم و هالة القمر المضئ .. لتنتصب على المنصة في يوم داخل الزي الكهنوتي تحيط بك المباخر و تسرد ما عصر فؤادك طيلة الاسبوع في حديث مؤثر .. انت راهب طيب .. أتيت من صلب عائلة طيبة .. و حظيت بتوجيه من البابا و هو رجل طيب ايضا .. ولكنكما تنظران للعالم بعين حمراء دامعة نادمة على خطايا البشر طامعة في ملكوت الرب .. و أجسادكم محاصرة في دير مغلف بالخشوع .. يقربه المجرم فاذا دخله انتحب نادما و استحال ملاكا بجناحين .. ماذا تعرفه انت عن هؤلاء .. اقول لك انا .. فانا منهم .. ان الرجل منهم يجلس بين يديك في حزن و ينكس رأسه في ندم و يبدي الدموع من التقصير في حق الرب .. يديه بين جنبيه هادئتين و لسانه نائم بين فكيه و ما بين فخذيه مستور بعناية و اناقة و عقله يسترجع ما تطاير من المزامير و ما في جيبه يرضي به و يقنع و باله رابض في بساتين الامان و الوداعة .. و المرأة منهم تقعد ساهمة ترتسم على وجهها الحسرة من حياتها البعيدة عن مسلك البتول و توصد فمها باحتراف الخاشعين و تتعثر الكلمات اذا خرجت و اذا اتمت جملة تلون وجهها بالحمرة من شدة الخجل .. تسدل على صدرها مايخفي معالمه و تستر كل شبر من جلدها مرورا بما بين فخذيها حتي كعوب الاقدام .. أذنها تنصت و فكرها يرشد .. الطفل منهم تنطفأ أطرافه و تسكن تحركاته و يلزم مقعد واحد و يطيع الغريب قبل القريب و يقبل القدم قبل اليد و لا تسمع له صوت الا الهمهمة .. يكاد لا يفرق بينه و بين صور الكنيسة الا ان يرتفع عن الارض طائرا .. و العجائز يتشحون بالمسكنة و يبدون الضعف و يلفوا على وجوههم تعابير الاسي .. يربتوا على الرائح و الغادي و يتكلفوا الدموع و يقوصوا ظهورهم عمدا و يتفننوا في اظهار تراكم حكمهم .. و الشباب منهم اذا حضر ينتبه للسانه و يحرص على اتجاه نظراته و يخفي ما يقيم في جيبه و لا يجد حرجا في تقبيل يد والديه جهرا و يتذلل الي العجائز و يهب من وقته لعونهم عن طيب خاطر .. أرأيت ملائكتك .. أرأيتهم كل سبت و هم ملتحفون بعظات المسيح و طهارة البتول .. أما انك لوعتبت خارج هذا الدير لوجدت اختلافا عظيما .. لست اتهمهم .. و لكن راقب بنفسك .. انت تقريبا تعرفهم كلهم .. اما انك لو رأيتهم في يومهم العادي بعيدا عن الدير و بعيدا عن عظتك .. لألفيت بشر غير البشر .. و حقائق غير الظاهرة .. و حياة تحت سماء لا علاقة لها بيوم تحت الصليب .. انت رجل طيب .. تلقفك رجل طيب .. و هو قد أفلح فيما صنع .. الان انا انصحك ان تفلح فيما آل اليك .. أيها الراهب .. الورق و حبره و صمغه و حروفه و صفحاته شئ .. و النهار و الليل و تعاقبهما شئ آخر .. أيها الراهب الطيب .. انت ملئ بحب المسيح و أمه .. الناس لا تذكر المسيح و أمه الا ساعات قلائل في يوم واحد بالاسبوع .. أيها الراهب الطيب .. هل فهمتني "



أيها الخادم الصادق .. لقد زرعت الغم بداخلي

اندهش الراهب ذو الوجه الرحب و السمت المريح و العينين الحمراوين .. ربما كان ما انتابه اكثر من الدهشة بقليل .. او ربما بكثير .. او ربما أسرته حالة من الدهشة لم تزايله ابدا .. ذرع الدير ذهابا و جيئة .. مشي في القاعة و السراديب و الغرف و الحديقة و على حدود السور و صعد الي الصليب و هبط الي المخزن و اعتلي المنصة و جلس على الكراسي و حدق في الصور و التماثيل و نظر الي الارض و دار بصره في الافق .. عزفت معدته عن اللقيمات و الشراب و سخنت رأسه و عمت بصيرته الفوضي و دهس ايمانه احباط وافد .. انثالت على رأسه ذكريات من سنون خلت .. كيف قابل البابا و أين .. كيف نظر اليه .. كيف ألان الحديث .. كيف ضمه الي صدره .. رغم انه ضبطه في حالة من الدنس .. كيف وصل صمته الي قلبه .. و كيف استقبله في الكنيسة .. و كيف رحب .. و كيف كان يباشره ببسمته الرائعة .. كيف اتخذ الراهب قراره بأن يكرس نفسه للرب .. ثم تذكر كيف كان ينشد الخطية بحرص .. و يدأب عليها في انتظام .. و يسول لنفسه انه على امتع درب .. و تذكر المعلم الاكبر .. كيف بعث .. و كيف التف حوله حواريوه .. و كيف خاطب الناس ببيت المقدس .. و كيف عبر عن شريعته .. و كيف تسامح مع الجميع حتي صالبوه .. تذكر و تذكر و تذكر


