Sunday, November 29, 2009

عن مصر و الجزائر


عزيزي القارئ .. اذا كنت من الذين انجرفوا في تيار الكراهية تجاه كل ما هو جزائري و سلمت رأسك و أذنك و مشاعرك لكل من يجاهر بالمقت للجزائر .. فأنصحك ألا تضع وقتك في قراءة السطور التالية .. هناك كلمات تستطيع قراءتها في اماكن اخري ستساعدك على تأجيج غضبك و شحن كيانك بمزيد من المبررات ليتعاظم كرهك للجزائر .. اما ان كان لديك متسع بالغ الصغر في تجاويف صدرك للانصات الي كلمات محايدة او ان كان مازال في قلبك ذرة لم تتلون بالسواد بعد .. فاقرأ السطور التالية و اقرأ كل كلمة تكتب فيها حياد في اي مكان

*

لقد كنت على وشك البكاء عندما اضاع المنتخب المصري الفرصة في الدخول الي كأس العالم .. كان أداء غير مرضي بالمرة .. خاصة الشوط الثاني .. انا الذي غير ضليع بتاتا بكل ما يمت لكرة القدم بصلة تأففت و مللت و كدت أبصق على جهاز التلفزيون المسكين في الشوط الثاني .. المباراة الاولي التي انعقدت في مصر و حقق فيها المنتخب فوز بشق الانفس اعقبته احتفالات مبهجة و غاية في المرح .. لن أنسي تجمهر الناس في ميادين المعادي كلها .. نيران البيروسول و صياح الشباب و بواب عمارتنا الذي حاول خطف علم مصر من احدهم ليرقص باخلاص .. و لقد شاهدت مساء يوم المباراة التي انعقدت في مصر التلفزيون و هو ينقل بث مباشر من السودان .. و السودانيين بسم الله ما شاء الله رافعين اعلام مصر و هتافات في الافق بتحيا مصر تحيا مصر .. اندهشت بشدة .. انا شخصيا لا استطيع ان امسك علم بلد أخري و اهتف باسمها .. تفاءلت .. و وقت المباراة انقطعت للمشاهدة .. و كنت على يقين ان الفوز سهل و راودني احساس غامض اننا سنفوز بتاع تلاتة صفر كده و نكبس الجزائر و نطلعها و نطلع لكاس العالم .. و تفاءل الناس كافة فاندفعوا يسافرون للسودان ليشاهدوا النصر المظفر و عضض الاعلام من حماسة الناس و اذاعت كل الوسائل الاعلامية الاغاني التي نسمعها في ستة اكتوبر و كادت تذيع افلام من طراز الطريق الي ايلات .. و بات الكلام و الحديث في المواصلات و الاشغال و النت و كل فم عن الماتش المرتقب و الفوز الموعود .. و نحن شعب نعرف كيف نتمني و نمني انفسنا بتحقيق الحلم قبل حدوثه .. و تفاءلنا بجمال مبارك الذي تسلط عليه الكاميرا في لحظات الفوز فقط .. و رحنا نردد شعارات الاستاد و هتافاتها .. و انتشر علم مصر في البلاكونات و فوق السيارات و على الارصفة .. تجهزت المقاهي و تفرغ الناس و تطوع التلفزيون المصري بقنواته الارضية كافة بنقل الماتش على الهواء .. و زار الرئيس المنتخب و ضحك معاهم .. و بدأت تنسج اساطير شعبية حول حسن شحاتة و فرقته .. ثم جاءت المباراة .. و خسرنا .. و انطفأ كل ما سبق .. و لكن امر جديد اشتعل .. و بدأ الاعلام ينقل الصورة الواقعية .. المصريين في السودان يتم ترويعهم نفسيا و جسديا .. السودانيين غمروا انفسهم بأعلام الجزائر .. الاوتوبيسات التي تحمل مصريين محطمة الزجاج .. المكالمات تنهال على البرامج استغاثة .. الاسلحة البيضاء شهرت .. الخطر يحدق بكل لون احمر في السودان و في الجزائر .. صرخات ممثلين و شهادة ناس رأوا التهديد رأي العين و جلود ممزقة و دامية

