Saturday, September 5, 2009

عن الحارث


حميت الشمس .. و هوازن لا تطيق .. و عائلات هوازن يدركون انه عندما تحمي الشمس من فوقهم .. فانه سيكون عام أشهب .. سيسوده الجدب .. و يحرموا المطر .. و سيتربص بهم الجوع .. فقرر بنو سعد أن يخرجوا .. ان يخرجوا الي مكة .. أهل هوازن بدو .. و بنو سعد من أهل هوازن .. و أهل مكة يحبوا أن يودعوا أطفالهم الرضع عند البدو .. أهل مكة يستحسنوا لغة البدو و يسروا اذا ما نشأ أطفالهم على لسان البدو .. هي اذا شمس حامية واحدة .. ترهق أهل هوازن .. و تدفع أهل مكة الي اخراج أطفالهم الرضع .. حر مكة يتجاوز أي حر .. و وجهاء مكة اعتادوا مرضعات البدو .. يمكث الرضع عندهم حتي حين .. فخرج بنو سعد في ركب يقصدون مكة .. النساء و أزواجهم و أطفالهم .. ترفرف عليهم الآمال .. الا ان الحارث بن عبد العزي لم يرفرف عليه شئ .. فهو ينظر لزوجته و يصمت .. انها تركب على أتون عجفاء .. و باقي النساء يركبن على بغال بادية الصحة .. ينظر لزوجته و يصمت .. فهي نحيلة هزيلة ينظر لذبولها و يصمت .. حتي وصل الركب الي مكة .. هبط الجميع .. وجدوا البيت العتيق رابض بمكانه .. بحجارته العتيدة وأثره الثابت في أنفسهم .. هبط الجميع و طاف به .. و لما فرغوا لبثوا واقفين ينتظروا أشراف مكة و أطفالهم الرضع .. و توزعت النسوة على الأشراف .. يساومون الآباء الأثمان .. و يختاروا الأطفال ذكور ام اناث .. و يضربوا للأهل موعد لرجوع أطفالهم .. أما الحارث فوقف مكانه .. معه حليمة واقفة الي جواره .. تذكر مولودهما الذي تركاه في هوازن .. و تذكر انها مضت دون ان تجد في ثديها ما تطعمه به و صمت .. و راقب كيف يقبل الاشراف على المرضعات و ينصرفن عن زوجته و صمت .. فتحركت حليمة الي الاشراف بنفسها .. و كان امامها رجل مهيب مديد القامة ابيض الوجه مشرب بحمرة حسنه .. و كان يحمل لفة فيها رضيع و من وراءه سيدة يشع من وجهها نور لولا مسحة حزن باقية .. فلما دنت منه قال

"من انت"

قالت

"امرأة من بني سعد"

"ما اسمك"

"حليمة"

فقال

"بخ بخ سعد و حلم خصلتان فيهما خير الدهر و عز الأبد .. يا حليمة ان عندي غلاما"

قالت

"أنت أبوه"

قال

"لا .. أبوه قد مات"

صاحت

"يتيم"

فاهتزت المرأة التي كانت تقف على مقربة منهم

و أضافت حليمة

"انما نرجو المعروف من أبي الولد .. فأما أمه فماذا عسي أن تصنع الينا"

و لما سمعت المرضعات كلمة يتيم لاحظ الحارث ان كل المرضعات صرن يتجنبن الرجل المهيب بل و أخذن يرددن فيما بينهن كلمة يتيم .. و المرأة التي تقف على مقربة من الرجل المهيب و التي بدا و أنها أم الرضيع ينمو الأسي على وجهها .. و عرف الحارث في وجه الرجل أنه عبدالمطلب سيد بني هاشم .. فاندهش من علو مكانته و ما يلقاه الآن من اعراض و رضيعه من سخرية مكتومة .. و مضي الوقت و تأهب الركب للرحيل .. للعودة الي هوازن .. و قد حملت كل مرضعة رضيعا يكفل لها رزقا .. كلهن ماعدا واحدة .. فنظر الحارث الي النساء و من في أيديهن و نظر الي زوجته و الي ذراعيها الخاليين و صمت .. و نظرت حليمة الي الرجل المهيب و اذا برضيعه معه و نساء بني سعد كلهن في الركب .. لقد نبذوا اليتيم اذا .. نظرت لزوجها و قالت

"والله اني لأكره ان ارجع من بين صواحبي ليس معي رضيع .. لأنطلقن الي ذلك اليتيم"

و هبت حليمة الي السيدة التي اكتمل الأسي على وجهها لتتسلم منها الرضيع .. فعرفت حليمة ان السيدة من أشراف آل وهب و ان الرضيع الذي عرف باليتيم ولد منذ ثمانية ايام فقط .. تسلمت حليمة الرضيع في لفته وقد كان في ثوب صوف ابيض و قد راح في سبات .. فتناولته برفق خشية ان توقظه .. و لكنه فتح عينيه .. فدهمها حسنه و صدمها .. و وجدت نفسها تميل عليه فتقبله .. نظر الحارث الي زوجته و تمتم

"عسي ان يجعل الله لنا فيه بركة"

11 comments:

Ghada said...

صلى الله عليه و سلم
أكيد فيه خير و بركة

انت نقلت الكلام دا من حته و لا ايه؟

علي فكرة البوست جميل يا مصطفى بس انا ليا تعليق
كان ممكن يبقى أحلي لو كملت شوية و وضحته أكتر

كل سنة و انت طيب و رمضان كريم
:)

Ghada said...