توقف امام المرآة .. و طالت وقفته .. و تتابعت الذكريات .. و لمحه الخادم .. و بعد ان انصرف لشئونه و عاد ليطمئن عليه ما كاد يصدق ما يري .. لقد كان الراهب يحلق لحيته الكثة و يهندم شعره الأشعث ليجرده من العمامة السوداء و يخلع الصليب من فوق صدره و يزيح عصاه القصيرة الي ركن قريب و كان يخرج من الزي الكهنوتي و يدخل في زي لا يختلف عن ملابس اي رجل في المدينة .. كان مشهد اسطوري للخادم .. لقد عكف الخادم على خدمة الكنيسة أمدا طويلا و منح جهده لراحة رهبانه و قساوسته منذ زمن بعيد .. و لقد رأي عن قرب كل راهب و قسيس نزل بهذا الدير و اقترب من حياتهم الشخصية و استوقفته عيوبهم المقززة و لمس مميزاتهم المبهرة .. و لقد ظن الخادم ان هذا الراهب هو أخلص من جاء و أكثرهم قربا من الرب و حفظا للاناجيل و فهما و أحسنهم صوتا و أشجعهم في قول الحق و أمهرهم في الحث عليه و أقلهم جبنا مع الحاكم و أعلاهم عزة مع العلية .. و ربما لم يري ما يسوئه اللهم الا طول الشرود و كثرة تحديقه للسماء دون هدف و في اوقات ينبغي فيها النوم و الراحة .. و قر في بال الخادم انه أكملهم و بعد طول ترصد يأس من التقاط تصرف نزق او طائش منه و تناسي انه سيخطأ .. حتي رآه أمرد الوجه في احقر الثياب .. ظل صامتا و هو يراقب الراهب من بعيد .. أتراه يمارس حياة أخري مع الرهبنة .. أم انه سيتخلي عن هذه الحياة و يرحل .. هل سيسرق شئ وهو راحل .. ام ربما سيقتله ثم يتفرغ لجمع المغانم من الكنيسة ثم يرحل .. فزع الخادم و هم باحضار خنجر قديم كان يحفظه في غرفته و عاد يراقب الراهب الذي جن او فسد .. عينا الخادم تراقب خطوات الراهب الواثقة باتجاه الباب .. يد الخادم متحفزة للدم .. و باله يلد كل الاحتمالات .. حتي حلت لحظة صمت جديدة .. أغلق الراهب فيها الباب بعد ان انصرف .. و بقايا ما خلع عند المرآة .. أكان رجل مخبول .. تفسير منطقي


*

الخادم يستيقظ مع زقزقة العصافير الاولي .. يستقوي الضياء على الظلام الذي ساد .. و يشيع في المدينة كلها هدوء محبب .. يعرض سطح الكنيسة كلها للماء البارد .. ثم يمرر الصابون على كامل السطح .. ثم يجفف السطح الذي بات لامعا بفتح كل النوافذ الصغيرة و العملاقة .. تتألق الكنيسة بالنسيم المنعش و تفوح فيها الروائح الذكية .. و في احدي الصباحات صدم اذن الخادم صوت الباب يفتح بقوة و خطوات تعرف عليها جيدا .. سارت في عجل و قصدت غرفة بعينها .. فتحتها و دخلتها ثم جلس صاحب الخطوات على السرير .. أنهي الخادم عمله الصباحي بكل تؤدة ثم توجه بارد الاعصاب الي الغرفة ليري الراهب المخبول الذي عاد بغتة كما تبخر بغتة .. أراد ان يسأله عن تفسير لصنيعه .. أو رغب في رؤيته ليطلع عليه و يحدد من وجهه هل هو مخبول فعلا فيطرده و يعنفه كما يفعل مع الصبية العابثون أم ان طارئا حل عليه و دفعه لما أقدم عليه


أحكم الخادم الوجه الصلد و فتت اي أمارات اهتمام على وجهه و أخرج صوته المبحوح الناهر و دخل على الراهب .. و لكن بصر الخادم وقع على رجل يلف يديه على وجهه و الدموع تفيض من خلالهما .. رجل منزوي على حافة السرير .. رجل أجهش في البكاء حتي ان صوته دفع الخادم الي ان يذهب حتي كتفيه ليربت عليه ثم انصرف تاركا الراهب لهمه الذي اختار ان يستفهم عن كنهه فيما بعد .. و تساءل الخادم .. هل كان لهذا الرجل علاقة بما حاق بالكنيسة في الأيام السالفة .. و لكنه اختار أن يفصح عن تساءله هذا أيضا فيما بعد


*


لن يسأل كيف .. لن يطاوعه قلبه ان ينطق السبب .. انهم يبادرون كل أحد بالامتثال امام الرب .. و يتسابقون باقي الايام في عصيانه .. و كأن الأيقونات سراب و التماثيل المحدقة و الرسوم و النقوش صنعت للتسلية و التسرية .. و كأن الكلام الذي يلقيه كل اسبوع ينساب الي الاآذان و سرعان ما يسقط من الاذن الأخري صريعا على ارض الكنيسة تدهسه اهون قدم .. انه لو كان اصابهم مثقال ذرة من حب المسيح ما كانوا ليتصرفوا كيفما رأي بأم عينيه .. هو الذي شاب تصديقه للخادم الكثير من الشك .. هو الذي تسلم الكلمات في رأسه و أعمل فيها بحثا وأمضي في عمقها وقتا ليستخلص الوسيلة التي يؤكد بها زعم الخادم او ينفي ..