*

التاريخ الذي يسكن الكتب فوق الرفوف المنسية يدخر لنا مفاجآت .. ماذا يقول التاريخ .. يحكي عن حرب قامت على مصر سنة 1956 .. اعتقد انك سمعت عن حرب 56 من قبل .. اشتهرت باسم العدوان الثلاثي .. يعلم اغلب الناس (خاصة بعد دور احمد زكي في فيلم ناصر 56) انها قامت بسبب تأميم القنال .. فعندما اعلن الرئيس جمال عبدالناصر انه أمم قناة السويس هرعت بريطانيا بشن الحرب علينا .. هذا ما يشاع .. سألت العلامة جوجل عن العدوان الثلاثي و من هم الثلاثي ان كانت بريطانيا هي التي شنت الحرب .. اجاب جوجل بسخاءه المعهود .. و الحق اني صعقت .. العدوان الثلاثي كان من ثلاثة دول .. بريطانيا و ذلك لمصالحها في قناة السويس .. اسرائيل لأننا كنا بدأنا نجلب أسلحة من الاتحاد السوفييتي مما يمس امن اسرائيل .. و الطرف الثالث هو فرنسا .. اما سبب دخولها في الحرب ... هو مساندة مصر لتحرير الجزائر من الاحتلال الفرنسي .. الأدهي ان الحرب قامت في نفس هذه الايام .. يعني في نوفمبر 56 كنا نحارب من اجل الجزائر و في نوفمبر 2009 كنا نحارب بعض .. ماذا يقول التاريخ ايضا .. يحكي التاريخ عن نكسة 1967 التي غيرت الفكر المصري و العربي كله .. يسرد التاريخ ان رئيس الجزائر آنذاك بعد الحرب توجه للاتحاد السوفيتي و كتب شيك على بياض من اجل ثمن الاسلحة التي استخدمتها مصر و هزأهم و رمي الشيك في وشهم .. اذا التاريخ يقول ان مصر و الجزائر كانوا شركاء كفاح بحق و حقيق .. ده غير ان مركز التخطيط و هيئة تحرير الجزائر وقتها كانت في مصر .. لذا فان ما يحدث هو نقض تام لكل ما يختزنه التاريخ من قصص مؤثرة و بطولات مشرفة

*

جاء النبي محمد صلي الله عليه و سلم من اشرف بيت في الحجاز كافة و من قريش خاصة .. جاء النبي من الاسرة الاعلي مكانا بين العرب .. حتي ان المؤرخين اثبتوا ان اجداد النبي العرب الاول هم من سموا الشهور العربية بالاسماء التي نعرفها الآن (رجب و شعبان و رمضان الخ الخ) .. ومع ذلك فقد انقلب العرب عليه بعد نبوته .. و لا احتاج ان اسرد عليك ما عاناه النبي محمد صلي الله عليه و سلم في بعثته .. فمن سب الي سخرية الي اتهام الي هجرة الي اصابات الي آخره مما تزخر به كتب السيرة .. فلماذا كان يعاني النبي صلي الله عليه و سلم .. لقد صبر و تحمل و بلغ رسالته من أجل ان تكون انت عزيزي القارئ مسلم بسهولة و يسر .. و قد كان .. طيب جميل .. هذا النبي الذي كان همه ان يدخل الناس كافة في رحمة الله عندما كان يحتضر و يموت و روحه تطلع بين اصحابه و بناته بماذا اوصي .. آخر فرصة للكلام تتاح للنبي المسئول عن هداية البشر جميعا الي يوم القيامة .. ماذا قال .. أوصي فيما أوصي بحرمانية دم المسلم و ماله و عرضه .. و لك ان تفتح اي كتاب عن السيرة و تقرأ خطبة الوداع