أو ممكن ما كنش فهمت اللي انت تقصد تقوله من البوست ؟
يا ريت توضحلي أكتر

مصطفى محمد said...

ghada

اولا: هو انا اللي كتبه بصيغتي .. لكن الاحداث حقيقية و نص الكلام بتاع الحوار واخده زي ما هو .. فيه حاجات ممكن أألف فيها و في حاجات ما ينفعش

ثانيا: كل المقصود من القصة الصغنونة دي هي القاء الضوء على اللحظة اللي كانوا فيها بيدوروا على مرضعة للنبي صلي الله عليه و سلم و ازاي ان أحسن واحد خلقه ربنا في الدنيا عاملوه بالشكل ده .. احسن واحد خلقه ربنا في الدنيا اتقال عليه يتيم بشكل فيه نفور .. المقصود اصلا من كتابة الموضوع ده ان انا عندي مشروع أدبي في دماغي بحاول اعمله .. من الآخر الأدب حالة انسانية معينة .. و في حياة الانبياء في حاجات انسانية جدا جدا جدا .. زي اللحظة دي .. ازاي النبي اللي هو السبب في ان حاجة فيها اسمها اسلام كان في صغره بالشكل ده .. القصة بقه المفروض تاخد صياغة معينة تخلي اللي بيقرا يشارك في الاحداث .. يعني مش المفروض ان انا في اول القصة اقول والله الكلام ده حصل للنبي صلي الله عليه و سلم و هو صغير و ان شفتو ازاي الناس عاملوه .. القصة عبارة عن احداث مفروض توصلك حالة معينة .. يعني انا مثلا حاولت ما اقولش اسامي على قد ما اقدر .. ولا قلت محمد صلي الله عليه و سلم و لا قلت آمنة لأن اللي بيقرا المفروض يكمل الحتت دي .. و كمان القصة نهايتها مفتوحة .. لأن الموضوع بعد كده مش ضروري لمحتوي القصة دي .. كل ما هو مطلوب انه يوصل حتة اليتيم ده .. فأرجو اني اكون وفقت فيها .. لو مافهمتيش كده او فهمتي حاجة تانية قولي

طولت عليكي معلش
:)

Ghada said...

tamaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaam 2we
Ana fe3lan elly waslny e7sas el yotm bas sara7a makontish fahma enny da elly matlob :D

Don't worry enta wofekt feha :D

Ana lama fehmt weghet nazarak baset lel mawdo3 beshakl tany 7'ales :D

Sara7a ana makanish 3agbny we 23at 22ol eh elly howa katbo da :$ we keda :)

Ghada said...

Allah yenawer 3alek :D

We eh el mashro3 el 2daby elly enta bet2ol 3aleh da ??
E7na mish hane3raf nekalemak ba3d keda :D

Rbna ma3ak

We Ramadan karem
:D

مصطفى محمد said...

ghada

bitishta3'aleeny ya 3'ada we te2ooly post gameel .. kda

ed3eely isa mashroo3y yekmal

:)

Ghada said...

Laaaaaaaa ana mish bashta3'lak el post fe3ln 7elw bas ana makontish fahmah 2we kont shaifa enno momken ykon 27la
Bas 7a2e2y lama wada7t weghet nazarak 3agabny 2we 2we :D

Rbna ywafa2ak fe mashro3ak
We kol sana wenta tib

:)

mado80 said...

مصطفي محمد
صديقي العزيز

الله الله الله

ما شاء الله عليك بجد

علي فكره فعلا انا وصلت للحاله اللي انت بتقول عليها لغاده في ردك علي تعليقها

لقطه بجد معبره جدا
تخيل انت اعظم واشرف واكرم مخلوق علي وجه الارض كلها يحدث معه مثل ذلك
اسلوبك في نقل ما حدث مبهر

يااااه بجد الله عليك يا مصطفي


تحياتي لك ولكتاباتك

mado80 said...

انا قريت البوست تاني

وناوي اقراه تالت ورابع كمان

مع ان اي احد قرا السيره يعرف هذا الحدث بس اسلوبك في نقله بجد جميل جدا

ختامك للقصه بمقوله الحارث بن عبد العزي
عسي الله ان يجعل فيه بركه
جميل فكأنها كانت نبوءه منه فكل من يقرا السيره النبويه سوف يعلم ما البركه التي حلت بحليمه وزوجها وبيتها لرعايتها اعظم يتيم ولد علي وجه الارض

اللهم صلي علي سيدنا محمد

mado80 said...

مصطفي

صحيـــــح نسيت اقلك كل سنه وانت طيب
:)
عيد سعيد عليك ان شاء الله
:)

مصطفى محمد said...

مادو
صديقي العزيز

يا عم الكلام ده كتير والله

الحمدلله ان الحالة وصلت لك .. كده ممكن أعتبر نفسي نجحت .. على فكرة انا واخد نص الحوار زي ما هو من الكتاب اللي قريت فيه الواقعة دي .. يعني آخر جملة طلعت منه هو مش تأليفي .. انتظر قصص أخري على هذا الغرار ان شاء الله .. و أشكرك بشدة على مساندتك

و عيد سعيييييد عليك
:)