هناك أخاديد داخل صدر المرء .. و الصدر غائر .. و الأخاديد صاعدة و هابطة و موحلة و رائقة .. و من العمق البعيد في وسط الصدر الذي تواريه طبقات من ركام الاجتماعيات و تراب التغيير الشخصي الطارئ تصنع كرة .. كرة محلقة .. من فوهة الروح .. مصنوعة من كل نسيج مجدول في الانسان و مسئولة عن كل همسة تند عنه .. كرة طافية على سطح القرارات و التفكيرات .. كرة تصنع داخل مركز الصدر .. تكتسب برودة مع الزمن و لقاء احداث باردة او تلتهب سخونة تبعا لطبيعتها المقاومة .. كرة تنبعث منها حرارة .. حرارة تشيع نفسها بالعنوة المرغوبة داخل الجسد خلية خلية .. عضو عضو .. او برودة تطمس الجسد كله خلية خلية او عضو عضو .. و الناتج فرد تعكس تقطيبته برودة الكرة الغائرة او فرد توحي بشاشته بلسعة الكرة التي فاضت وهجها على العالمين .. هو نزل بقدميه و باشر بعينيه و اختبر بعقله كل ما ينعكس من هؤلاء .. هؤلاء ينزفون برودة .. ان من يحاول ان يتوهج سرعان ما تغطيه برودة من حوله و هم كثر ..


*


ثم فوجئ الناس برجل أمرد مهيب البنيان طويله و عريضه يباغتهم ببسمة صافية .. و ينقض على صدورهم .. يحتضنهم .. يلبث الرجل واقفا و ذراعيه العملاقين تحوطان المرء .. يحاول المرء ان يزجر بادئ الامر .. يعكس جسد الرجل عدم الخوف من اي زجر .. فيحاول المرء ان يتفلت من ذراعيه .. ثم يتضح من حجم بدنه انه لا طائل .. فيستسلم المرء منتظرا الموت مخنوقا او منتظر اي شر آخر لم يكن في الحسبان .. تمر الدقائق .. يبدأ الرجل المهيب في التربيت .. بحنان عارم .. و كأنه أنثي مدربة .. و سرعان ما تند عنه همهمة .. خالية من الكلمات و لكن ملؤها شجن .. و تزداد ضمة الرجل المهيب .. و ازاء هذا كله يتلاشي الحذر و تهب نغمة داخلية من الاعماق تسري في الوجدان و امام دفء الرجل المهيب تنساب في ارجاء الجسد .. و يتحول المرء الي طفل مطيع و يتعلق هو بالرجل المهيب .. ثوان تنقضي و تظهر الدموع الخفية وهي تتدحرج على جوانب الوجه .. تمسح بسرعة سترا .. و لكن النشيج يعلو شيئا فشيئا .. حتي يضارع صياح الباعة و ضجيج المارة .. يستوقف الصوت البعض .. يرمق المشهد الفريد بمعالم غير واضحة .. أهو حقيقي ما يري .. ام ان العين تخلت عن بصرها و أسدل العقل خبله .. يربت المرء في النهاية على الرجل المهيب .. بمنتهي الانكسار .. و الرغبة الشديدة في الندم .. و يطفح الأسي من الصدر .. يفترق الرجل المهيب و يتناول اول رجل يجده قبالته .. و المرء الذي كان محتضن يتناول اول رجل امامه .. تتكرر القصة .. و لسبب جهله الناس .. تحول السوق و ممر المشاة و مداخل الحوانيت و مخارج البيوت و غرفها الجهرية و السرية و حدود المدينة الصغيرة الي ساحة عناق و نحيب


*

لم يصل يوم السبت بعد .. بل لم ينتهي الجمعة .. الراهب الهارب لم يعد بعد .. ولكن ما هذا الصوت الذي يقترب و كلما اقترب علا .. من الجائز ان جاء جثمانه ملفوف محمول على الاكتاف .. افتضح هاربا المسئ للكنيسة .. فضحه الرب مطهر بيته .. فسلط عليه من أجهز عليه و أنهاه .. اتري يعلم الجمع انه مذنب .. ام يحملونه و الحزن يكللهم .. و هم ظانون ان من فوق اذرعتهم رجل برئ السيرة نقي السريرة كل ما جناه كانت نزهة خارج اسوار الكنيسة .. الافضل ان ادفنه و سره الشنيع في تابوت بعيدا عن هنا .. و لن افشي هذا السر الا الي راهب آخر يأتي أراه قد حبب الناس في الكنيسة كما كنت أعتقد ان هذا الرجل الهارب قد يفعل .. الافضل ان اسارع للباب و ارحب بالجمع و أعزيه .. الافضل ان افتش عن تابوت مناسب .. الافضل ان اكفكف الدمع و اهدئ الروع لتمر ذكراه في هدوء لكيلا يتعلق به الناس .. الافضل ان اكون محايد مع الراهب القادم .. الافضل الا اتمني او انتظر منه خيرا كما توسمت فيه