*

من الجميل و الممتع ان تكرس جميع اجهزة الاعلام من اجل هدف واحد .. و ان يتحد فنانو مصر تحت سفح الهرم للتنديد بقضية واحدة .. و من الجميل و الممتع ان نسمع صوت علاء مبارك و هو يشارك الجمهور المصري معاناته .. من الجميل و الممتع ان نري الرئيس يجتمع بالمنتخب في مصر ليشد من أزره ثم بحكومته من أجل اتخاذ القرار المناسب تجاه أزمتنا مع الجزائر .. كل هذا جميل و ممتع .. و من اجل ماتش كورة تسبب في أزمة .. اما ان يكون هناك مصريين لا يجدون ماء نظيف و نحن في بلد النيل فهذا امر فرعي .. و اما ان يتواجد خبراء اسرائيليين في السد العالي فهذا امر فرعي .. و اما ان يموت مصريين على الحدود في سيناء من رصاص اسرائيلي فهذا امر فرعي .. اما ان يصطبح الغزاوي في عيد الاضحي يقصف من الجانب الاسرائيلي فهذا امر فرعي .. و اما ان تحاك خطط لتقسيم العراق الي دويلات فهذا امر فرعي .. و اما ان ينقسم السودان الي شمال و جنوب منفصلين فهذا امر فرعي .. و اما ان تتفاوض اسرائيل مع دول حوض النيل حول حصة مصر من الماء فهذا امر فرعي .. اما ان يقبض الموظفين المصريين مائة و ستون جنيه مرتب شهري فهذا امر فرعي .. اما ان تتكرر نفس الحوادث و تزهق ارواح جديدة لمصريين فهذا امر فرعي .. اما ان يستمر رئيس على كرسي فوق الخمسة و عشرين سنة لأنه احسن من اللي مانعرفوش فهذا امر فرعي .. اما ان يمثل جمال مبارك مصر في محافل دولية فامر فرعي .. اما ان يختفي علاء مبارك تماما ثم يعمل راجل في مكالمة عن ماتش فيحبه الناس فامر عادي .. اما ان تتراكم الزبالة اكوام في الشوارع فامر فرعي .. انما سيبك انت .. طالما بتشتم في الجزائر يبقي كله تمام

*

انها مسخرة .. مهزلة .. ان نصل الي هذه النقطة .. المصري مخطئ عندما تعدي على الجزائريين في استاد القاهرة و توعد بأن تكون مقبرته و رمي بحجر على حافلاته .. و لكن التاريخ سيسجل ان حتي هذه اللحظة لم نحطم اي مصالح جزائرية في مصر .. حتي المظاهرة التي خرجت عند سفارة الجزائر كانت يادوب شتائم .. اما ان يتم تكسير المصالح المصرية في الجزائر .. فهذا مخيف .. اذا داست الأزمة على المشاعر .. فهذا أمر متوقع في عصر الجماهير الغفيرة .. اما ان يدوس السياسة .. فهذا في مصلحة الحكومات لتحقق مكاسب رخيصة .. اما ان يدوس على المعتقدات التي في الصدور .. فهذا امر اعتدنا عليه من كثرة مشاهدة المذابح في التلفزيون .. اما ان يدوس التجارة .. فهذا مخيف و مرعب .. عندئذ لن يكون هناك ادني سبب للصلح .. و ستكون القطيعة مهيأة تماما بل و حل منطقي .. انا لا افهم ماذا يدور في رأس انسان نوي ان يخرج من بيته لا لشئ الا ان يحطم مكان عمل مواطنين و كل ذنب مكان العمل انه مصري الجنسية .. كيف يغيب عنه انها مصالح مشتركة و انه هناك بيوت رزقها في هذه الاماكن .. بيوت جزائرية و مصرية .. لا أفهم .. و على فكرة جمهور مصر انضرب على خوانة .. لقد أرسلنا جمهور يريد ان يسهر سهرة حلوة .. يريد ان يشاهد مباراة كرة قدم .. على سبيل المثال كم امرأة رأيتها في مدرجات الجزائر مقارنة بمدرجات مصر .. نحن ذهبنا لكي نقضي وقت حلو .. لو كنا نعلم ماذا سيصنعون .. لكانت اختلفت الحسابات .. فنحن لن نرسل اهل السجون .. كلا .. هم لا يستطيعون ان يتحملوهم .. كفاية كم واحد من شبرا على كام صعيدي على كام منوفي و خلصت القصة و من غير اسلحة كمان .. و لكن الامر ابعد من الجماهير و اعمق من ماتش .. هناك سؤال هام جدا .. ماذا لو لعبت اي دولتين عربيتين و تكرر الامر بنفس الطريقة .. هل وصلت العلاقات بين العرب الي هذه الهشاشة .. ماتش يؤدي الي سحب السفير