*

صار الجسد معروفا .. هو يدنو اذا هو سيكرر ما يفعله يوميا .. نهارا و ليلا .. مع كل فرد يمر امامه .. او يعبر به جالسا .. او يسير امام بيته .. الجسد المفتول ذو وجه حاني شديد الهدوء .. ترتسم ابتسامة حقيقية لا اصطناع فيها و لا تكلف .. بسمته تنعكس على جسده كله .. يشع بهجة .. من بعيد و للقريب على حد سواء .. يقترب منك .. يسدد نظرة ودودة الي حدقتيك .. لا تستطيع ان تفلت منها .. تبادله النظر ثوان .. تتلقي منه البهجة .. ينتشر في صدرك سرور مباغت .. و كأن كل ما كنت فيه متردد حسم الآن و كل شكوي نويت الاعلان عنها تبددت الآن و كل ما لطخ صدرك بالحزن قد انجلي الآن .. بخطوات هادئة ثابتة متسرعة تنفتح الذراعين العظيمتين و تختفي الشمس خلف الوجه الحاني و تلفي الرجل يعانقك .. يضمك الي صدره .. يربت على ظهرك بكفه العريضة .. لا تتوقع ابدا ان وجود كف على ظهرك في مثل حركته سيتسبب في هذه الراحة التي تنبعث بصدق من داخلك .. ثوان و تجد رأسك تتوسد كتفه في منتهي الوداعة .. و هو لا يزعجك ابدا .. اينما مالت رأسك لا يتململ .. و كلما بدأت تزحف بعيدا و تشعر بأن الوضع الغريب هذا لابد له من نهاية تجده يزيد من الضم و التربيت .. تتأثر بحق .. تذوب في مكنونك أشياء .. تتبخر أشياء .. تتنزل عليك هدوء المحفوف بالملائكة .. و يبرد فؤادك كالمنسجم مع لحن عذب .. و تصفو نفسك كمن يسمع صوت اول صرخة مولوده .. تشيع فيك راحة كمن لمسته محبوبته بعد طول هجر .. و عندما تسترخي عضلات الوجه و تنفك عقدة الحاجبين و تسيل البسمة من الشفتين الي الاعضاء .. يبتعد الرجل الضخم بمنتهي الأريحية .. و ينسحب في سكون .. فتعود الشمس الي الافق .. و يداعب الهواء الرأس الذي تبدل .. و ينشرح البصر فتتلون الموجودات بلون الرضا


*


هل نزل المسيح ارضنا .. هل جالت البتول بينهم .. هل تمشت الملائكة في الارجاء .. الجمع كل الجمع يدنو من باب الكنيسة و على وجوههم السلام و الامان و الرغبة القوية الصادقة في الصلاة .. هل تضئ الشموع ليل ليس بليل الاحد .. هل تعلو التراتيل في يوم تسوده السكون .. ام حاقت بهم مأساة أطاحت بصلفهم و أسقط في وعيهم .. مالي أري الجمع في لهفة المارق الذي مسته البشارة فهرع للعبادة .. اي جديد حل .. بل اي جديد حل على كل فرد منهم .. ما الذي قاد القلوب الي الكنيسة .. ما الذي أرغم الناس على ترك شئونهم و امرهم بالتفرغ من اجل ملء الكنيسة .. أهي نهاية العالم فطن اليها أحدهم فأفاقوا الي ملاذهم .. ام ربما بداية غير مرتقبة جعلتهم يعيدوا التفكير .. طيلة مكوثي بين هذه الجدران و طيلة خدمتي للرهبان و طيلة عنايتي بعامري الكنيسة لم أشهد مثل هذا الاقبال المريب .. ايكون انصراف الراهب الضخم على صلة بما تبصر عيناي .. هل ولي و صحبته الشياطين .. هل رفع عن المكان الغضب و رفرفت الملائكة .. سؤال سيضنيني ابدا ما حييت .. و لكن الآن الواجب ينتظرني .. هم ضيوف الرب .. و انا الخادم الذي استقبل ضيوفه بالبشر و السعادة .. أينما كنت أيها الراهب الضخم .. لا تعود


*


انشغل الراهب باحاطة ذراعيه بالناس .. لم يفطن اليه العديد بعد ان حلق لحيته و تبدلت سيماءه الكهنوتية الي سيماء كمثل اي رجل منهم .. و لكن الناس انقلب حالها .. تلبستهم حالة من الهدوء .. التسامح حل محل عنف اللفظة في التجارة .. البشاشة احتلت الوجوه التي كانت في نفورها آية .. المصافحة صارت عادة بعد ان كان التجنب من شيمهم .. ما عاد ينقص هؤلاء القوم الا الرقص في السير و لولا الحياء لفعلوا .. أغلقت بيوت البغاء بلا عناء كبير .. و مقاعد الدخان و مواخير الخمور أصبحت كالصحراء و بارت تجارتها .. الألسن تلوك محاسن الرب يسوع و نقاء سيرة البتول .. ما ان تري رهط متجاورين و تقترب منهم لتتسمع حديثهم حتي تجدهم في أنس الكتاب المقدس .. استساغ الحياة من كان عنها معرضا .. و تفاءل من كان ساخطا .. و تعلقت الأرجل بالكنيسة يزورونها يوميا .. و كلما مر الرجل الضخم تهللوا .. و بات العناق سمة من السمات التي زايلتها الدهشة


*


و لما دخل عليه الخادم ليوبخه .. اهتز من بكاءه الصامت .. ربت عليه في صمت و خرج .. ان الاقبال الذي صار عادة من الناس لمسه شخصيا و جعله أكثر صبرا في احكامه .. شفع له الناس .. شفعت له الافاقة التي انشقت عنها السماء ذات ساعة .. لم يعد يسأل نفسه ما سر هذه الافاقة و توابعها من الاقبال و البذل للكنيسة .. حتي ان الناس من فرط اقبالهم على العبادة و الرغبة في الاعتراف باتوا يعترفوا للخادم بصبر نافد .. و لأول مرة في تاريخ الخادم صار له عمل آخر يضارع العناية بالكنيسة .. صار يعني برعيتها .. و كلما ألح على الكنيسة الأم بارسال قس جديد .. حدثت متغيرات شاء بها الرب أن يتعطل وصول أي قس جديد .. و صار لزاما على الخادم تلقاء هذا الخشوع العام الجديد أن ينصت للقلوب المرهفة النادمة .. أي خيبة يا راهب يا مصدر الشر الكبير .. لماذا لم ترحل منذ زمن بعيد و شياطينك


*



و لكن الوقت يمر .. مع مروره .. يسقط من الناس خشوعهم .. يكاد يراه طبقات تذيل الحشد الذي يجيئ و يوما بعد يوم يقل العدد .. يذيلهم ثم يفارقهم متهشما على أديم الأرض .. يأسي .. يحزن .. العدد يصير أقل بصورة ملحوظة .. و يشح الوافدون حتي يندروا .. و اذا ما حضر أحدهم .. أعرض عن الاعتراف و تأفف من التماثيل و يكاد يبصق على الطهارة المحيطة .. ماذا حدث


*


لقد ترسخ لديه اعتقاد .. لقد قلب الاعتقاد على جنبيه .. و عندما أعجبه و قر رأيه عليه .. نزل يمارسه .. لا مكان لك أيها الراهب الطيب بين أسوار الكنيسة .. انزل .. اهبط .. تخلي عن عليائك .. انبذ العزلة .. بأي حق تريد لصفوف الكنيسة أن تمتلأ .. لأي سبب تنتظر من الناس الاقبال .. هل نبل المسيح بينهم .. هل صدق البتول حواليهم .. هم تغشاهم الدنيا .. تغطيهم احتياجتهم .. أعمتهم الضرورات .. و أي مكان لملكوت الرب في قلوبهم أو عقولهم .. ولماذا يمر الأمر برمته ببالهم .. أنت غارق في الأناجيل .. تتمحص المفيد من التوراة .. تستحضر عظمة يسوع الرب في قلبك .. و تستجلب القدسية من الأم البتول .. و هم .. مسخرين من أجل لقمة العيش .. كيف دخلت أنت الكنيسة .. كيف انتشلك البابا من سوءات الدنس و عوالم الفجور .. بل كيف كسب المسيح أنصاره .. كيف تشعر من أمامك أنه الأهم .. أنه الأفضل .. أن الرب في ملكوته يريده و يراه و يرعاه و يسهر على راحته هو دون غيره .. ما اسم الشريعة التي أتيت تبشر بها .. أليست شريعة الحب .. ألم يقل معلمك البابا "لا شئ يساوي الحب .. انه يهبك نفسك السليمة" .. أيها الراهب .. لولا لمست حب البابا لك .. لما تركت شعرة مما أنت فيه .. بل ماذا قال معلمنا و مخلصنا يسوع .. تذكر يا مرابط على دفوف الكتب المقدسة


ان الدين بما تعمل لا بما تعلم


ان تحب ربك بجماع قلبك و من كل نفسك و فكرك


من احب كثيرا غفر له الكثير من خطاياه


و أنت أيها الراهب .. كم تعلم .. ان نقوش الكتابة ما ان تمر على عينيك حتي تحفر في ذاكرتك و كأن كاهن مصري بمطرقة يدقها في رأسك .. و لكن بكم عملت .. أنت تعلم الرب و اليسوع و الأم البتول مريم .. كم أحببتهم بجماع نفسك حتي أخرجك حبهم من طينة نفسك .. أنت أيها الراهب .. في زيك الكهنوتي .. و يداك المباركة .. كم أذنبت .. هل تجرأ على حصر خطاياك .. هل تستطيع حملها بثقلها و جناها .. كم أحببت بصدق ليغفر لك ما اقترفت .. حتي الخادم الذي أفضي لك بالسر الذي قلب حياتك رأسا على عقب .. لم يكن ليفضي به اليك الا اذا لم يجببك .. أيها الخادم .. ان كان في العمر بقية .. و ان وسع اللسان الكلام بعد ما حدث و ان وجدت اجابة لسؤالي سأعترف لك بأغلي حكمة تعلمتها من كل ما مضي من عمري .. ان اردت الاصلاح .. فامنح الحب