*

في النهاية .. أنا رأيي ان كل ما يحدث مسخرة و يجب ان تنتهي .. و يجب ان نطوي هذه الصفحة لأن كراهية الجزائر لن ترفعنا من موقعنا في دول العالم الثالث و لن تكون سبب دخولنا الجنة .. الجزائر اخطأت و يجب ان تعتذر على مستوي سياسي رفيع المستوي .. ولكن سواء حدث هذا او لم يحدث هناك اشياء اهم بكتييييييييييييييييييير من كره الجزائر

فما رأيكم دام فضلكم

قالوا


و هذا نفس ما يحدث في امتحانات نهاية العام. فلو أن الجامعة اعتمدت الناجحين على اساس آراء الاساتذة لادعي كل واحد من الطلبة انه لو امتحن لكان الاول مع مرتبة الشرف ! لقد وضعت الجامعة نظام الامتحانات لا لأنها تجهل الاجابات التي حددتها في الاسئلة و انما ليكون الطالب شهيدا على نفسه ، حتي اذا جاء مجادلا جاءوا بأوراقه. واذا جئت انت مجادلا يوم القيامة جاءوا بكتابك

*

الشيخ محمد متولي الشعراوي

Friday, November 13, 2009

عن مصطفي محمود و البرادعي


لا يمكن ان يمر موت الدكتور مصطفي محمود هكذا .. لابد ان ارثيه ولو بكلمات تافهة و بسيطة .. بداية أعزي كل قارئ لكلمة الدكتور مصطفي محمود .. لقد انتقل الي رحمة الله .. فارق دنيانا .. الدنيا التي امتلأت بسيرته و حواراته و القضايا التي فجرها و الزلازل الفكرية التي أحدثها .. الدنيا التي لم تحتمل عصيانه على التسليم للاسلام ثم لم تحتمل عودته في كنف الاسلام بتمام الاقتناع و الحب .. الدنيا التي حجب أهلها كتابه الله و الانسان .. الدنيا التي كرمته بجائزة الدولة عن روايته "رجل تحت الصفر" ثم عادت و أهملته فاذا بحثت عن هذا الكتاب لن تجده الا بشق الانفس .. الدنيا التي ترك فيها مسجد و مستشفي و متحف و مختبر محمود .. علامة المهندسين الخالدة و مقصد صلاة العيد لجموع المصريين .. الدنيا التي استقبلت منه جهد حثيث و عروض شيقة في برنامجه الخالد على اليوتيوب " العلم و الايمان" .. الدنيا التي حفلت مكتباتها و يا للعجب اي مكتبة في اي مكان لن يخلو من كتبه .. و كلماته درر صوفية و مواضيعه شديدة التميز شديدة البساطة و لكنها تخاطب أعقد المشاكل الفلسفية و العقائدية و النفسية .. اذا قرأت كتاب واحد فكأنك قرأت كل كتبه .. اللغة واحدة و المواضيع واحدة و الرأي واحد .. و لو قرأت كل كتبه ستظل تبحث عن زيادة .. كتب القصة القصيرة تحفة ابداعية .. و رواياته شديدة البساطة و فيها من الفيوض العلمية و الفلسفية ما يجعل مخ القارئ في دوخة .. و كتبه الاخري كالسبابة التي ترتفع في تشهد الصلاة كلها تشير الي الله .. من كل الجوانب الانسانية و العقلية .. حكي عن الدنيا و عظماءها و الآخرة و عظماءها .. ليست الكتابة من برج عاجي .. و انما كتابة من قعر الوجدان .. كتب المقال في مجلة الشباب ثم الاهرام لفترة .. ثم هلعت ذات مرة لأن المقالات بدأت تتكرر .. علمت انها النهاية .. و تواري العالم