*


وجد الخادم نفسه في حالة من الضيق .. انغمس في فرحة كبيرة عند الاقبال و سحقته حالة حزن مضنية عندما نفروا كعادتهم القديمة .. وجد نفسه ينزل الي الناس و يسأل ما جري .. ما جري .. جذبه أحدهم من ذراعه .. و حدثه صادقا .. حكي له عن رجل أمرد مهيب عظيم البنيان و الحنان .. منحهم شعور صادق بالحب كما لم يجربوه من قبل .. و ازاء ما فعله .. لم يجد الناس ما يفعلوه سوي حب الرب .. و عندما غاب الرجل غاب ما كان يعتمل في الصدور .. فغابت الرغبة في حب الرب .. اشتعل فضول الخادم .. سأل متي حضر الرجل و متي انصرف عنكم .. صدمته الاجابة .. و عندما سأل أي تغيير طرأ عليه جعله يعرض عن فعله .. قال محدثه .. موقف جليل .. كشر فيه الرجل عن أنيابه .. تحول .. من الحاني الي وحش ربما هو نفسه لم يكن يدرك أنه بداخله .. استمع للموقف .. و أعاد السؤال عن ظهور الرجل و اختفاءه .. فجري فجأة من أمام محدثه و ندم على كثير من الظنون .. و قرر أن يعانق هذا الرجل المبارك


*


أيها الرب .. فكرت كثيرا .. و احترت أكثر .. ماذا حدث .. ماذا جري لي .. أيها الرب .. أنت في علياءك تري كل شئ و تسمع كل شئ .. اسمحلي أن أقص عليك ما جري علي عبدك المخلص .. و تقبل ظني و وجهة نظري .. و أسألك الرشد و النصح و الراحة .. أيها الرب .. مارست ما اعتقدت أنه مرادك من الخلق .. و أخلصت .. و أنت الأدري و الأعلم بخفايا القلوب و بواطنها .. كنت أعانق الناس جميعا .. آمنت أن القبس النوراني الذي أودعته في بالرهبنة أولي أن يذوقه الناس حبا في صدورهم بدلا من ثرثرة أسبوعية .. سامحني ان اخطأت .. و لكني اعتقدت اني أخلصت .. حتي هممت بعناق رجل بدوي .. لم يستوقفني أنه من خارج المدينة .. و لكنه نظر الي و سألني عن ديانتي .. فقلت خادم اليسوع المخلص .. نظر الي في وعيد و صاح .. ألا تعلم أنك كافر .. ألم تسمع ببعثة النبي الخاتم في الجزيرة القريبة منكم .. صاح في الناس .. يا معشر القوم .. هذا رجل كافر .. يؤمن بأن عيسي اله و لقد بعث في الجزيرة القريبة رجل يفند ما يقول .. أيها الرب .. لم أتمالك نفسي .. اجتاحتني رغبة صارخة في قتله .. لم أشعر بالدنيا من حولي الا و قد صفعته على وجهه و الدماء تنتطلق ينبوعا صغيرا من شفتيه .. ركضت بكل ما أوتيت من قوة الي بيتك .. أيها الرب .. أنا أومن بك .. بل و قرأت عمن يقول في كتبك .. و لكن غضبي كان شديد .. لقد رفض ما وددت منحه .. أيها الرب .. لقد فكرت كثيرا .. الأمر ليس يمت بالدين بصلة .. و لكنه يمت لي بمرض قديم .. أيها الرب .. كيف أعانق نفسي .. كيف أمنح نفسي الحب الذي به أتقبل مرادك .. أيها الرب .. لم أجد اجابة .. كيف أعانق نفسي

Friday, July 16, 2010

قالوا


قلت انا مش قد قلمي

قلت انا يكفيني ألمي

قلت انا مالي : انا استرزق و اعيش

و الهرب في الاستذة زيه مافيش

و المراكز و الجوايز و الذي ما بينتهيش

قلت اخبي نفسي جوا كام كتاب

قلت اشغل روحي بالقول و الحساب

و المقابلات و المجالس

و الجماعة مخلصينلك كل حاجة

ايوه خالص

بس برضك و انت جالس

القلم صحصح و نط الحرف منه

لوحده بيخزق عينيا

و ابتدا قلمي يحرجني انا

قالي بالذمة

لو كنت صحيح بني آدم .. بتحس

و الناس قدامك في ألمهم و ف فرحتهم

و ف كسرتهم و ف ميلة البخت

مش ترسمهم للناس

الناس التانية

اللي مش قادرة تقول آه عند الدكتور

اصل الآه الموده غالية

لازم بالحجز

لازم بالدور

مش يمكن ناسنا الغلبانة اللي لسه ماصبهاش الدور

ينتبهوا قبل الدحديرة قبل ما يغرقوا في الطين

و لا السبوبة حاتتعطل لو ذعت السر

و لا انت جبان؟
*
يحيي الرخاوي

Tuesday, July 13, 2010

عن التمرد


تنبيه هام: كتبت هذه الكلمات في ظروف غضبي و مليئة بالنرفزة و السخط
رجاء: لأصحاب القلوب المرهفة .. لا تقرأ
اعتذار: لو قريت برضه و نفضت للسطرين اللي فوق .. فمعلش بقه .. كانت حالتي مش كويسة .. و البلوج ده بتاعي اكتب فيه على كيفي
*
ايه يعني
لما اتمرد انا
يعني هي جت عليا
ولا يعني الدنيا خلصت
‏*‏
ايه
عمرك ما شفت
شجرة خرمت الرصيف
و مهماش سير المرور
و حلفت لا تطلع وسط الطريق
‏*‏
ايه
عمرك ما شفت ست كبيرة
و كل حاجة فيها كبيرة
ماشية تدلع على شط مصيف
لابسة بمنتهي البرود
مايوه بكيني
‏*
ايه
ولا عمرك ما شفت
راجل سنانه بتقع و ضهره انحني
و شايل ورد و رايح من ورا احفاده
يتقدم لآنسة لسه جسمها فاير امبارح
‏*‏
ايه
عمرك ما شفت فنانة
بدأت مجدها
بفستان مبلول مبين حلمتها
بطول مسترش حتي فخدها
‏*
ايه
عمرك ما شفت خليجي
ضارب تي شيرت شبه كيس الزبالة