الذي أقر دائما و أبدا بفضل قلمه على .. انا شخصيا اشتقت كثيرا لمقالاته طيلة حياته .. كنت احتاج الي رأيه فيما يدور من خطوب في هذا الزمان .. ثم صرت ألهث وراء اي صحيفة او مجلة تذكر اسمه في خبر و لو من بعيد .. علمت انه اعتزل الدنيا و مكث في مكان بعيد عن الناس .. تردد انه فوق مسجده .. و تردد انه يعيش في صحبة الجن .. و نسي الدكتور مصطفي محمود .. و صار الكلام عنه كالكلام عن الاموات كحياته ككاتب و كتبه و ما ترك من ابداع تلفزيوني .. هل مات مصطفي محمود يوم هجر الكتابة ام مات منذ ايام بجسده .. الدكتور مصطفي محمود ألف عشرات الكتب البديعة .. انا قارئ للدكتور مصطفي محمود .. و افخر بذلك و افخر بامتلاكي تقريبا كل اصداراته الورقية .. أذكر اني بدأت القراءة باللغة العربية كتب احسان عبدالقدوس ثم حدث ما لا اذكره جعلني اقرأ لمصطفي محمود .. ولم اتركه الا بعد أن أجهزت على كل كتبه .. اسلوب خلاب خفيف غير تافه موضوعاته سامية تقرأ بغير ملل .. و أدين له بعد فضل الله عز و جل اني خضت في كتب يخشي مسلمون قراءتها لفرط ما فيها من شطط فكري و تخريف ديني مقنع .. و الي هذه اللحظة أدعي ان الحجج الذي ساقها مصطفي محمود في كتبه ردا على الملحدين و محاربي فكر الدين الاسلامي هي زادي الرادع بعد فضل الله عز و جل .. مصطفي محمود قامة مصرية رفيعة .. انا شخصيا لم أحضر شناته و رناته كنت صغير أو ربما لم أكن ولدت بعد .. و كنت أخشي و أرتعب من تتر العلم و الايمان و نفرت من مشاهدته .. اما كتبه فهي كنزي الذي كنت ألجأ اليه عندما تسوء بي الامور .. و مازلت و ستظل كنزي .. و التعامل في مصر مع القامات الرفيعة و كنوز العصر يكون جميل جدا بعد رحيل الشخص .. و ياليت حتي تم الاهتمام به و بأعماله بعد رحيله .. بل أزعم ان الاعلام الورقي و الاذاعي والتلفزيوني لم يلتفت اليه بالصورة الواجبة .. رحل الدكتور مصطفي محمود كما سنرحل جميعا .. و انه لمن المفجع ان ينقطع ابداعه الي الابد .. ليس من باب تقديسه .. فانه لا مصيبة في الدنيا أفجع من موت الرسول محمد صلي الله عليه و سلم .. ولكن من باب انقطاع خير انا شخصيا كنت ارتوي منه .. و بالمناسبة انا اسمي بالكامل مصطفي محمد حسين علي .. و قد كنت استخدم مصطفي حسين كاسم متداول لي .. ثم قررت تغييره الي مصطفي محمد لاسباب عدة من اهمها انها تذكرني بان اسمي قريب من اسمه .. و في النهاية احب ان انوه و انبه بكنوز هذا الزمن و قاماته السامقة قبل رحيلهم ليلحق بقراءتهم من يشاء .. ابراهيم اصلان و ابراهيم عبد المجيد و ابراهيم عيسي و بهاء طاهر و محمد المخزنجي و فهمي هويدي و احمد العايدي و محمد علاء الدين و عمر طاهر و جمال فهمي .. هؤلاء من أذكرهم و هم كنوز الكلمة في هذا العصر .. فأرجو الالتفات اليهم ان كنت قارئ .. لا يجب ان ننتظر ان يرحلوا لكي نمدح فيهم

*

واقع مصر السياسي محبط .. و يزيد في احباطه كثرة الكلام .. لأن احدا من المتكلمين لا يستطيع ان يغير شئ .. ترددت كثيرا قبل ان اكتب عن البرادعي .. و لكني قلت في النهاية يعني كل ده و منتكلمش .. يلا أهو كلام .. الانتخابات الرئاسية اذا بدأت تدق ابواب الكلام .. و راحت الاقلام تكتب و الصحف تنشر عن منافسي الرئيس الذين لم يتقدموا اصلا .. بداية كلنا نعلم ان مستقبل مصر السياسي و للأسف الشديد في يد حفنة من رجال سدنة مبارك و مبارك نفسه و في هذا بلاء للمصريين من الله تعالي .. و كلنا يعلم ان حتي لحظة كتابة هذه الكلمات ان الرئيس القادم مبارك الاب او النجل .. و مع ذلك اهو كلام .. لقد أدليت بصوتي في الانتخابات السابقة لأيمن نور .. لأنه كان بيتكلم جد .. كان يحمل مشروع اصلاحي .. ملف و ورق حتي انه نشر في جريدته التي اختفت و اندثر ذكرها نموذج للدستور الذي يبتغيه لهذا الوطن .. اذا كانت هناك مقومات مقنعة .. مش قميص و كرافتة من غير بدلة (راجع صور مبارك ايامها) .. و الان ان ترشح البرادعي للحكم سأعطيه صوتي و فوقيه بوسة ان اراد .. لماذا .. لأن البرادعي هو الوحيد بين اي مرشح حالي له خبرة سياسية حقيقة و ملموسة .. اولا مصر ذات نفسها لم توافق على ترشيحه لرئاسة هيئة الطاقة النووية .. يعني بالعربي اتخلت عنه .. و مع ذلك مسكها .. و بعد كده امريكا حاولت تسقطه و تشيله من منصبه .. امريكا ها واخد بالك .. و مع ذلك فضل موجود بحنكته .. و اعلن ان العراق خالية من اسلحة الدمار الشامل و يبادر بالتعاون مع ايران للحد من اي نشاط خطير فيما اره حيادي .. يعني ولا هو معقد و لا موالي للبيت الابيض ولا هو خادم مطيع لمبارك .. هذا كله طبعا على حد علمي .. و لكنه كافي لاقناعي .. ثم ان الراجل حاصل على نص نوبل .. و في السلام كمان .. راجل حقوقي .. و بصراحة حاجة تشرف .. طبعا من الخطأ الحكم على حد قبل السلطة .. مبارك نفسه كان مقاتل باسل و بطل قبل السلطة .. و لكني مازلت معتقد انه من افضل الاسماء المطروحة .. و انا متحمس ليه .. صحيح انا مش عارف هو حيحكم ازاي و لا هيعمل فينا ايه .. و لكن الحقيقة القاسية هي اننا في الأسوأ .. لن نتردي أكثر من ذلك .. و البرادعي نفسه له مساوئ كأي واحد في الدنيا .. منها مثلا انه مقيم خارج مصر منذ فترة غير قصيرة .. و هناك من لوح بأنه قد يكون كالدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة الذي هو نابغة طبية و عبقرية اقتصادية و لكنه من بيئة مرفهة لا يفهم احتياجات المصري البسيط و لم يحتك به بالصورة المطلوبة .. و هناك ما هو أسوأ .. ليس في البرادعي و لكن في تسمية اناس مثل البرادعي .. لقد نجح النظام ان يجعلنا نشعر بالقهر الذي به نطلب الحل من شخص بره مصر سمعته اكتسبها من الخارج .. يعني مصر مليئة اصلا بالكوادر فوق العظيمة و شخصيات قد تصلح احسن ميت مرة من الف برادعي و لكن النظام يدفنهم اول باول .. نعم لقد نجحوا .. الأدهي ان البرادعي لم يترشح رسمي و لا جاب السيرة في اي حتة هو فيها .. هل يترشح تحت الضغط الجماهيري المستغيث .. هل الموضوع مش في باله فلا يترشح فيخسر حب الناس التي تعلق عليه الآمال .. ام هل يترشح و ينافس مبارك او ابنه ليكون شكل الانتخابات درامي حقيقي و النتيجة برضه تطلع مبارك .. هل من امل في خروج السلطة من آل مبارك في شكل سلمي .. ام علينا ان نتجرع وجودهم حتي آخر رجل و فتي في عائلتهم الكريمة .. الاجابة للأيام

Wednesday, November 11, 2009

قالوا


و بعد .. فمن الحق ان نقول ان معجزة المسيح الكبري هي هذه المعجزة التاريخية التي بقيت على الزمن و لم تنقض بانقضاء ايامها في عصر الميلاد : رجل ينشأ في بيت نجار في قرية خاملة بين شعب مقهور .. يفتح بالكلمة دولا تضيع في اطوائها دولة الرومان ولا ينقضي عليه من الزمن في انجاز هذه الفتوح ما قضاه الجبابرة في ضم اقليم واحد .. قد يخضع الي حين ثم يتمرد و يخلع النير .. و لا يخضع كما خضع الناس للكلمة بالقلوب و الاجسام

*

عباس محمود العقاد