و زعطلون مجسم مخاصيه

و اللي فوقيه

*

ايه

عمرك ما شفت

بنت بواب مستغفلة اهلها

و نازلة تأجر نفسها

بخمسين حنيه في عربية او على الرصيف

و للبياتة أكلة و دش نضيف

*

ايه

عمرك ما شفت

واد عضلاته مفتولة

و اتقدم لبنت معقولة

لما نام معها و شبع

رملها الدبلة في وشها بصورة غير مقبولة

*

ايه

عمرك ما شفت

محجبة

لابزة بلوزة شفتشي

و بنطلون الواطية من لبسه تختشي

و بخصلة شعر مدلدلة

*

ايه

عمرك ما شفت

الملتحي

اللي من كتر الصلاة قورته اسودت

لما تتعامل معاه

تقول انا من السنة نفسي انسدت

*

ايه

عمرك ما شفت

واحدة لابسة اسدال

تشوفها تقول ده الاحتشام

تقف جنبها عربية

تركب في الحال

*

ايه

عمرك ما شفت

ولا

طول الوقت ليك مبتسم

و للود ليك بيرتسم

لحد ما ياخطف منك مصلحة

*

ايه

عمرك ما شفت

الخطيب بيحكي وصايا الحبيب

و خلص دعاه و اعلن الصلاة

و قصاد الجامع

قهوة عمرانة بالمشيشين

*

ايه

عمرك قبل كده

من أقرب الناس اتأذيت

و لما جيت

بعد ما هديت

توضح السبب

راجي بنبل ازالة الخلاف و بارادتك

كسر برضه بخاطرك

*

ايه

عمرك ما عشت

طول عمرك فاكر انك سليم

و عندك طموح عالي و اهداف في الصميم

و ذات فجأة تكتشف

انك عيان

انك مريض

و تعاني من الاكتشاف الأليم

*

ايه

عمرك ما قدرت

فلان

و اتعاملت معاه بمنتهي الصدق و الحنان

و لما مر الزمان

بدرت منه

حركات نقص و عدم امتنان

*

ايه

عمرك ما اتظلمت في الثانوية

و لا في درجات الكلية

و لا زقك التنسيق على مكان مهبب

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن مصلحة

في اي مصلحة ما بتمشيش

الا بحباية فياجرا

او تربة او فرشة حشيش

*

ايه

عمرك ما عملت

حادثة

وانت كنت مية في المية في السليم

و نزل الافندي سمعك كلمتين

*

ايه

عمرك ما جربت

لما تتقفش في لجنة

و عساكر و ظبابيط يزنقوك

ورقة بعشرين تنقذك

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن شاب انقتل

او ساح في دمه لمجرد هبل

او طفل بالصدفة اندبح

او حد آذي نفسه قدام كل البشر

*

ايه

عمرك ما شفت

اللي ما يسواش طالع فيها

و اللي يستاهل تقله دهب

مدفون و منسي في الحضيض

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن زين الشباب

لما فارقتهم المرحومة أمل

راحوا يدوروا في حلم الهروب

رجعوا جثث

و سيرتهم تتحدف بالطوب

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن اللي رسموا نبينا خنزير

ولا اللي بيقولو دينا دين حقير

ولا اللي بيقولو ان أمنا مريم زانية

ولا اللي كتبوا عن نبينا نوح انه شاذ

و لا اللي بيشتموا في الصحابة يوماتي بالمجاز

*

ايه

عمرك ما شفت

الحج للوجاهة

والزكاة اعلان دعاية

والصوم منعة أكل و شتايم مافيش مانع

والصلاة واجب روتيني

و الذكر و القرآن للشحاتة

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن فريق في لعبة

لما أراد يكسب

استشار حيوان

و لا كأننا بنشوف قريش

و أزلامهم قصاد الكعبة

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن كنيسة في ايطاليا

رهبانها ينادوا بالتسامح في الازمات

وهمه من جوه

نازلين تحرش في البنات

*

ايه

عمرك ما شفت

سفاح عايش في الامان

و حكومة مش لاقية مكانها ع الخريطة

و حكومة نجسة مدعومة م الامريكان

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن بلد

تجاور بلد عدوة

بينهم حروب و دم

بس المسئولين الود بينهم ممتاز

لأ و كمان تصدرلهم غاز

*

ايه

عمرك ما سمعت

عن راجل شاطر

فوق العشرين سنة محافظ على شغله

رغم ان كتير من الناس مش طايقة صورته

و مع ذلك مشغل مراته معاه

و بيحاول يورث الشغلانه لابنه

*

ايه

بقه كل ده

عدا عادي

و انا بقه

لما اتمرد

تقول اصل و فصل

*

على فكرة

انا كان ممكن اكون

حد غيري

شخص تاني

بس ربنا

اختارلي أنا

ليه

هو اللي عارف

*

على فكرة

كان ممكن اكون

شغال في الفاعل

بتنفس تراب

و ايديا متشققة

بس كنت حبني للناس سكن

*

على فكرة

كان ممكن اكون

ضخم و شعري طويل

واقف على باب كازينو في شارع الهرم

أأمن لهو اللاهين

*

على فكرة

كان ممكن اكون

ويتر حرك في كافيه

انزل النسكافيه للهانم و البيه

يشربوا و يتمزجوا

و اطلع بتيبس انما ايه

*

على فكرة

كان ممكن اكون

سايس

احط طوبة هنا و قمع هناك

و اركن البنات المدلعة

و المس ايديهم بقلة أدب

و همه بيدوني الفكة

*

على فكرة

كان ممكن اكون

طيار

كل ليلة في بلد و كل نهار

اطلع بمهارة و لما آجي انزل

اسمع الركاب يسقفوا

*

على فكرة

كان ممكن اكون

كاتب شفيف

حسه نضيف

قلمه شريف

يقوم الدنيا بخط لطيف

*

على فكرة

كان ممكن اكون

من الاحرار

ظابط مناضل في مقدمة الثوار

يطلع حليم يغنيلي

و اطرد من بلدنا ملك حمار

*

على فكرة

كان ممكن اكون

صحابي

و اشيل سيفي في غزوة

و اطير رقاب

أعتي و أكبر الكفار

*

على فكرة

كان ممكن اكون

رائد فضاء

بشرب غدايا محلول محلول

و اتفرج بعينيا على السما الواسعة

و الكواكب و جمالها و النجوم

*

على فكرة

كان ممكن اكون

دكتور نفساوي

آخد بايد المهموم و المبتلي

اكلمه عنه وازيل بعون الله

اي جنون

*

على فكرة

كان ممكن اكون

رسام

في ايدا فرشة

و لوحة بيضا منورة و الوان

ارسم جمال الدنيا

و احط لمساتي

و ينشرح بسببها شخص

*

على فكرة

كان ممكن اكون

شيخ بجلابية

حافظ و صوتي يبكي

كل اللي يصلوا ورايا في الحرم

*

على فكرة

كان ممكن اكون

مخترع

بنسي الايام في المعمل

اطلع في آخر السنة

بدوا يشفي اللي فقد الامل

او جهاز

عشان احتياجات الناس تكتمل

*

على فكرة

كان ممكن اكون

مجرم خطير

اموت برصاصة

و اقطع الجثة و اطير

*

على فكرة

كان ممكن اكون

عازف جيتار

او عازف عود

صوابعي باللعب في الاوتار

تهز وجدان

مستمعين كتار

*

على فكرة

كان ممكن اكون

عصفور صغير

املا الصباح تغريد

فتفوتة تكفيني

و جناحاتي فين مانا عايز

توديني

*

على فكرة

كان ممكن اكون

قطة ملونة

عينيها تنور في الضلام

و كلها خوفها

م الكلب اللي متربص قدام

*

على فكرة

كان ممكن اكون

حصان أصيل

جسمه مبهر

و سرعته تشد العقول

في السبق رهانه مضمون

*

على فكرة

كان ممكن اكون

سمكة حلوة مزركشة

حوالي اعشاب كبيرة زاهية

و دايما دايما تلاقيني في الميه

و ماليش غير العوم غيه

*

على فكرة

كان ممكن اكون

صخرة كبيرة في الهرم

تقاوم تقلبات الزمان

و تكون من العجائب

*

على فكرة

كان ممكن اكون

نبات اخضر

فوق الغصون

اضلل ع البشر

و افرز ثمار

و اوهب لهم بقدرة ربي

هوا نضيف يتنفسوه

*

على فكرة

كان ممكن اكون

نجمة في قلب السما

بعيد بعيد مكاني

و يمكن يكون راح زماني

بس ضيي واضح للعيان

و بزين فوقيك المكان

و تعدني لما تكون عاشق ولهان

و تتونس بيا لما تكون في قلب البحر رسيان

و نوري الصغنن يديك أمل

و في ليلك و انت سرحان

اديك احساس بالجمال

و اشجعك على القتال

في دنيا ملغوصة

*

يبقي ايه يعني

لما اتمرد انا

و على فكرة

كان ممكن اكون

اي حاجة

في اي حتة

في اي زمن

بس ربنا اختارلي انا

ليه

هو الخبير

*

يا رب

انت الاله

واحنا العبيد

كلنا عبيد

عايشين من اكلك

و من شربك

و من هواك

ده حتي الفكر و الحركة و النصيب

من خزاينك

يا رب

يا اللي قدرتك مالهاش حدود

ياللي انت ومفيش غيرك

صاحب الخلود

يا خالق كل شئ عارفينه و منعرهوش

و ممسكش تعب أو لغوب

و معجزاتك يوماتي بتحصل

و كرمك ع الكافر مش منقطع

و سترك ع العاصي مستمر

و باب توبتك عمره ما انقفل

و حبك لينا و سر خلقنا

يا رب يا كبير

يا رب أمرك ما في قوة تمنعه

و عطفك ما في شئ يساويه

و قوتك ما في شئ يضاهيه

و حكمتك ما في حد يحيط بيه

اوعي تسيبني

او تتخلي عني

ده انا من غيرك ماسويش